أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
وزير البيئة يلتقي المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن روسيا تعلن سيطرتها على قرية أوكرانية قرب كوراخوفي تردد إسرائيلي بشأن تقديم استئناف للجنائية الدولية الكرملين: قصف أوكرانيا بصاروخ فرط صوتي تحذير للغرب تركيا: الأسد لا يريد السلام في سوريا بن غفير يقتحم الحرم الإبراهيمي ويؤدي طقوسًا تلموديًة الأردنيون على موعد مع عطلة رسمية .. اليكم التفاصيل! صحة غزة: المستشفيات ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة ميركل حزينة لعودة ترمب للرئاسة وزير الخارجية العراقي: هناك تهديدات واضحة للعراق من قبل إسرائيل زراعة الوسطية تدعو المزارعين لتقليم أشجار الزيتون السفير الياباني: نثمن الدور الأردني لتحقيق السلام وتلبية الاحتياجات الإنسانية الخطوط القطرية تخفض أسعار رحلاتها بين عمان والدوحة يونيفيل تنزف .. إصابة 4 جنود إيطاليين في لبنان الحوثيون: استهدفنا قاعدة نيفاتيم جنوبي فلسطين المحتلة مشروع دفع إلكتروني في باصات عمان يهدد مئات العاملين 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى الدفاع المدني يتعامل مع 51 حادث اطفاء خلال 24 ساعة في الأردن الاحتلال يوقف التوقيف الإداري للمستوطنين بالضفة صحة غزة: مستشفيات القطاع قد تتوقف خلال 48 ساعة
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام وانتهت الجمعة المشمشية للصحافة الإلكترونية!

وانتهت الجمعة المشمشية للصحافة الإلكترونية!

16-01-2010 02:11 PM

لم يكن الأمر يحتاج إلى كثير من النباهة واللماحية والذكاء لإدراك أن تمتع الصحف الإلكترونية في الأردن بهامش متسع نسبياً من الحرية، مقارنة بمثيلاتها الورقية، يوميها وأسبوعيها، لا يشكل إلا جمعة مشمشية مشمسة ستعمد الحكومة بشكل أو بآخر، عاجلاً أو آجلاً، إلى تضبيبها ووضع حد لها، في مسعى إلى إدخال الصحافة الإلكترونية صاغرة ضمن الحدود التقليدية المسموح بها للحركة والنقد والمناورة. فمنذ أشهر، والدعوات المغرضة تتعالى من أجل \"تنظيم\" قطاع الإعلام الإلكتروني، وكلمة التنظيم هذه كما نعلم جميعاً تكتسب سمعة بالغة السوء في وطننا العربي، فهي لا تشير في واقع الأمر كما علمتنا التجارب عندما يتم استخدامها للحديث عن قطاع جامح ومثير للقلق إلا إلى التحجيم والتكميم والتقزيم.
المؤسف والمقلق أن الضربة جاءت هذه المرة على يد القضاء، ربما تقليصاً لكم الاحتجاجات والانتقادات التي ستنهال على رأس الحكومة؛ إذ إن أحكام القضاء لا ترد. كنا ننتظر أن تفرض الحكومة قانوناً مؤقتاً لشل حركة الصحف الإلكترونية بذريعة تنظيم عملها، لكن الحكومة كانت أذكى مما نظن، فقطعت الطريق على المتأهبين لرفض مثل ذلك القانون والتشكيك بشرعيته ودستوريته، ووضعت القضاء في ساحة المواجهة، وهي تعرف أنه لا أحد يستطيع التشكيك في نزاهة القضاء وحياديته. وإذا كنا لا نشكك بنزاهة القضاء وحياديته، فإننا نؤكد أن القرار بحاجة إلى عرضه على أرفع المرجعيات القضائية؛ للتأكد منه أنه لا يعبر في التحليل الأخير عن قرار حق أريد به باطل.
هناك كتاب مذهل عنوانه \"المقاومة بالحيلة\" للأكاديمي الأمريكي المهم (جيمس سكوت)، في ذلك الكتاب المميز الذي أثق أن أياً من أفراد حكومتنا الرشيدة لم يسمع به أو يعبأ بقراءته حتى وإن سمع به، يتم تصوير الطرق المبدعة والطريفة وغير المباشرة التي يبتكرها المقهورون للتعبير عن غضبهم ووجعهم ورفضهم لسياسات الظلم والجور. الحكومة تظن أنها ستطيح بالصحف الإلكترونية أرضاً وبالضربة القاضية إذا ما أخضعتها لقانون المطبوعات والنشر، مسكينة وواهمة هي، فالمقالات مجهولة المصدر والكاتب، ستظل تحلق في الفضاء الإلكتروني دون أن يتمكن أحد من منعها، وستظل تقض مضاجع الحكومة بما يمكن أن تشتمل عليه من انتقادات موجعة لسياساتها، مع تذكر أن تلك الانتقادات ستفتقر إلى ما تشتمل عليه الآن وهي تنشر في المواقع الإلكترونية المعروفة المصدر من دبلومسية وتهذيب وتورية، لتتسم لاحقاً بدرجة عالية من الهجومية والمباشرة والتحدي، وهذا هو رد الفعل الطبيعي المتوقع على حرمانها من شرعية التنفس والظهور العلني.
وما يزيد الطين بلة هو تزامن إطلاق القرار مع صدور التقرير السنوي لمؤسسة \"بيت الحرية/ فريدَم هاوس\"، الذي يوجه إلى الحكومة الأردنية، بل إلينا جميعاً، صفعة موجعة بزعمه أن الأردن قد انتقل من فئة البلدان \"الحرة جزئياً\" إلى فئة البلدان \"غير الحرة\". من باب الإنصاف، ربما تكون المؤشرات التي اعتمدتها المؤسسة لتقرير مثل ذلك الحكم القاسي مؤشرات لا تتمتع بما يكفي من العمق والتماسك والدقة؛ وبخاصة ذلك المؤشر الذي يجعل من حلّ مجلس النواب دليلاً على تراجع البلد على مستوى الحرية، دون أن يتوقف طويلاً عند خصوصية ذلك المجلس والدور الخائب الذي كان يقوم به، الذي أثبت أن حلّه ـ ويا للمفارقة والأسف إذ أجد نفسي مضطراً لقول هذا ـ قد يكون أنفع لخدمة توجهات الحرية والإصلاح والانفتاح!
غير أن عدم دقة ذلك المؤشر، أو عدم دقة التقرير كله من باب الجدل، لا يعني أن الحريات في الأردن بخير، فتدخّل الحكومة نزولاً عند ضغوط خارجية لإرغام مجالس بلدية على تغيير أسماء شوارع بائسة، واستمرار مهزلة منع بعض الكتب من النشر بحجج واهية مضحكة، والتحضير لإصدار سلسلة من القوانين المؤقتة التي لم تنل ما تستحقه من النقاش والرضى الوطني، واتجاه نية الحكومة إلى التشبث بقانون الصوت الواحد سيء الصيت مع تعديله بصورة سطحية، ومنع بعض التظاهرات والاعتصامات والتجمعات السلمية المتعلقة بالمطالبة بالحقوق المشروعة لبعض الفئات العمالية المهمشة أو بمناصرة قضايا الأمة، وأخيراً وليس آخراً إجبار الصحف الإلكترونية على الاحتكام إلى قانون المطبوعات والنشر المثقل بالتحفظات والتخوفات الوجيهة، كل ذلك وغيره يوحي فعلاً بأن الحريات تتعرض لتهديدات جدية يتفاقم أمرها باضطراد، بصورة تتعارض تماماً مع ما جاء في كتاب التكليف الملكي، ومع ما جاء ويجيء في التصريحات المتتابعة للحكومة الجديدة ورئيسها.
حكومة الرفاعي المتحمسة، وقبل انقضاء مائة يوم على تشكيلها، تورطت بفتح أكثر من جبهة، على الصعيد الداخلي والخارجي، تكفي كل واحدة منها لإنهاك أقوى الحكومات وأصلبها، فهل هي قادرة حقاً على مواجهة تلك الجبهات جميعها، ولو على المستوى الإعلامي فحسب، وبخاصة بعد أن ضحت بالكثير من حلفائها من أهل الصحافة والإعلام!؟

د. خالد سليمان
sulimankhy@gmail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع