رنّ جهازي الخلوي معلناً وصول رسالةٍ ما ، فتحتُ الرسالة وإذ بها تقترح عليّ أن أشترك في ابتهالات دينية لشهر رمضان المبارك ، وسعر الرسالة الواحدة ( كذا ) قرشاً .. ببساطة مسحتُ الرسالة ! وبعد بضعة ساعات وصلتني رسالة جديدة تسألني – بكل سذاجة – ( هل صوت القطة يسمى مواء أم مياو !!! ) وسعر الاشتراك بالمسابقة للرسالة الواحدة ( كذا ) قرشاً !!!
استغفرتُ الله العظيم وأنا أمسح الرسالة التي تحاول الاستخفاف بعقولنا – حتى بطبيعة الأسئلة – وكأننا نجد أموالنا على الرصيف لتأتي شركات الخلويات ( بكل براءة ) لتحاول سلبها منا وتعدنا بجائزة ما لم أكمل بقية الرسالة لأعرف ماهيتها !!!
وفتحتُ بريدي الإلكتروني لأجد عشرات الرسائل القادمة من ( بنك إفريقيا - بوركينا فاسو ) بأسماء أجنبية وأحيانا بأسماء عربية أو مسلمة ولكنهم جميعاً وهميين يلفقّون قصصاً حول وجود وديعة ما في فرعهم بالبنك بقيمة مالية بملايين الدولارات وأنّ صاحب الحساب توفاه الله وهو ( مقطوع من شجرة ) كما يقولون وليس له أقارب يرثونه وأنهم يخشون أن تضيع هذه الأموال ويريدون ( مني أو منك ) أن نتظاهر أننا أقرباء لهذا المتوفّى ونقتسم المبلغ الهائل بيننا . فيما تطلب قصة أخرى مساعدة إحدى بنات زعيم بلد ما والتي ترك لها أبوها ( قبل تعرض بلادهم للحرب ) مبلغاً بالملايين ولكن بشرط ألا تستلمه إلا بعد بلوغها السن القانونية أو أن تكون تحت وصاية أحد ما ، وهي تريد مني أو منك أن نكون أوصياء على أموالها قبل بلوغها السن القانونية لتحول المال إلى حسابنا و تقتسمه معنا ! ولا أزال يومياً أحذف العشرات من هذه الرسائل وأعتقد أن معظمكم يستقبلون مثلها !!
وكذلك الأمر بالنسبة للمسابقات على الفضائيات الكثيرة والتي أقل ما فيها خسارتك لمكالمة دولية دون احتمالية حقيقية للربح !
طبعاً هذه القصص جميعاً تعتمد على عدة نقاط تلعب عليها أهمّها بالنسبة لرسائل الخلويات والفضائيات ( الطمع البشري ) حيث يحاولون التركيز على طمعنا كبشر في المبالغ المذكورة أو الهدايا الكبرى أو حتى ضيق ذات اليد للبعض الآخر وحاجته المادية ، وبالنسبة للرسائل الإلكترونية تعتمد على غفلتنا وسذاجتنا وفضولنا وبالتالي احتمال وقوعنا في هذا الشَّرَك ، وبالتالي الحصول على أسمائنا الكاملة وعناويننا وأرقام حساباتنا وبطاقاتنا الائتمانية وما إلى ذلك من أجل اقتحام هذه الحسابات بسهولة ( قرصانية ) وسرقة ما بها من أرصدة ومدّخرات ، أو حتى توريطنا بجرائم لا علم لنا بها أو مشاكل قانونية و مالية لا يعلم خطورتها إلا الله تعالى ، ولو سلم الله ولم يحدث إلا ضياع رصيدك فالناتج هو أنّ ( القانون لا يحمي المغفلين ) !! وهم يرسلون المئات والمئات من هذه الرسائل يومياً إذ ربما يقع لو شخصٌ واحدٌ ينهبون ماله !!
ومنذ مدة قريبة أصدر مجلس الإفتاء الفتوى التالية : ( قال مجلس الإفتاء إن المسابقات التي تجري عن طريق الهواتف الخلوية برسائل قصيرة أكثر من قيمة الرسالة العادية ، والتي يدخل فيها المشترك في احتمال الربح أو الخسارة المادية سواء ربح الجائزة أو خسر تكلفة الرسالة هي من القمار المحرم ، الذي ورد تحريمه في الكتاب والسنة ، وعدّهُ العلماء من كبائر الذنوب ، وذلك في قول الله عز وجل: \" يا أَيُّهَا الَّذًينَ آمَنُواْ إًنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسًرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ منْ عَمَل ِالشَّيْطَان ِفَاجْتنبوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ \" ) كما قامت جهات من الأمن العام مشكورة بتحذير المواطنين من استغفالهم بهذه الحيل ، وعلينا أن ندرك بالتالي ضرورة عدم سقوطنا في هذا الخداع المدروس من أجل ربحية شركات لا يهمّها سوى أرباحها على حساب قوت المواطنين !
لنتقّ ِالله في مواطنينا ، فالمواطن الأردني لديه أعباءٌ تكفيه وتزيد ، وعليه الاهتمام بها وتوزيع دخله عليها وليس بحاجة لوهمٍ آخر يسلبه ما بقيَ من مالٍ قليل في جيوبه بحجة احتمال ربح سيارةٍ أو جائزةٍ كبيرةٍ أخرى ، ونتمنى أن نتمكن من إيجاد طريقة تخلّصنا من مشاريع النّصب العلنيّة التي تحاول سرقتنا بكل وضوح والتي نتعرّض لها يومياً . ودمتم بخير !!
nasamat_n@yahoo.com