إن استيفاء شرط التكيف مع المرحلة المقبلة ، يتكئ على بُعد الرؤية ، وقدرة خلاّبة على الاكتناه والغوْر ، والإحاطة الكاملة والتامة بما يعتوِر الأمور ، ولا شكّ في أن السفرَ يسفر ويكشف ، وبخاصة عندما يلتقي القادة العظام على موائد التشاور ، لمصلحة أممهم ، وإعلاء بنيان أقطارهم ، فالسفر تغذيه روافد كثيرة لتحقيق كثير من الإنجازات ، ذات الاهتمام المشترك بين الدول ، وبخاصة إذا كانت تلك الدول ترتبط فيما بينها بأواصر المحبة والإخاء ، وعلاقات التعاون البنّاء ، إلى غير ذلك من الأمور التي لا تخفى على كلّ ذي مسكة من العقل .
أجل أيها السادة :
لقد أخذ جلالة مليكنا المفدى ، على عاتقه منذ تبوأ غارب الملك ، وجلس على أريكة العرش ، وقبض على أعنة الأمور ، أن لا يدّخر شيئا في كل ما من شأنه ، إعلاء مجد الأردن ، لتصبح في مصاف الدول المتقدمة أمنا وسلامة وحضارة ورفعة وسؤددا وتقدما ، نعم : إنه الملك الذي عاهد ربه ، وورث وصية الآباء والأجداد ، في بذل قصارى العناية ، يسير فيها بسراج منير ، ويتجلبب بعباءة اليقين ، يحدوه طموح كبير للوصول إلى مرامي سهام الأمم الأبية ، لتحقيق الأمن والاستقرار ، وتوفير حياة كريمة لأبناء شعبه الوفيّ ، متعهدا الأمور بنفسه ، لا يبالي في سبيل ذلك نصبا ولا تعبا ، بل يواصل آناء الليل بأطراف النهار ، حبّا بخدمة أبناء شعبه ، وشغفًا بنهضتهم ، حتى اشرأبّت إليه الأعناق ، وتعلقت بأريكة عرشه الآمال ، وهذا أمل معقودٌ بناصية الراية الهاشمية ، والشعب على يقين من الوصول إلى ضفاف العز ولو طال الزمن ، ولذلك ننظر إلى مستقبل الأوطان بمليء الثقة والاطمئنان ، وما أقرب اليوم من تباشير الغد ، وإنّ غدا لناظره لقريب ، أوليس الصبح بقريب ؟
وإنّ في العيان ما يغني عن البيان ، فجلالة مليكنا المفدى لا يدخر وُسْعًا ، ولا يألو جهدا في تخيّر الأسباب ، وانتخاب الطرق وابتكار الأساليب ، يدأب ويجد ويسعى ويكد أجل شعبه ، ورغبة في حياة سواه ، وإنّ لهذه الأسفار ، ما لها من التواصل والتقارب ، والتعاون والتشاور ، وتنطوي على أبعاد العُرى الوثيقة بينه وبين ملوك ورؤساء وقادة الدول العربية ، وفي هذا المقام يجب أن لا ننسى أسفاره إلى القرى والمدن الأردنية ، يتواصل من خلالها مع أبناء شعبه الوفي ، وهي تدل أيضا على عُرى المحبة التي تربطه بأبناء شعبه وأبناء شعبه به ،
وإنّا أبناء الشعب الأردني – وإن أكبرنا ذلك الثناء وأعظمنا تلك النعمة – لنحس في أعماق نفوسنا بدبيب الفخر والاعتزاز والنعمة والحبور ، بما حبانا الله ، تاج غرة الزمان ، وأريكة عرش هاشمي ، وراية عربية هاشمية ، وإنّ في عروقنا قطرات من دمها ، وفي أنفسنا نسمة من نفحاتها . حمى الله الأردن وعاش الملك .
الدكتور محمود سليم هياجنه
hayaj64@gmail.com