لم يعد هناك فارق بين \"سن \" القوانين و \" سن \" السكاكين على المواطن الذي بات مكتوم الأنفاس عن الكلام ، ويعيش من \" قلة الموت \"في خطٍ فاق خط الفقر انحطاطاً ، حتى أصبح \" كضحية العيد \" التي نطعمها قليلاً مما تبقى من خبزنا \" الجافر \" ، ثم نذهب فرحين إلى \" سنّ \" السكاكين من أجل جزِّ عنقها في صبيحة يوم العيد ثم تقطع وتوزع ، ومن يحصل على \" الهبرة الكبرى \" هو ذاك صاحب الحظ السعيد ..!!
رغم أن هناك فارق في المعنى اللغوي للفعل \" سنَّ \" ، ما بين \" سنَّ \" الأولى و\" سنَّ \" الثانية .. إلاّ أنهما بالمحصلة طرفان لمعادلة واحدة نتيجتها \" التأوه والألم \" ، وكلالهما \" تبعث على الغثيان \" ..!!
ونحن كمواطنين تجرعنا الأثنتين ، فعندما تدرك الحكومة أن المواطن أخذ يتنفس الصعداء والبسمة ارتسمت قليلاً على شفتيه ، تذهب إلى \" سنّ \" مزيداً من القوانين ، التي من شأنها \" شلّ \" قدرة لسانه عن التأوه والمناجاة ، وتُحجِمْ حريته الفكريه عن التفكير بما يدور من حوله ، بل تسعى جاهدةً إلى إبقاءه في خانة الخانع لما طاب لها من تنفيذ قرارات وسن قوانين جديدة عليه ، منها ما يطال فكره وآخر ما يطال وضعه الاجتماعي والاقتصادي ، وكأنها في سباقٍ مع الزمن ، وخاصة في ظل غياب \" المجلس التشريعي \" عن ساحتها .. وهيّ تعلم \" الحكومة \" ونحن وإياها أن مجالسنا التشريعية السابقة رغم انتخابنا لها لم تكن تغني أو تسمن من جوع .. فلما العجلة إذاً من سنِ قوانين تعاد صياغتها مرةً تلوَّ أخرى ..!!؟؟؟
إن تكميم الأفواه عن التأوه والصراخ بملء إرادتها ، والذي ذهبت الحكومة الرشيدة مؤخراً إلى سن قانون خاص له تحت مسمى \" قانون جرائم انظمة المعلومات الالكترونية \" ثم عدلّ ماهو إلا سكين مغروس في حناجر المنادين لما كفله الدستور لهم من عدلٍ ومساواه في الحقوق والواجبات ، من أجل رفعة الوطن وتقدمه ، والكشف عن كل من تسول له نفسه النيل من أمنه واستقراره ، والتمسك بالكرامة الأردنية الأصيلة التي وهبها العرش الهاشمي المفدى لهم منذ أن أطلق الشريف الحسين بن علي \" طيب الله ثراه \" الرصاصة الأولى ونادى من أجل حرية الشعوب العربية واستقلالها ..!!
إن تحجيم الإرادة في نفس المواطن المثقلة بهموم الحياة ، وسعي الحكومات إلى مزيداً من الضغوطات المختلفة عليه ، أدت بالتالي إلى ظهور العديد من الظواهر السلبية الجديدة على ساحتنا الأردنية ، تفاوتت ما بين ظواهرجرمية وأخرى لا أخلاقية ، إلى أن طالت إلى إزهاق الروح البشرية التي حرم \" رب العزة سبحانه في مكانه \" قتلها ..!!
وهذه الظواهر التي باتت وكأنها عُرفٌ مألوف على ساحتنا ، لم تكن فيما مضى بهذه الدرجة التي نشاهدها ونسمعها في أيامنا الحالية ، وحتى في أحلك الظروف القاسية بأيامها ولياليها التي كانت حبلى بكثير من مشاعرالخوف والجوع ، إثر الحروب المتتالية على الساحة ، وما كان يرافقها من عدم توفر الأمن والاستقرار الذي كان أشبه ببعيد المنال حينها ..!!
و لا زالت حكومتنا الرشيدة تعتقد أن جيب المواطن ملئى ، وتسعى إلى سدّ عجز موازنتها التي تثقل كاهلها من جيب المواطن الذي بات لا جيب له ، وأصبح فاقداً لرشده ، ويذود على إثرها عن الأنظار هرباً من قوانين لها أول وليس لها أخر ، وسكاكين لا ترحم ولا تميز بين الضحية التي تضحي \" تجوز \" أو الضحية التي لا تضحي .. فالحكومة \" تُسِنُّ \" القوانين لتسلطها علينا ، ونحن \" نُسِنُّ \" السكاكين لنسلطها على بعضنا بعضاً ..!! akoursalem@yahoo.com م . سالم أحمد عكور