زاد الاردن الاخباري -
يعتبر شهر رمضان من أعظم الشهور عند المسلمين. قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذًيَ أُنزًلَ فًيهً الْقُرْآنُ هُدًى لًّلنَّاسً وَبَيًّنَاتْ مًّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانً).
البقرة: ,185
ولشهر رمضان مقامه الخاص عند المسلمين في كل بقاع الارض ، حيث يبدأ المسلمون الاعداد لاستقباله منذ بداية شهر شعبان ، ورمضان شهر عبادة وعمل وليس شهر صوم فقط ، فهو شهر جامع ، فيه الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والإكثار من فعل الخيرات وتلاوة القرآن الكريم ، ولكن البعض يتعاملون مع هذا الشهر الفضيل بطريقة سلبية تماما ، إذ نجدهم يركزون على العبادات ويتقاعسون تماما عن القيام باعمالهم ، متناسين ان رمضان هو شهر العمل ففيه وقعت اعظم المعارك الفاصلة بالتاريخ الاسلامي.
تقصير
خليل الرواجفة موظف متقاعد ، قال ان البعض من الناس يجعلون من الصيام حجة لهم وعذرا عن تقصيرهم في أداء واجباتهم على الوجه الحسن ، فنجدهم يعللون تأخرهم في القدوم إلى مواقع العمل بأنهم كانوا نائمين ، ويعللون عدم إتقانهم أعمالهم بأنهم مرهقون بسبب الجوع أو العطش ، وهم طبعا يرون ان للصائم الحق في أن يخفف عنه من جهد العمل ومشقته ، ويعللون خروجهم المبكر من اماكن عملهم بأنهم محتاجون لقضاء بعض اللوازم للإفطار،، كذلك نجدهم يبررون تذمرهم من المراجعين بأنهم صيام ، وهم بذلك يبتعدون تماما عن الحكمة التي ارادها الله عندما شرع الصيام.
تقوى
معتز منصور موظف بالقطاع العام ، قال أن هناك أنواعا مختلفة من الأعمال ، فمنها ما هو شاق ويحتاج إلى جهد ، كالمشاريع الميدانية أو أعمال العمارة والبناء و التي تستوجب القيام بجهد بدني وفكري يسبب إجهاد العامل أثناء الصوم ، ومنها الأعمال المكتبية وهذه يجب ألا تؤثر على إنتاجية الموظف لأنها أعمال لا تحتاج إلى مجهود كبير ، واكد منصور أنه على كل موظف إدراك أن هناك رابطا بين الصوم واتقان العمل الذي يعتبر من التقوى ، ولا ننسى أن الحكمة الأساسية من الصوم هي تعزيز العلاقة بين الإنسان وربه وتربية المسلم على الإخلاص والصبر.
عمل متواصل
اميرة محمود موظفة في القطاع الخاص قالت: أن الخلل ليس في شهر رمضان أو في ساعات العمل سواء من حيث طولها أو قصرها ، بل إن الخلل يكمن في الموظف نفسه ، فإذا كان الدوام في رمضان لا يتعدى ست ساعات يوميا مقارنة بثماني ساعات في الأيام العادية ، فمن المفترض أن يكون هناك عمل متواصل من الموظف في ساعات رمضان حتى ينجز المعاملات المطلوبة منه ، حيث إن تلك المعاملات تتوقف عليها مصالح الناس وبالتالي ، فإن من كمال الصيام أن يساهم الموظف في أي دائرة كانت في انجاز اعمال هذه الدائرة ، فيكون عونا للناس لا أن يكون سببا في تعطيلهم أو تأخيرهم بحجة أنه صائم.
تأفف وعصبية
يوسف الدسوقي مشرف تربوي قال: كانت هناك ممارسات نلاحظها لدى بعض الناس في شهر رمضان كالتأفف والعصبية والنرفزة وعدم اتقان العمل وانجازه بالشكل الصحيح ، او الغش في العمل او طلب زيادة الاجر بسبب صعوبة العمل في رمضان ، وهناك فئة من الموظفين تقوم بجمع رصيد اجازاتها وعدم اخذ اجازات قبل شهر رمضان ، وفي شهر رمضان تأخذ اجازة متواصلة بحجة عدم القدرة على العمل ، وهنا يقول الدسوقي هذه مبررات لا داعي لها ، فالعمل في رمضان يقوي الارادة والعزيمة والشعور بالاخرين الذين هم بلا عمل او غير القادرين على العمل ، وهذا يؤدي الى إتقان العمل أيضاً وليس التقاعس عنه او تأجيله ، وايضا يؤدي الى تعامل الموظفين او العمال مع المراجعين معاملة حسنة وانجاز معاملاتهم في وقتها ، والاخذ بعين الاعتبار صيام هؤلاء المراجعين وقدومهم من اماكن بعيدة بهدف انجاز هذه المعاملات ، ويؤكد الدسوقي على اهمية التواصل مع زملاء العمل كونه يساعد على انتهاز الفرصة للتسامح والتصالح بين فئة العمال الذين حصل بينهم سوء تفاهم او خلافات مسبقة ، مما يؤدي الى الصفاء وتوفير اجواء هادئة في بيئة العمل.
سلوك غير سليم
الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية قال: ان شهر رمضان شهر مبارك وشهر خير وعمل واتقان وانجاز في العمل ، ولكن للاسف الشديد هناك بعض السلوكيات الاجتماعية الخاطئة التي ترتكب في هذا الشهر والتي هي بعيدة كل البعد عن فضائل شهر رمضان ، ومن هذه السلوكيات السلبية الكسل والخمول والتقاعس عن العمل بدعوى الصيام ، ويشدد الخزاعي قائلا على العكس تماما فشهر رمضان يطالبنا بالتحلي بالسلوكيات والقيم الاخلاقية والانسانية والدينية في العمل ، لاننا مطالبين في شهر رمضان بالبعد عن السلوكيات السلبية والتي كانت تمارس من قبل البعض مثل التهرب من العمل وطلب الاجازات والمغادرات بدعوى اقامة العزائم والولائم او لبعد المنزل عن مكان العمل ، او لشراء احتياجات الافطار ، وللاسف الشديد فإن المدراء والمسؤولين يقبلون هذه المبررات وكانها حق يجب منحه للموظفين.
وقال الدكتور الخزاعي ان الفهم الخاطىء والاستعداد المادي الشكلي لشهر رمضان وليس الاستعداد الايماني المبني على التقوى والرحمة والتكافل الاجتماعي هو الذي يجسد هذا السلوك غير السليم من قبل افراد المجتمع ، حيث انه للاسف اصبح التركيز على الشكليات الغذائية والمسلسلات والدراما الفنية في شهر رمضان ثقافة خاطئة وتقليد اعمى.
ويقول الدكتور الخزاعي ان السبب في عدم اتقان العمل والتراخي والكسل يعود الى عدم تنظيم وقت المواطنين ، وخاصة بعد الافطار والسهر على المسلسلات والافلام وعدم الراحة والنوم والاستعداد بشكل جيد ، فيذهب العمال للعمل وهم مرهقين ، و يتعاملون مع المراجعين معاملة سيئة ولا ينجزون معاملاتهم ، وللاسف نتائج الدراسات التي اجريت في الوطن العربي تشير الى ان انتاجية العمل تقل بحدود (20%) للعامل الملتزم بساعات عمل محددة وتزيد على (40%) للعمال الذين يقومون باعمال متقطعة ، والاردن جزء من الامة العربية وعاداته وتقاليده وسلوكياته المتعلقة في العمل لا تختلف عن الامة العربية.
الدستور - التحقيقات الصحفية - جعفر الدقس.