مع مطلع العام الدراسي الجديد الذي سيبدأ اليوم السبت الرابع من أيلول 2010م بدوام الهيئات الإدارية والتدريسية .. والذي نتطلع فيه إلى تجاوز كل الصعاب وتذليل كافة العقبات التي قد تعترض بداية موفقة وناجحة لعام دراسي مفعم بالأمل والحيوية .. إذ يجب علينا أن ندرك حجم المسؤوليات والتحديات الذي تواجهها وزارتنا العتيدة – وزارة التربية والتعليم - لما لهذا العام من خصوصية تامة .. فلم يسبق للوزارة في تاريخها أن واجهت تحديات جمة مثل التحديات المقبلة .. فمع سياسة التقليم ألإثماري التي انتهجت.. وأسفرت على تغيير عدد كبير من قيادات وزارة التربية والتعليم المتبوئة الصف الأول والتي كانت صانعة للقرار .. ذلك بدعوى انتهاء خدماتها الوظيفية وبلوغها سن التقاعد .. والتي أورقت وأثمرت أيضا وجوها قيادية جديدة ستقود العملية التربوية التعليمية في المرحلة المقبلة بمزيد من الهمة والمسؤولية .
وأنا أعتقد أن الوزارة قد نجحت في اختيار القيادات البديلة .. لتقوم بواجبها التربوي ألإثماري الجديد بكل عزم وإصرار وبقدرة تامة على قيادة العملية التربوية في المرحلة المقبلة بهمة الرجال .. فالمسؤولية كبيرة .. والتحديات جسام ولعلنا نقول ( كان الله في عون الجميع ) بما فيهم كل الكوادر والطواقم حديثة العهد بالمسؤولية .. والتي ستكون تحت المجهر لذالك وجب إخضاعها للتدريب والتأهيل لإرساء السياسات المنهجية القادرة على مواكبة روح العصر واستخدام التقنية الحديثة بشتى الوسائل بحيث تكون قادرة على اتخاذ قراراتها بكل جرأة وموضوعية مع الحفاظ على الثوابت التربوية والوطنية كجزء من التنمية التربوية الجديدة والشاملة .
إن الإصلاح التربوي وتحديث النمطية المتبعة جزء من المهمة التربوية والوطنية التي ستلقى على عاتق القيادات الجديدة .. مع ضرورة التفاعل مع أركان المجتمع الطلابي الأردني والميدان التربوي بدرجة عالية من التواصل والحرص .. مع وضع أسس للمرجعيات التعليمية المتطورة لإرساء تقديم لواقعنا التربوي مع التذكير بالعوامل التي من شأنها التأثير على صياغة السياسات التربوية وتأثير العولمة وتعزيز مفهوم الاقتصاد المعرفي للسعي إلى النهوض المتطور كي نحقق الأهداف التي جاءت من أجلها سياسة التغيير.
إن وزارة التربية والتعليم ماضية بعزم وحس بالمسؤولية في إرساء قواعد جديدة للعام الدراسي الجديد لإحداث تغيير منشود يلقي بظلاله على الميدان التربوي .. فالجميع في حالة تأهب قصوى وعلى رأسهم معالي الدكتور خالد الكركي والسادة أصحاب العطوفة الأمناء العامين على حد سواء وبالتنسيق مع كافة مديريات التربية والتعليم لاستقبال جاد للعام الدراسي الجديد .. حيث تم إبلاغ السادة مديري المديريات بضرورة استكمال التجهيزات الخاصة بالمدارس وتسليم الكتب للطلبة مع أول يوم دراسي .. وقد تم الانتهاء من تسلم مباني بعض المدارس الجديدة والتي أصبحت جاهزة .. كذلك الانتهاء من أعمال الصيانة بشكل فعلي من مختلف النواحي. لاستقبال الطلبة والطالبات والعمل من أول يوم دوام للطلبة .. وبذلك نرى وزارة التربية والتعليم هذه الأيام قد تحولت إلى خلية نحل ومحطة أعمال تسابق عقارب الساعة لاستقبال عام تربوي جديد بمزيد من الهمة والنشاط والحماس وبحرارة توازي حرارة الصيف الماضي مواصلة أعمالها المكثفة استعدادا وتأهباً .
أما فيما يتعلق بالميدان التربوي فالزملاء المعلمون هم أبناء هذا المجتمع الأردني الواحد بنسيجه الاجتماعي المتآلف وتركيبته المنسجمة هم الحريصون كل الحرص على الالتحاق بمدارسهم منذ اليوم الأول .. فهم كما العهد بهم دوماً .. أهلا للمسؤولية وهم أساس العملية التربوية وجزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية.. وقد ننسى أحيانا أن نحمد الله على وجودهم.. فقد أصبح المعلمون من المسلمات والأساسيات.. لكنهم دون شك أصحاب أهم مهنة في الأردن وأثمنها.. ومن تحت أيديهم تتخرج أجيال الغد .. ذلك ما قالته سيدتي صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد الله في شكرها وعرفانها لهذه النخبة الطيبة من أبناء أردننا الأسبوع الماضي .
لذلك لا بد أن نجدد ثقتنا بمعلمينا الأخيار.. فهم رمز الشهامة والرجولة وهم وحدهم القادرون على فهم واقعهم وواقع طلبتهم مع المحافظة على حقوقهم وواجباتهم وحقوق الغير وواجباتهم.. علاوة على قدرتهم على معرفة اتجاهات طلبتهم واحتياجاتهم في كل ما من شأنه رعاية وتربية النشء تربية متوازنة في عصر دائم التغيير والتجدد .. لذلك فهم الذين يقودون الخير إلى أرقى مصاف الإنسانية ليعبروا عن إنسانيتهم التي تبشر بقيم الخير والعمل الذي يرضي وجه الباري عزّ وجل .. لذلك لا بد من تقديم المصلحة الوطنية واعتبارها في مقدمة الأولويات .. فهنيئا لهم هذا العام الدراسي الجديد .. وعهدنا بهم هو العهد الذي يعكس حس المسؤولية العالي الذي هو فوق كل الاعتبارات فمصلحة الوطن فوق كل المصالح وفي مقدمتها مصلحة أبنائنا الطلبة ولنعي تماماً بأننا مهما فعلنا وقدمنا فلن نفيهم حقهم ..فهم الرجال الأشاوس اللذين يحملون شرف الانتماء لتراب هذا البلد وهم الحريصون على الإخلاص والولاء والتفاني في العمل بكل همة وعزيمة ومسؤولية . وفي ذلك وجب علينا أن نثبت وبشكل قاطع أن الأردنيين لا يختلفون على الإطلاق لوهلة واحدة حول أردنهم ومصالحه العليا .
وفي ذلك أيضاً .. فإننا ندرك أن الرسالة الملكية الواضحة التي سبق ووجهها صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين إلى حكومة السيد سمير الرفاعي والتي تضمنت المكرمة الملكية الخاصة بالمعلمين .. كانت واضحة وفيها توجه رسمي للتعاطي مع هذه الشريحة المخلصة من أبناء مجتمعنا الواحد بوافر من الجدية والاهتمام .. وعلى ضوئها أعلنت الحكومة وفي أكثر من مناسبة على الملأ أنها مهتمة بمطالب المعلمين وعملت على تلبية الممكن منها في اقرب وقت ممكن . معلنة أنها بصدد إنشاء هيئة مهنية تمثل قطاع المعلمين وهي في ذلك إنما تلتزم النص الدستوري فالأردن يتميز في هذا الاتجاه بمنحه الحرية لكل الشرائح المهنية والعمالية في إطار من نصوص صريحة تريد الحكومة من خلالها تمكين هذه الفئات من الدفاع عن مصالحها وحقوق منتسبيها .. في إطار من احترام القوانين المرعية .. ولن تألو حكومة الرئيس الرفاعي جهدا في منح المعلمين كل ما يسهم في طمأنتهم وتلبية مطالبهم والعمل الجاد والدؤوب لتحسين المستوى المعيشي والمهني لهم .
أما وضمن مجمل التحديات وأهمها التي يجب الانتباه لها .. ويجب إدراكها إدراكا واقعيا .. فهي الأعداد المتنامية من الطلاب الذين قبلوا في المدارس الحكومية .. وما سيرافق ذلك من توفير المستلزمات الدراسية والتربوية لهم وإعداد المناخات الصفية الملائمة لاستيعابهم .. من كتب وغرف صفية ومقاعد وخدمات وكوادر تربوية وتدريسية .
وعند التذكير أيضا على أن السنة الدراسية الجديدة أوشكت على الدخول والتحدي الأهم والأصعب هو العمل على تجديد نشاط الطلاب ورفع درجة استعدادهم واستيعابهم حتى نهاية العام والعمل على سلامتهم من الناحية الصحية وتوفير الجو النفسي والتعليمي المناسب لهم وفق بيئة مدرسية آمنة .. وصولاً الى غاية تستهدف إنتاج مخرجات طلابية تتصف بجودة التحصيل العلمي وتتمتع في الوقت ذاته بمواهب وقدرات وإمكانيات متنوعة.
ومع بداية العام الدراسي الجديد أيضاً .. لا بد لنا من الوقوف مذكرين .. عند أركان العملية التربوية .. ومحاولة جادة من الجميع نحو ضرورة التأكيد على دور المدرسة في تنشئة الجيل القادر على تحمل مسؤولياته فالمدرسة اليوم فضاء واسع للتعليم وليست منعزلة عن المجتمع.. بل نريدها أن تكون مدرسة للتعلم ومرتعاً الأمان.. يشعر فيها المتعلم بالدفء والحميمة وشاعرية الانتماء.
نريد من مدارسنا أن تجسد روح المواطنة والإبداع والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء والإيجابي بين كل المعنيين في الحياة المدرسية.. من معلمين وإداريين ومشرفين تربويين وطلاب وكل فعاليات المجتمع المدني.
نريد مساهمة حقيقية في تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى طلبتنا .. ليكونوا مواطنين فيهم الصلاح لوطنهم وأمتهم.. مبدعين ومبتكرين وخلاقين يهتموا بمؤسستهم التربوية ويغيروا عليها أيما غيرة.. ويساهموا في تغيير محيطهم الاجتماعي بما يخدم مصلحة الأردن العليا .
نريد ما يشبه الميثاق الوطني لكل مدرسة .. ذلك من أجل خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. وفي مقدمتهم الطلبة الذين يتربون على نبذ العنف والتطرف والانعزالية.. ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة الفعالة مع باقي المشاركين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في فضاء المحبة والصداقة.. إقصاء للتغريب والتهميش.
نريد مدرسة منفتحة على محيطها الاجتماعي والثقافي.. يساهم في تطويرها\" كل الأطراف المعنية من لجان مجتمع محلية والقطاع الخاص ومؤسسات إنتاجية وجمعيات .. دون إغفال دور أولياء الأمور بالمراقبة والتتبع والحرص على المستوى المطلوب
وبلا شك أن تضافر جهود كل هذه الأطراف سيخلق مدرسة مفعمة بالحياة.. نشيطة ومتطورة.. نحن في أمس الحاجة إليها.
وأخيراً.. وان أطلت عليكم .. فنحن بحاجة إلى طلاب نشيطين.. وهيئة إدارية وتدريسية نشيطة.. في مجتمع مدرسي نشيط وفاعل.. حتى يشارك الجميع في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها.
وفقنا الله وحمى أبناءنا الطلبة وحمى أردننا العزيز الغالي من أي مكروه
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com
الموقع الخاص بالكاتب : http://sites.google.com/site/faisaltayeh/home