كتبنا وما كتبنا، ويا خسارة ما كتبنا...أفضل رسالة فيروزية يمكن إيصالها للسيد عقل بلتاجي، المسؤول على عمّان ولن أقول أمينها.
مناسبة هذه الرسالة هو القرار المشؤوم الذي اتخذته هذه الجهة (ولن أقول الأمانة حتى آخر المقالة... راقبوني وحاسبوني) والقاضي بالتمديد لمكاتب تأجير السيارات سنة أخرى (سنِة بعد سنِة ... لفيروز أيضاً) وهو التمديد الخامس على غرار التمديد لبعض الرؤساء العرب ومجالسها النيابية.
لقد وهب الحسين الباني رحمه الله هذه الحدائق لعمّان وزوارها في الثمانينات من القرن الماضي، لتكون متنفساً لهم ولأطفالهم، ولتكون مركزاَ للتسلية والثقافة، حيث ضمت مدرجاَ ضخماَ وساحات وممرات، وهي مؤهلة من حيث الموقع المتوسط في العاصمة لأن تشكل محوراَ يمتد من شارع الشريف ناصر بن جميل الذي يبدأ شمالاً من دوار المدينة الرياضية حتى نهاية شارع عرار (وادي صقرة) الذي ينتهي بالقرب من وسط البلد، وبذلك تحظى عمّان بالوسط الذي افتقدته بسبب تغول الحجر والإسمنت على أراضيها الزراعية.
اشعر بأني سأتحول إلى (غليص) كما في المسلسل الأردني الشهير (رأس غليص) الذي رأى مقتل والده ودخيله بأم عينيه، فسيطرت قسوة الأحداث على نفسه وتولد لديه الشعور بالإنتقام من الشيخ مجحم وقبيلته الذين أجهزوا على والده رماح ودخيله مشعل.
ولكن ما بوسعي أنا العبد الفقير الى الله فعله أمام حيتان التجارة والإمارة، وهل ستنتصر لي نقابة المهندسين فيما لو اعتصمت أمام هذه المكاتب، وهل سيساندني زملائي المعماريين أو المخططين؟ أسئلة أطرحها على نفسي قبل أن أتهور وأغزو الحدائق، وهل تبقى لها من إسمها نصيب، ما دامت المساحة المزروعة فيها لا تتعدى 30% من مساحتها البالغة 85 دونم.
الموقع المعطى لتأجير السيارات السياحية إستراتيجي بطبيعته، ويصلح للمطاعم والمقاهي أكثر منه للمكاتب، وتمديد الإيجاره سنة إضافية سيؤدي الى حرمان الناس من حقهم كدافعي ضرائب في إستخدام مرفق عام خُطط ليكون لهم، وأٌخُذ منهم عنوة سنة بعد أخرى لإرضاء مراكز قوى مالية بتنا نكرهها لما تتسبب به من سلبطة على الفراغ العام. وإن كان ولا بد... ولا مجال، ولا إمكانية إلا للرضوخ لضغوطهم، فمن الواجب حصر وقوف السيارات بالمواقف تحت الأرضية، وهي كثيرة، وعدم إستغلال الأرصفة والواجهة الرئيسية للحدائق لعرض السيارات بالنمر الصفراء.
كما أن القاعة المخصصة لحسبة الزهور، مُستنزَفة، وهي تصلح لأفضل الفعاليات الإجتماعية بعد إعادة تأهيلها. ولن أتحدث عن الممارسات اللاأخلاقية التي تحدث في الحدائق لتجارة الجنس، ما الذي دهاكم منشان الله، نحن في الأردن بقينا بعيدين عن هكذا ممارسات لعقود، وبقيت في نطاق ضيق جداً للباحث عنها في الشقق المفروشة، اتريدون إقناعنا بأن دورية واحدة من الأمن الوقائي لا تستطيع إقتلاع هؤلاء من جذورهم هناك، إن أردت فعلتم... وهذه دولة قوية وليست ولاية كرتونية.
داخل عليك يا أستاذ عقل، لا تخرجنا عن طورنا، وتجعلنا نفقد ما تبقى لدينا من ولاء وإنتماء للبلد، وندعوك لإختتام مسيرتك المهنية بفعل خير سيسجل لك، وخلّص الحدائق من بَنات الليل وزعران النهار ومن بلاطها الذي يكتم أنفاس النبات والإنسان والحيوان، وخلصنا من المكاتب ومن التلفريك الصديء العالق في سماء عمّان كما روافع الدوار السادس الآيلة للسقوط بفعل الإهتراء.
نعم، لقد سمعنا عن خطط لإستثمارات تنفذ على مراحل قد تدر عليكم مالاً مدراراً، ولكنها قد لا تكون الأنسب للمواطن الباحث عن مساحة ليريح ويستريح، ما نطلبه هو بعض الفراغ وقليل من الماء وكثير من الخضرة.
كلنا سندعوا لك بالتوفيق، الخطيب وخطيبته، والهارب من مرته، والمتقاعد غاوي النزهة، والأطفال أحباب الله، هذا إن فعلت... وإلا سنزعل منك يا عمدتنا.