زاد الاردن الاخباري -
بأنامل مدرّبة وبشوق طُرِّز على عباءات الفرح ليعكس ما في نفوسهن من إبداع وموهبة جاءت مشغولات "البازار الأول لمركز إصلاح وتأهيل النساء"؛ ليثبتن أن وجودهن في المركز لا يعوقهن عن العطاء والإنتاج.
جهود السجينات تكلّلت بنجاح معرضهن الذي اختتم أول من أمس بعد ثلاثة أيام متواصلة من إقامته في المركز الثقافي الملكي؛ ليحقق "البازار" إنجازا متميزا لمنتوجات اختلطت حرفيتها العالية بعرق نساء تسلّحن بالصبر والأمل.
محتويات المعروضات التي استقطبت عدداً كبيرا من الزوار تركت صدى طيبا في نفوسهم لتنير أروقة المركز الثقافي، وقد اتّسم المعرض بتوفير احتياجات العائلة على اختلاف فئاتها، فعرضت البراويز وملابس الأطفال والنساء بما في ذلك الشالات والعباءات المطرزة بحرفية.
وكشف المعرض عن الجهود الكبيرة المبذولة بالتعاون مع مديرية الأمن والمتابعين من فنانين ومدربين مشرفين على تأهيل النزيلات وتطوير مهاراتهن وتعزيزها وإظهار مواهبهن الفنية وطاقاتهن المكبوتة، فتعددت اللوحات المرسومة بأيادٍ مكللة بالأمل لترسم أزهارا على مرايا عاكسة لأناتهن الدافئة المختلطة بالعذابات.
فتيات يافعات ونساء وأمهات جمعن أضواءهن في فوانيس مُنارة بألوان متفردة بالأحمر والأخضر، ورسمن على القماش أشكالاً وصورا حاكت كلّ منها قصة ذابت في غياهب العمل المتقن لتشكل لوحة فنية متميزة.
فيض حنان وعنفوان شباب وإصرار وتحدّ ظهر بأعمال نساء ما يزلن يقبعن في مركز الإصلاح؛ ليرسمن البسمة على ملابس حيكت للأطفال وليدفئن بشالاتهن الصوفية حضن أم وأب وعائلة ويثبتن قدرتهن على العطاء.
هذا البازار هو "الأول من نوعه الذي يقيمه المركز للنساء النزيلات"، وفق مديرة مركز إصلاح وتأهيل النساء المقدم نضال الجمل التي أوضحت أنه يهدف إلى "تشجيعهن ورفد إنتاجهن للمجتمع؛ ليدرك الجميع أنهن منتجات وفاعلات، ووجودهن في المركز لا يعوقهن عن العمل والعطاء والإبداع."
وأضافت أنه كان "فرصة جعلتهن يكشفن عن مواهب مدفونة جرى صقلها على أيدي مدربين وفنانين ومساعدين، بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية والمركز الوطني للتدريب المهني".
وللخروج بهذا البازار تلفت الجمل إلى أن النزيلات "راعين فيما قدم من مشغولات أذواق النساء، وركزن على أهمية تشكيل وتضمين اللوحات والرسومات التراثية والتطريز في الملابس، وحتى في اللوحات الفنية".
وتوضح الجمل أنه تم التعاون مع وزارة الثقافة؛ لتوفير قاعة المركز الثقافي الملكي، فضلا عن دعم وزارة التنمية ومؤسسة التدريب المهني اللتين تنظمان بشكل دائم دورات الخياطة والتريكو وصناعة الصوف وللنزيلات.
وشارك في المعرض معظم النساء النزيلات في المركز اللواتي ترواحت أعمارهن بين 20 و45 عاماً، وفق الجمل التي تنوّه إلى "أنهن أقبلن بشكل كبير على هذه الخطوة بوصفها متنفسا خلق لديهن حالة من الإبداع وتطوير مهاراتهن".
المدربة الحرفية ومصممة الأزياء الرقيب سوسن أبو عمشة شاركت النساء النزيلات فرحتهن بالمعرض من خلال تدريبها لهن لتكتشف بأن "طاقاتهن لم تكن هائلة فحسب بل تجاوزت الحدود، وهذا ما جعلهن يبدعن فيما حاكته أناملهن من منتوجات تدل على الإبداع".
وعن الآلية التي اتبعتها أبو عمشة في التدريب تقول إنها قسمت النزيلات لفئات مختلفة منها؛ الرسم والخياطة والتطريز، فضلا عن أنها استعانت بمدربات أخريات في التدريب وتطوير مهارات تانزيلات نحو الأفضل، منوهة إلى أن "المواهب لم تأخذ وقتاً طويلاً في التدريب بل أفسحت المجال أمامنا لنكتشف أنهن مبدعات وقادرات على العطاء".
وفيما يتعلق بالألوان المبهجة للقطع المعروضة تؤكد أبو عمشة أنها من اختيار النزيلات أنفسهن بحسب رؤيتهن للون المناسب لكل منتج، مشيرة إلى أن "بعض القطع شاركت فيها أكثر من امرأة؛ كونها تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين".
وركزت أبو عمشة في تدريبها الفتيات على أهمية صنع "شيء من لا شيء"، عازية ذلك إلى ضرورة الاستفادة من المواد المهملة والفائضة عن الحاجة، وتمثل ذلك من خلال إلصاق عدة قطع ببعضها بعضا لتظهر بحلة جديدة كثوب غاية في الجمال.
وبخصوص أسعار المشغولات في البازار فترى أبو عمشة أنها تتناسب مع الجهد المبذول في صناعتها وتختلف باختلاف طريقة شغلها، "فالعمل اليدوي بذل فيه جهد كبير يستحق أن يكون سعره مضاعفا"، مشيرة إلى أن المعرض يذهب ريعه للنزيلات مع اقتطاع جزء بسيط للمركز لتوفير المواد الخام لهن.
وتؤكد الجمل أن تدريب النزيلات على حرفة يعود عليهن بالفائدة وبخاصة بعد خروجهن من المركز، موضحة أن النزيلة تعمل بعد تأهيلها وتدريبها في أحد المشاغل التابعة للمديرية، وتحصل على راتب شهري يقدم كمكافأة، ما يؤهلها للعمل في أي مشغل.
وتتابع أن المركز وبالتعاون مع مديرية الأمن العام "يعطي النزيلة شهادة رسمية من مؤسسة التدريب المهني من دون أن يشير إلى أنها كانت نزيلة بالمركز"، مرجعة ذلك "لتذليل العقبات التي تعترض المرأة عند حاجتها للعمل بعد الخروج من المركز".
ويذكر أن مديرية الأمن العام قد سبق لها إقامة المعرض التشكيلي الأول من نوعه لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل للرجال العام الماضي وحظي بحضور لافت.
المصدر : جريدة الغد