اسم البرنامج الذي يقدمه الشيخ سلمان العودة على قناة MBC قبل الإفطار ، وهو بحسب معرفتي ومطالعتي لكتابات آراء هذا الشيخ فهو معتدل بفكره وتوجهاته الإسلامية ، وربما يمكن لأي شخص أن يحصل على فتوى ثقة لأي قضية أو مشكلة قد تواجهه .
جاء هذا البرنامج ليحمل عنوان التغيير في حياة المسلم ، وحسب نظريات علم النفس فإن التغيير هو سلعة طويلة الآجل غير قابلة للتغير والتبدل بسهولة ، ولكن حاول الشيخ العودة ربطها بالقيم والثقافة الإسلامية المستمدة من القرآن والسنة النبوية الشريفة ، وهما اللذان جاء في فترة الظلام والجهل ويحملان في طياتهما كل بذور التغيير الإيجابي لحياة كريمة وسبيل لتحقيق رقي الأمة الإسلامية ، وعندما اتبعت أمتنا والتزمت بتلك التعاليم كان لها الريادة والإبداع في كل مناحي الحياة ، وكان عصر الفتوحات العلمية والإسلامية خير نتيجة لخير سبب . لذلك فإن الإسلام نفسه جاء وظهر واستمر بهدف تحقيق التغيير الإيجابي - وهو كان وما يزال وحتى ينتهي العالم – والعمل على تحقيق مرضاة الله عز وجل من خلال إتباع منظومة متكاملة من الفكر والسلوك المعدل والمقوم والطارد للسلوك السلبي .
وفي هذه الأثناء ولما تمر به بلادنا الإسلامية فهي أحوج ما تكون إلى التغيير الإيجابي في كثير من التصرفات والسلوكيات باتجاه تعزيز المنحى الإيجابي ، فشهر رمضان بحد ذاته يعتبر انقلاب على الكثير من التصرفات والسلوكيات السلبية والروتين اليومي ، وهو فرصة لإحداث هذا التغيير في عاداتنا الشرائية والاستهلاكية وحتى الروحانية التي هي أساس السلوك القويم ، وهو فرصة لبناء الهمم وتهيئة النفوس وتحقيق المزيد من الرضا وبناء علاقة أكثر متانة مع الخالق عز وجل ، كما أنه قد يمهد لتغير إيجابي يمتد لما بعد رمضان . ويمكن اعتبار يوم الجمعة من كل أسبوع فرصة أيضاً نحو التغيير الإيجابي وربما يجب على الفرد الواعي المدرك القيام بجرد حساب لما حدث معه طيلة الأسبوع المنصرم (وحتى في رمضان)، وعلى أساس ذلك يقوم ويعدل من سلوكه السلبي وينمي سلوكه الإيجابي في الأسبوع الجديد أو في الفترة القادمة .
للأسف ما يحدث في كل شهر رمضان تغيير سلبي في السلوكيات والعادات السلوكية والأنماط الاستهلاكية والروحانية ، وللأسف فإن الإعلام العربي هو المحرك أو الدافع لهذا التغيير فما تشاهده في رمضان من برامج محبطة وهادمة للفكر والسلوك ، فالمسلسلات الترفيهية تخلو من كل قيمة إيجابية تخاطب الفكر أو العقل وهي لا تعدو أن تكون أكثر من كلام مصفوف ومنمق بطريقة درامية خالية من المضمون والمحتوى الفكري وتتسم بالركاكة ، وهذا ما يجعل آثارها السلبية تطغى كثيراً على إيجابياتها ، وتساهم بإدخال الكثير من الأفكار الخاطئة التي تؤثر على المعتقد وتشوه الفكر . ربما تعتبر مسلسلات \" الحجة زهرة \" وفكرة أزواجها الخمسة ، ومسلسل \" عايزة أتجوز\" ، وهناك مسلسل آخر خطير جداً في محتواه يسمى \" ما ملكت أيمانكم \" وهي جميعها تنشر صورة سلبية جداً هادمة غير هادفة ، فالأخير منها ينشر صورة سيئة لعلاقة الشيخ أو الداعي المسلم بالمجتمع المحيط به ، ويبينها على شكل علاقة مادية دنيوية رديئة قائمة على حب اللذات وهدم الذات ونشر الرذيلة بدل الفضيلة .
واجبنا في بيوتنا أن نقف ونحارب هذه الأفكار وحتى وإن شاهدناه لا يعني أن ننساق وراءها وأن تكون نواة الفكر لأبنائنا ، وخاصة وإن ما يزيد عن نصف المجتمع العربي من الشباب الذين لا تزيد أعمارهم عن 24 سنة ، وهم مشروع قادة للمستقبل ، وآباء وأمهات المستقبل ، كما أنهم مشروع معلمين وأساتذة جامعات ، ومشروع علماء ينتظر منهم أن يكونوا على غرار أجدادهم الرازي وابن الهيثم والخوارزمي وابن فرناس .
في ظل عجز الخطاب الديني العربي الرسمي والشعبي وصمته المطبق عن مواجهة الكثير من الأفكار والمعتقدات الخاطئة التي تحاول بعض الجهات دس سمومها ، ومنها تحاول التأثير على سلوكيات الأجيال الشابة ، فهنا يجب أن يكون للبيت وللمسجد دوره الريادي في محاربة هذه الأفكار ، وعلى رجال الدين والمرجعيات الدينية الرسمية والشعبية مواجهة هذه الحملة التي نجدها أكثر من تكون في شهر رمضان المبارك .
أصبحنا في بلادنا نفخر \" بالحجة زهرة \" أكثر من \" رفاعة الطهطاوي \" وأصبح الشاب الوسيم \"ليوناردو ديكابريو\" أو دكتور \" فيل \" أو حتى \" أوبرا \" أشهر من ابن تيمية، والأمر يزداد سوءاً يومياً بعد يوم والأمور تتسارع بشكل هائل وكان عولمة الفكر العلماني أصبح هو المؤثر والمقيد والمشكل لسلوكياتنا ، والتغيير الذي نتطلع إليه أصبح يفرض بقوة ولا مجال إلا للتسليم إليه .
نحتاج إلى الكثير من العلماء المسلمين وإلى أفكارهم المعتدلة أمثال الشيخ سلمان العودة بارك الله في جهوده و جزاه عنا خير الجزاء .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com