بقلم : ـ دانــا جهــاد
إنه مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية التي أصبحت وشيكة جدا والتي ستجري في التاسع من شهر تشرين الثاني القادم ؛ أرى في هذه الأيام أينما التفت ونظرت وأجد إن المرشحين للمجلس النيابي كلهم في سباق يتسارعون من خلاله بهدف حصول كل واحد منهم على أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين لتحقيق حلم الجلوس تحت قبة البرلمان .
ولما قمت بإلقاء نظرة سريعة إلى أسماء السادة والسيدات من المرشحين والمرشحات فقد وجدت أن معظم هذه الأسماء هي لأسماء من النواب السابقين ، ومن الوزراء السابقين ، ومن الأعيان .وماتبقي منها فهي تخص أصحاب وصاحبات الثراء الواسع ، و من رجال وسيدات الأعمال .!!
أي أن كل السادة والسيدات المرشحين والمرشحات الحاليين هم من الطبقة البرجوازية في بلدنا ، وأن معظمهم من أصحاب الملايين ومن أصحاب العقارات والأملاك والشركات .!!
ولما كان الشعب في الأردن بشكل عام يتألف من فئتين اتنتين هما :ـ الفئة الغنية ، 2ـ والفئة الفقيرة .
(علما أن السواد الأعظم من الشعب الأردني ؛ هم من مواطني الفئة الثانية ؛ أي من فئة الفقراء والمساكين والمستضعفين والأقل حظا ومن الذين يقبعون ويئنون تحت خط الفقر)
.
ولما كان الترشح للإنتخابات النيابية هو حق دستوري لأي مواطن سواء أكان فقيرا أم غنيا !! لكنه ... وبنظرة تمعن لهذا الكم الهائل من الأسماء سنجد أنه لايوجد من بينها أي إسم ينتمي إلى طبقة الفقراء والمطحونين في بلدنا !!! .
وبمعنى آخر يمكن القول : إن مجلس النواب القادم سيكون مقتصر دخوله على فئة الأغنياء فقط كما هو معتاد أن يحدث في كل مرة !!
ولما كان وطننا الغالي الأردن ؛ هو وطن للجميع ، وهو وطن للأغنياء والفقراء على حد السواء وبلا استثناء . وليس هو لفئة دون الأخرى.
لهذا ؛ فإنه من المفروض أن يكون هناك فرص متكافئة لكلا الفئتين في خوض غمار الترشح للإنتخابات النيابية . وليس أن يكون هذا الأمر مقتصر فقط على فئة واحدة دون الأخرى .
وعلى هذا فإنه وبهذه الحالة التي نحن عليها وبهذه الحالة ؛ كيف لنا أن نتوقع أن يكون هناك حل لمعظم المشاكل التي نعاني منها كشعب ؟؟!! والتي من أهمها مشكلتي الفقر والبطالة ؛ طالما أنه لن يكون هناك في المجلس من يمثل هؤلاء الفقراء والمساكين ، ولن يوجد فيه من يتحدث بإسمهم ،أو من سيشرح أوضاعهم ،أو من سيوضح معاناتهم .!!
لاشك إنكم يا إخوان ويا أخوات تعرفون أن الألم لايعرفه إلا متألمه ، وأن الفقر لايعرفه إلا صاحبه ، وأن الجوع لايعرفه إلا من ذاقه ، وإن البرد لايعرفه إلا من قرصه ، وإن الحرمان لايعرفه إلا من عاشه و من جربه.
ولما كانت الفئة التي ستدخل هذا المجلس بدون أي شك هي فئة الأغنياء والمترفين ؛ والذين لم يجربوا أي من تلك الأمور !!! فكيف لنا إذن أن نتأمل بأن يقوم هذا المجلس النيابي بحل مشاكلنا ومعاناتنا وآلامنا ؟!!.
فالضرورة تقتضي أنه لابد أن يوجد في المجلس من يمثل هذه النسبة الكبيرة من الفقراء والجوعى والمحرومين والعطشانين والبردانين وما أكثرهم !! لأنه لن يعرف بمعاناتهم إلا من كان منهم ، ومن جربها وعاشها .
ولما أصبح في المجلس مايسمى بالكوتا النسائية . ولهذا أقترح أن تكون هناك كوتا أخرى !!؛ هي كوتا الفقراء والمساكين والمحرومين .
أما أن يكون النائب الذي يتم ترشيحه فقط هو ذلك الشخص الذي لم يذق طعم الجوع ، وهو الذي لم يشعر ويحس بالعطش يوما في حياته !!. فهذا هو الخطأ الفادح بعينه ،وهذه هي المشكلة الأعظم ؛ والتي ستؤدي بعد ذلك بهذا المجلس إلى الفشل الذريع كما سبق أن حدث في بعض المجالس السابقة، وستؤدي به إلى عدم القيام بواجبه الذي سيوجد أصلا من أجله ، وستؤدي به إلى المزيد من التعثرات والتخبطات والإخفاقات .
فما هي الفائدة التى سترجى من مجلس النواب إذا لم يكن أعضاؤه يقومون بالواجب الرئيسي الذي على أساسه تم ترشيحهم له من قبل الشعب ؟
وماهي الفائدة من مجلس النواب إذا كان كل أعضائه لايعرفون عن مشاكل الشعب شيئا !!؟؟ وكانوا كلهم كانوا متمركزين في قصور وفلل عمان الغربية فقط !! ولايوجد من بينهم من يعيش في قرية ولافي ريف ولافي قضاء في أي محافظة أخرى ؟؟ فوطننا الأردن ليس هو مدينة عمان فقط !!
فالمجالس النيابية السابقة كان معظم أعضائها حكرا فقط على الأغنياء والمترفين ولم يكن فيها من الأعضاء من هم من الفقراء والمساكين .
ولهذا السبب كانت تلك المجالس السابقة عبئا ثقيلا على كاهل الوطن ، وكانت عبئا ثقيلا علينا جميعا كمواطنين فحدث عنها ماحدث ونتج عنها مانتج من مشاكل وهموم !!.
ولهذا فإن هذه النتائج ستظل على حالها وربما ستتفاقم أكثر وأكثر !!! وإذا بقينا مصرين على نفس الطريقة العقيمة في إختيار المرشحين .
إنه وبناء على ماحدث من قبل المجالس النيابية السابق ، و بكل ألم يعتصر قلبي وبكل وخز يدمى فؤادي، ، ومع كل أسف أقول :ـ إن النائب المترف والغني سوف لن ينظر إلى الفئة الثانية من الشعب ؛ وهم الفقراء و المساكين !! لأنهم ليسوا في جدول أعماله أساسا ، ولن يكونوا لحظة واحدة على مفكرته الشخصية ولا على باله ولن يكونوا في أجندته ، ولن يكون لهم أي مكان في عقله . ولا في قلبه !!
فمادام سعادة هذا النائب أو ذاك يسكن بعيدا عنهم ويعيش في برج عاجي معزول عنهم وغير مسموح لهم بالإقتراب منه ومن برحه هذا ، ومادام أنه يغلق هاتفه في وجوههم ، والذي سرعان ما يقوم بتغيير رقمه بعد فوزه !! منعا لسماع أصواتهم مرة أخرى. فكيف له أن يعرف معاناتهم وآلامهم ومصائبهم وأحزانهم ؟
متناسيا هذا النائب أوذاك أنه لولا أصوات هؤلاء المساكين التي كان يلهث وراءها في وقت ما والتي كان حريصا كل الحرص على الفوز بها ؛ لما كان قد وصل إلى ذلك المقعد النيابي الذي يجلس عليه ولما كان قد حصل على ماحصل عليه من إمتيازات !!.
ولهذا وبالتالي فبعد أن جلس وتربع تحت القبة ، فإنه من الطبيعي جداأن ينساهم وبمعنى أكثر دقة يتناساهم !!!.لأنه لم يعد في حاجة لهم وليس في حاجة لسماع أصواتهم مرة أخرى!!
إذ أنه وبعد نجاحه أصبح لاوقت لديه الآن ، لأنه كان قرر بينه وبين نفسه أنه سوف يتفرغ فقط لمصالحه الشخصية . وقرر أنه سوف لن يلتفت إليهم . !!!فهم لايعنون له شيئا .لأنه أساسا لا يحس بوجودهم ولا بمعاناتهم أصلا . ولا يشعر لا بآلامهم ، ولا بصراخهم ، ولا بعويلهم ، ولا بنحيبهم ، ولا ببكائهم، ولأنه لا يرى لا دموعهم ولا أحزانهم !! إذ أن مصالحه الخاصة تأخذ كل وقته وجل اهتماماته.
ولهذا لاعجب ولاغرابة ياإخوان وياأخوات ، أن يكون وكأنه يمشي معصوب العينين ومغلق الأذنين !! إذا صدف أن حدث مرة عن طريق الخطأ أو عن طريق الصدفة أن مر من جانب هؤلاء الفقراء والمساكين الذين منحوه أصواتهم لحظة ما في يوم ما !!
فلماذا يهتم بهم ؟؟ وكيف سيهتم بهم !! وخاصة لأنه لم يسبق له أن عاش حياتهم ، ولم يسبق له أن ذاق مرارة آلامهم ، ولم يسبق له أن جرب علقم جوعهم. ولم يسبق له أن أحس بنشفان ريقهم وعطشهم أبدا.
ولهذا إذا كانت حكومتنا الرشيدة جادة في التخلص من معظم المشاكل التي يعانيها الشعب بشكل عام ،وكانت حريصة على سعادة الشعب ، و كانت جادة فعلا كما تقول في معاقبة كل من يقوم بشراء الأصوات والذمم والضمائر .
فعليها إذن أن تغير من سياسة أسس اعتماد المرشحين فتسمح لكل من يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على خدمة الشعب بإخلاص ؛ أن يحظى بفرصة الترشح لهذا المجلس بكل حرية ونزاهة حتى لو كان فقيرا ، واضعة إعتمادها بالدرجة الأولى على كفاءة المرشح وإخلاصه وولائه وانتمائه. وليس إعتمادا لا على ماله ، ولا على جاهه ، ولا على منصبه ، ولا على نفوذه ، ولا على سطوته . ولا على مركزه ، ولا على إسم عائلته ولا على صيت عشيرته .
إن الولاء المخلص والإنتماء الحقيقي للوطن ؛ لايكون بإقامة المهرجانات الخطابية ، ولا بالتسابق برفع الشعارات البراقة الجوفاء ، ولابقول الكلمات الرنانة الخرقاء التي لاتسمن ولاتغني من جوع !!!
إن الولاء والإنتماء الحقيقي والصادق للوطن ؛ لايكون لابالدبكات ، ولا بالرقصات ، ولا بالأغنيات.!!!
إن الولاء الحقيقي للوطن لايكون بشراء ذمم الناخبين من خلال تقديم الهدايا والأعطيات والهبات ، ولايكون بتقديم المناسف والمأكولات ولا بتوزيع الحلويات والمشروبات .
إن الولاء والإنتماء الحقيقي للوطن لايكون بالمزايدات عليه ، ولايكون بإستنزاف موارده ، ولايكون بنهب خيراته ، ولايكون بسرقة أمواله ، ولايكون بإختلاس ميزانيته ، ولايكون بإفقار شعبه ، ولايكون بتدمير اقتصاده . ومن ثم الهرب بعد ذلك خارجه.
إن الإنتماء الحقيقي للوطن والولاء المطلق له ؛ هو سلوك مخلص يمارس بالفعل وليس بالقول و يكون بعمل كل مامن شأنه رفعة الوطن ، وإعلائه سلوكا وعملا ونهجا ومنهجا وليس قولا !!
فكم سمعنا حتى تعبنا و طرشنا من وعود براقة في خارجها لكنها مزيفة من داخلها ؛ لم نرى ولم نلمس فيها شيئا واحدا تم تنفيذه أوتحقيقه على أرض الواقع ؛ فكانت كلها كلام في كلام يقال في سواد الليل ويمحوه ضوء النهار.!!!
إن الإنتماء الحقيقي للوطن والولاء له يكون ببذل الغالي والرخيص من أجله ، ويكون بفدائه بالمهج والأرواح والدماء والأفئدة ؛ في سبيل المحافظة عليه ونمائه وتقدمه ورفعته بين الأمم.
إن الإنتماء والولاء الحقيقي للوطن ؛ يكون بالمحافظة على كرامة مواطنه ، وليس بإذلاله ، وليس بقهره وليس بتحقيره وتجويعه وحرمانه وإهانته والبطش به .
هذه هي صفات الإنتماء والولاء الحقيقي للوطن في منظوري الشخصي . فإذا كان السادة والسيدات من المرشحين والمرشحات على هذه الصفات المطلوبة التي نريد ؛ فأهلا وسهلا ومرحبا بهم جميعا وسيكون لهم منا كناخبين كل الثقة ،وكل الإحترام والتقدير والإمتنان والعرفان والفخر والإفتخار بهم .
أما إذا كانوا على غير ذلك من الصفات والسلوكيات لاسمح الله ، فإننا كناخبين سنقول لهم : أننا لا نريدهم أبدا ، وسنقول لهم بالفم المليان آسفين : إننا لانريدكم أن تكونوا نوابا عنا ولا ممثلين لنا.!!!
ولما كان خير الكلام ماقل ودل فإني أكتفي بما قلته أعلاه.
. داعية الله الكريم سبحانه وتعالى ؛ أن يحفظ لنا وطننا الأردن الحبيب ، وأن يحفظ لنا مليكنا المفدى الغالي ، وأن يحفظ لنا شعبنا الأردني العزيز من كل شر، وأن يبعد عن وطننا وعنكم وعنا كل مكروه .
كما أدعو الله الكريم سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع إلى كل مافيه الخيروالعزة ، والرفعة والسعادة والهناء ؛ لوطننا الأردن الغالي ، ولأبناء وبنات شعبنا الأعزاء.
اللهم آمين والحمدلله رب العالمين .وكل عام وأنتم والجميع بألف خير . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
دانــــــــــــــا جهـــــــــاد
طالبـــــــــة جــــــــامعية
danajehad@hotmail.com