لن تمحى من ذاكرتي ليالي الاربعاء، فنحن أبناء المرتفعات الجبلية يوم الاربعاء يرنًّ في ذاكرتنا رنّا ، وترتسم إبتسامة خجلى على شفاهنا من تلك الليالي ، أيام الاربعاء تجد الأخ الاصغر على الحائط يحرك "الانتين" يمنة ويسرة والاخ الاكبر من داخل الغرفة يصرخ "يكسر أيدك قبل شوي كانت الصورة طبع".
الحارة تبحث عن محطة إسرائيل الارضية أو محطة سوريا وكنا نتفاخر فيما بيننا عن من يوجد عدد محطات أكثر لديه طبعا رقم "تسع محطات" كان يعتبر كذبة كبرى ، على سطح كل منزل "أنتين" ،الأنتين مثبت بماسورة غالبا 2 انش وبطول 4 امتار، والماسورة موضوعة داخل برميل مليىء بالحجارة...حجارتنا لتثبيت "أنتين" وفي فلسطين سلاح مقاومة...بعض البيوت الفخمة كانت تضع أبراج حديد تشبه برج إيفل لا زال بعضا منها الى اليوم يقبع على ظهور تلك المنازل في إشارة واضحة الى ترف مادي "قديم".
تغير كل شيء ، وسقطت تلك البراميل عن أسطح منازلنا برميلا تلو برميل ، وحلت محلها "الدشات"، كانت برامجنا الأجمل على الاطلاق...رحم الله رافع شاهين ومرزوق ومباريات الدوري ، اليوم لا أعرف عدد المحطات التي اتنقل بينها ، تزيد عن المئتين وبصدق لم اكن اشعر بهذا الملل أيام البث الأرضي، حيث لم يعرف تلفازنا "المسخوط" سوى محطتين.
قرأت في الشريط الاخباري ان التلفزيون الأردني سيعيد المحطة الارضية الثانية للبث ، بصدق لم أفهم الهدف ولا أعرف إن كان هناك أحد مهتم بمثل هذا الخبر في ظل وجود "الستالايت" ... هل يتخيل صانع القرار في التلفزيون الاردني أننا لدينا الاستعداد للبحث من جديد عن أنتين؟ أتمنى على إدارة التلفزيون الاردني توجيه تلك الطاقة لدب الروح في المحطة الفضائية بدل إحياء محطة لن نتمكن فنيا من مشاهدتها لعدم وجود" أنتينات" في الأسواق المحلية.
عن جد يا هنيالنا بهيك مسؤولين.
قصي عبدالرحيم النسور
qusainsour@yahoo.com