الكاتب : فيصل تايه
لم يُفِقْ الأردنيون من إنهاء تبعات الأعباء المالية للمصايف الروتينية اليومية على مدار العام .. والتي تثقل كاهل رب الأسرة .. حتى أفاقوا على ثالوث كبير يزحف نحوهم.. ليقول لجيوبهم يا باغي الصرف أقبل .. وهو ما يعني بالتبعية دخول الأسر الأردنية في نفق متطلبات ثلاث مناسبات كبيرة تمر في آن واحد .
ففي الوقت الذي نعيش فيه أيام مباركة من شهر رمضان الكريم .. نتأهب أيضًا لاستقبال عيد الفطر السعيد وكذلك العام الدراسي الجديد .. وما يرافق ذلك من متطلبات .. وبذلك تستعد الأسرة الأردنية لدفع ثلاث فواتير باهظة في آنٍ واحدٍ.. الأولى : فاتورة الموائد الرمضانية.. لتوفير الأمن الغذائي للأسرة وضيوفها.. من لحوم حمراء ..وبيضاء .. وحلويات بمختلف صنوفها ... والثانية فاتورة العيد وما يرافقها من ملابس جديدة و مصروفات وعيديات وما إلى ذلك ..والثالثة : فاتورة المدارس وتوابعها.. من مصاريف وزي مدرسي بمختلف ألوانه وأصنافة.. ومستلزمات دراسية لا تنتهي ...
ولا يمكن نكران أن هذه الفواتير جاءت في ظل طفرة غير مبررة من الارتفاع في أسعار السلع والمنتجات .. تشهدها حاليًّا الأسواق على مختلف مستوياتها .. وكأنها ضريبة سنوية على المواطن تحملها مع دخول الشهر الفضيل . وفرصة لجشع بعض التجار ممن يتحكموا بأسعار بعض السلع الى أضعاف قيمتها .
من هنا نعود إلى القول أننا نتحدث عن هذه المناسبات التي دخلت على رب الأسرة بوابل من المصاريف سيتكبدها رغماً عنه .. فتوجس الكثير من العائلات خيفةً من أعبائها الاقتصادية .. أمر تداعت له جيوبهم بالسهر والحمى .. فلنعطي لأنفسنا فرصة كي نكون واقعيين .. فالعام الدراسي يحتاج إلى قرطاسيه .. وملابس .. وزي مدرسي .. و بدلات الرياضة والأحذية والخ... ، ناهيك عن أن مطالب الأولاد تختلف عن مطالب البنات في النوع والعدد .. و.. و.. وكذلك الأمر في رمضان لا ننسى تقاليدنا العريقة إذ اعتاد الناس على استقباله بما لذّ وطاب من الطعام والشراب والحلويات المتنوعة التي ترفع نسبة السكر إلى أعلى مستوياته .. ولا ننسى أيضاً العيد وتبعاته فيا عيد بأي حال عدت يا عيد .. !!!
إن تزامن تلك المناسبات لتعتبر إشكالية عائلية حقيقية وإنهاك لميزانية باتت تتضاءل في وجه أزمة اقتصادية أصبحت نؤثر على الجميع .. إذ وجب على الأسر التحضير لها جيداً فلا نستطيع نكران أن تلك المناسبات تمثل ثلاث مواسم كبيرة .. لكل منها ميزانيته الخاصة التي تثقل كاهل الأسر .. مما يؤدي في أغلب الأحيان إلي تراكم الديون وتقهقر الميزانيات المحدودة للعائلات المتدنية والمتوسطة الدخل .. مما يدفعها في أغلب الأحيان إلى اللجوء إلى عوامل أخرى لتغطية النفقات والحاجيات قد تكون على حساب ميزانيات أخرى.
مما تقدم وبما لا يدع مجالاً للشك دعونا نقول .. أن ذلك يتطلب أن تنفق الأسر الأردنية الكثير .. حتى تتمكن من وجهة نظرها القيام بواجباتها الاجتماعية والتعليمية والعرفية تجاه أبنائها وبناتها وأقاربها ومجتمعها ..
والأمر الذي لا بد من التذكير به ولا يمكن إخفاءه .. أن قدرات العامة من المواطنين ذوي الدخول المحدودة والتي لا تتحمل رواتبها أكثر من منتصف الشهر في الأحوال العادية الخالية من المناسبات .. هذا إذا قلنا أننا نبالغ في تقديرنا .. فقد كان الله في عون تلك الشريحة الواسعة من مواطنينا التي تعيش تحت الضغط المادي والنفسي والذي يختلف في شدته من شخص لآخر ..
ولأننا مجتمع متعاضد ومتكافل .. متماسك ومتحاب .. نشد أزر بعضنا البعض فإننا وبالتأكيد في هذا الشهر الفضيل نعلم حجم المسؤولية الواقعة على أرباب الأسر المحدودة الدخل وما يشوبها من توترات ترافق حياتها الاجتماعية مع دخول تلك المناسبات الثلاث وكما سبق و تحدثنا ..
فرب الأسرة عندما يواجه تلك المسؤوليات الجسام مرة واحدة والتي تحرق الراتب قبل أن يصل إلى جيبه .. لا بد لنا من أن نذكر مؤسسات المجتمع المدني و أرباب العمل ومن هم في موقع المسؤولية بان العدالة الاجتماعية تقتضي أن تنظروا إلي الذين يعملون تحت إمرتكم وعلى مصالحكم بعين من الرحمة .. وطيب الخاطر .. ففي أموالكم حق للسائل والمحروم .. فليس من العيب أو الحرام أن تكون زيادة أجورهم أو منحهم المكافآت في هذه الأيام الفضيلة مسددة لرمقهم .. لتعمل على ردء احتياجاتهم واحتياجات أسرهم العفيفة وتسعد أيامهم المجبولة بالشقاء .. فتحسين أوضاعهم المعيشية الصعبة هذه الأيام والتي تضغط بقوة على أعصابهم واجب عليكم .. فكم يفرحهم دعم مباشر ممن هم أهلا للخير .. فلتكن صدقاتكم مكافآت عمل وجزء من المسؤولية التشاركية التي تقع على عاتق الجميع.. ولنقول أن ثقافة السلوك الخيري يجب أن تكون جزء من ثقافة مجتمعنا في هذه الأيام الفضيلة حيث يتحقق التضامن والتساند والضبط الاجتماعي .. في مجتمعنا العريق بعاداته وتقاليده ونخوته وشهامته..
ومن وجهة نظر ثانية .. ولأن عاداتنا وتقاليدنا قيم اجتماعية من الصعب تجاوزها .. وبالتحديد الخاصة منها بالطقوس الرمضانية .. فقد يرى البعض أن هذه المعادلة .. وفيما سبق وتحدثنا .. هي أزمة مفتعلة مؤكدينً أن شهر رمضان المبارك هو شهر الاقتصاد.. وهو فرصة للادخار وليس الإسراف والتبذير.. فمن المفترض في هذا الشهر الكريم أن تُختزَل وجبات الأكل وتقِلّ المصاريف.. وأن تتخذه الأسر فرصةً \" للتحويش\" ، وترشيد كل هذه النفقات الباهظة وتوجيهها إلى أعمال الخير والبر.. و بترشيد \"العزومات\" الرمضانية والتي تلتهم الجزءَ الأكبر من ميزانية الأسرة .. ولكن كيف لنا أن نقنع مواطننا بهذه الثقافة ؟ خاصة أن القادم بأعبائه وبمتطلباته التي لا تعدّ ولا تحصى أكبر .. والمقصود هنا \" العيد \" وما يتبعه من مصاريف وكذلك \" فتوح المدارس \".. كما نردد دائماً ..
ولنتذكر قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ( فيما معناه ) : \"إذا اشترى أحدكم لحمًا فليكثر مرقته\" .. كما وقال صلى الله عليه وسلم: \"يا أبا ذر.. إذا طبخت مرقةً فأكثِر ماءَها وتعاهد جيرانك\". ... إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يقُل إذا طبخت مرقةً فأكثر لحمها وتعاهد جيرانك...
فاحرص أخي رب الأسرة وعائلتك على تنظيم أمور بيتك بما ينسجم ودخلك فنحن حقا كأفراد وعائلات ومن ثم كمجتمع بحاجة ماسة إلى ثقافة الترشيد .. فترشيد النفقة فريضة فرضتها الشريعة .. وضرورة من ضروريات الحياة .. فنجاحك في حياتك يجب أن يكون بعيدا عن التخبط والتذمر .. واستقرار الأسرة المادي وقدرتها على التنظيم هو دليل واضح على مدى تحكمها لمسألة الفعل والمنطق في تصريف مواردها المالية .
وأخيراً.. دعوني أتقدم بالتهنئة الخالصة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وقدوم عيد الفطر السعيد إلى سيدي صاحب الجلالة الهاشمية .. الملك عبد الله الثاني ابن الحسين صاحب الفضل - أبا المكارم – والحكومة الرشيدة والذي عودنا دائما بمكارمه التي لا تنضب .. والتي تُدخل الفرح والبهجة إلى قلوب أبناء شعبه الذي يحب .. انطلاقا من حرصه - حفظه الله - على تلمس احتياجات أبناء الأسرة الأردنية الواحدة .. في مختلف مناحي الحياة .. وتوفير جميع أسباب الراحة والطمأنينة والعيش الكريم لهم ولعائلاتهم .. إذ أبارك لهذا البلد أن رزقها الله ملكا عطوفا محبا لشعبه حريصا عليهم .. فدمت بخير سيدي .. أنت وأفراد أسرتك الكريمة ..وجميع الأمراء والأميرات وكل عام وأنت بخير .
كما وأتقدم إليكم جميعا أحبائي قراء وكتاب وهيئة تحرير هذا الموقع الإخباري المميز بالتهنئة الخالصة داعيا ومتضرعا إلى الله العزيز القدير أن يحفظ الأردن وأهله ..
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com
الموقع الخاص بالكاتب : http://sites.google.com/site/faisaltayeh/home