-1- اعتقد ان (القاعدة ) التي كانت مادة اعلامية نسمع عنها ولا تطالنا قد بدت من سنوات تمسنا جميعا وتقترب اكثر اذ نحن موجدون ، بابطالها وضحاياها ، فالطبيب الذي ذهب ضحية تفجيرات فنادق عمّان ونعرفه عن بعد ، وبتعبير احد اصدقائنا انه وفي اضعف الايمان متدينا بالفطرة اكثر من (ابي مصعب الزرقاوي ) على اقل تقدير ، فيما الطبيب البلوي صاحب العملية النوعية الاخيرة التي اودت بسبعة من عناصر السي اي ايه ، اعرف اليوم بعد ان اعلن اسمه الحقيقي من عائلة (ابو ملال) التي كانت استبدلت باسم العائلة الام (البلوي)، انه شقيق احد زملائنا الجامعيين المقربين و المتدينين بالفطرة والذي لم يكن يمتلك اي امتداد سياسي او حزبي فيما اعرفه عنه وعن عائلته التي افرزت اسما حركيا ضاربا بالتاريخ ( ابو دجانة!) يختال بعصبته الحمراء مشية يبغضها الله ورسوله الا في الميدان ،و ( الخرساني!) المبشر بالدعوة العباسية التي اتت على رأسه اخر الامر وافرزت خطبة ابي جعفر المنصور عشية مقتله ، درر البلاغة في قضية خلدها قاتله..! -2- كنت استمع للاذاعة السعودية ابان غزو افغانستان وبعده ، لن يغيب عن مسمعي برنامجا دراميا ، كان مفاده ان شابا كان مصرا على الذهاب للقتال في افغانستان ، ووالداه يحاولان ثنيه عن الامر باعتباره وحيدهما ، وكان اخر الامر ان وصلا الى حل مرضٍ للجميع ان الشاب قبل بان يجهز ( غازيا ) و (من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا ) كما الحديث في البخاري ، المهم ان موضوع الجهاد كان مادة سلسلة للاعلام العربي ليست من المحظور في شيئ كما انفلونزا الخنازير اليوم ، وقد كانت مجلة الامة القطرية التي ترعاها الدولة القطرية في عهد الامير ( الوالد!) هي الواجهه الاعلامية للجهاد الافغاني في البلاد العربية ، والتي جعلت العودة الميمونة لاسامة بن لادن بعد انحسار الاحتلال الروسي ، عودة البطل المقدام المفخرة ، كما تفعل الدول العربية اليوم اذ يعود فريقها الوطني لكرة القدم ، وقد حقق فوزرا في مباراة من الممكن ان لا تقدم ولا تؤخر في تصنيف ( الفيفا!) ، كما في تصنيف الابطال الفاتحين..! -3- تنبهت المملكة العربية السعودية منذ سنوات قليلة الى ان المد الوهمي المرتبط بالقاعدة يتصاعد باتجاهها وباعتبار ان مواقفها الايجابي من مجاهدي افغانستان هو بوابة العبور للقاعدة ، فنهجت نهجا مختلفا عن بقية الدول العربية في تعاملها معه ، فقبلت بعودة كل معتقليها في غوانتانامو ، واسست منتديات خاصة بما يسمى بتأهيل المتورطين بالاحداث الدموية التي وقعت على ارضها ، وهو ما ادى الى انخراط الكثير من العناصر المفترضة للقاعدة في الحياة المعيشية اليومية للمجتمع السعودي ، وعودتهم الى صف المواطنة ، فالاصلاحيون في الدولة السعودية يعتقدون ان التصعيد باتجاه القاعدة دفع الكثيريين الى التعاطف او الانخراط في تنظيمها الافتراضي الذي لا نعرف عنه الا في البيانات التي تصدر عقب كل عملية تتبناها القاعدة في الشرق والغرب ، وبالانصاف اكثر فالقاعدة التي تسعى امريكا لجعلها العدو المفترض منذ ارهاصات حربيها الاخريين التي افضت الى احتلال افغانستان والعراق ، ربما لم تكن صناعة امريكية فعلا ، او على الادق لم تكن تنظيما وهميا ، لكنها بالتأكيد تدفع باتجاه وجودها من طرفين متناقضين ، فالغطرسة الامريكية التي تنتهجها في العالم كله قد افرزت اصلا ( قاعدة) ولكن غير اسلامية في امريكا الجنوبية وكوريا الشمالية ، وادت الى ان يعلن رجل اعمال مختص بالاعمال الخيرية كويتي انه اصبح رجل قاعدة رغم انفه اذ وجد نفسه مع صحفي سوداني غير حزبي يغطي حرب افغانستان ، موصدين بالحديد في معتقل غوانتانامو ، وبالاتجاه الاخر فلا احد اليوم يشكك في الجانب الهش لقدرة الاستخبارات الامريكية للتصدى للعمليات التي تقوم بها القاعدة وباساليب بدائية تستطيع اختراقها دول بدائية كما فعلت الصومال مع التنظيم الاسلامي المناوئ للرئيس الاسلامي الذي قبل بالانتخابات..! -4- العالم اليوم باكمله مؤهل لخلق ليس قاعدة واحدة بل (قواعد) مناوئة لامريكا ، قواعد اسلامية وغير اسلامية ، والتنظيمات الاسلامية موجودة بطبيعتها على الاراضي الاسلامية وغير الاسلامية وعبر التاريخ الاسلامي كله ، وهي تنظيمات تتراواح بين التنظيمات الدينية التي تصل بعضها الى اللاهوتية او الفلسفية غير المعنية بالسياسة بالمطلق كاخوان الصفا والمعتزلةمثلا، فيما تصل ذروتها الى تنظيمات ربما اشد مما نسمع عنه بالقاعدة اليوم، ومعروف بالتاريخ ان ( ابطال ) الخوارج التي هي فرز لقضية الخلافة في عهد على بن ابي طالب ، كانوا هم الاشد بأسا في التاريخ الاسلامي لم يعرف ذلك التاريخ اشد بأسا من شبيب وغزالة وقطري بن الفجأة ، حالات موجودة بالتاريخ الاسلامي لا يمكن اغفالها ، ومن السهل احياؤها اليوم في ظل الراهن من حال امريكا اليوم اذ تحتل دولتين مسلمتين وترعى احتلال الثالثة فلسطين..! -5- تشهد فكرة القاعدة اليوم تناقضا واضحا في الرؤية الامريكية تجاهها ، فالقاعدة التي بدأت امريكا بالحديث عنها اكثر في العراق ، وتربطها بالمقاومة الاسلامية للاحتلال ،تتعرض القاعدة نفسها الى انتقاد وبراءة من التنظيمات العراقية الاسلامية التي تحارب الاحتلال في العراق من جهة ، فيما يعتبر حكمتيار الذي اتهمته امريكا في اول بزوغ نجمه ،انه يتبى الدعم اللوجستي للقاعدة ، قد فرّ من افغانستان الى ( ايران!) تحت وابل نيران طالبان التي لا يختلف اثنان على تحالفها الراهن مع اسامة بن لادن ، بينما تنظيم الحوثيين في اليمن المقرب من الشيعية حسب مصادر الاعلام العربي على خلاف تاريخي مع القاعدة التي يقال انها بدأت تتنامى في اليمن ، وباعتقادي ان تنظيم الاخوان المسلمين الذي يسعى في اكثر الدول العربية الى المصالحة مع الحكومات ، وتربطه امريكا كمؤسس افتراضي ايضا للقاعدة ، هو على خلاف صارم مع القاعدة ، وهي على خلاف باقٍ معه ، ولا يمكن ان يتفقا...! -6- ستة شهور ليس اكثر كانت امريكا واروبا، قد عرت نفسها وكشفت كذبة انفلونزا الخنازير التي صنعتها شركات ادوية تكاد تعلن افلاسها ، فيما نراوح نحن مكاننا منذ ان انهار الاتحاد السوفيتي ، و لا نعرف ان كنا نحن الارهابيين او ضحايا الارهاب الذي يضربنا في العمق بينما يمس امريكا على طريقة مغامرات هوليود ليس الا..!