نجمة الشاشة السورية إغراء تقول لزاد الأردن : لا يتوقع أحد مني على الإطلاق أن أتقدم بعريضة ألتمس فيها حكماً بالبراءة الشخصية وشهادة حسن سلوك .
زاد الاردن الاخباري -
دمشق– محمد أنور المصري - مع إغراء عاش ملايين المعجبين في جميع البلاد العربية شغف السينما وعشق الفن الجميل ... لم تكن إغراء ممثلة وأديبة فحسب .. بل كانت رمزاً مميزاً سورياً وعربياً حيث أنها تجاوزت عصرها في رسم واقع سينمائي حضاري ومختلف .. بعيداً عن القيود والخوف والتخلف الذي اعتاده بعض الناس وخلفوه وهو في الأغلب لا يشكل قناعاتهم بل عجزهم وجبنهم وضعفهم .
لقد حققت إغراء كأديبة وكاتبة سيناريو وممثلة حلمها الفني برسم واقع متطور للسينما جديراً بالاهتمام والإعجاب والتأمل ، غير آبه ببعض الهجوم الذي تعرضت إليه من قبل المزدوجين والحاقدين والمنافقين اللذين يعارضون أفكارها وجرأتها وصراحتها ؟؟!! ولولا تمردها على الواقع السينمائي الهش وغير المعروف والمعترف به في سورية بالسبعينات وقبولها .. بأن تكون المصيدة والطعم في سنارة الشريط السينمائي المسمى " بالفهد " لربما بقيت السينما السورية في الظل وبلا جماهير تعرفها أو تقدم لمشاهدتها لسنوات طويلة وعديدة ومديدة ؟؟ نجمة الشاشة السورية إغراء في الذاكرة دوماً كرمز متوهج ومضيء وخالد للسينما السورية على مر الزمن ..
ما هي المعطيات التي من خلالها منحتِ لقب " فنانة الشعب " من الاتحاد السوفيتي ؟
دعيت إلى مهرجان موسكو العالمي التاسع سنة 1975 وقدمت هناك ثلاث أفلام من تأليفي وبطولتي .. أثنين منهم عرضوا خارج مسابقة المهرجان والثالث وهو ( أموت مرتين وأحبك ) عرض داخل مسابقة المهرجان وحاز علي جائزة تقديرية من قبل النقاد والصحافيين وقد اشتروا هذا الفيلم هناك ودبلج إلى اللغة الروسية .. وبما أنني وقتها الممثلة الوحيدة في الوطن العربي التي تكتب للسينما وتمثل في آن واحد حصلت على هذا اللقب . وبالمناسبة فإن هذا اللقب لم تحصل عليه أي ممثلة عربية أو أجنبية من قبل ولا بعد .
· هنالك دائما جدل مستمر حولك وحول ظهورك في بعض أفلامك بمشاهد جريئة .. ما هو ردك ؟
إذا كان الغرض من النقد حول المشاهد الجريئة فهذا الأمر ينطبق على غالبية الممثلات ونجمات السينما في الوطن العربي ومن المفيد أكثر أن يكون كل إنسان حسيب ورقيب على نفسه فقط .. وأما شخصياً لا أعير أي اهتمام لهذا النوع من الآراء المتخبطة الضيقة التي عفى عليها الزمن .. ولا يتوقع أحد مني على الإطلاق أن أتقدم بعريضة التمس فيها حكماً بالبراءة الشخصية وشهادة حسن سلوك ؟؟
· بالنسبة للحظ هل لعب دوراً في مسيرتك الفنية أم أنك اعتمدت على نفسك وتجاربك وكفاحك ؟
أنا واحدة من الناس أملك تجربة غنية كبيرة أضاءت فيها فصول كثيرة .. واحترقت فيها فصول كثيرة ولم يكن طريقي معبداً ولا مفروشاً بالورد .. بل كان مليئاً بالصعاب والأحقاد والمكائد والأفخاخ المؤذية المدمرة .. وتجاوزت كل ذلك بالصبر والحكمة والتسامح والإيمان لقد حفرت الصخر بيدي وأقدامي وأسناني حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن ، ولم يكن الحظ حليفي .. وكانت الحياة مدرستي ..
· كل السينمائيين القطاع الخاص يوجهون اللوم للمؤسسة العامة للسينما بأنها كانت وراء موت السينما ككل .. وشلل القطاع الخاص ما هو رأيك ؟
لقد قلت رأي مراراً وتكراراً ولكن ليس هنالك من مجيب .. وهذه المرة سأختصر وأقول .. هنالك حقوق وواجبات يحب منحها للقطاع الخاص .. يجب أن يكونوا شجعان في اتخاذ القرارات الصعبة .. يجب أن ننتهي من الكراهية بين الطرفين .. ويجب التشجيع في سبيل استقطاب القطاع الخاص .. كما أتمنى أن لا تتحمل تصريحاتي أكثر مما أشير إليه .. أنني لا أتهم أحداً بحد ذاته ولا أبرأ أحداً .. يجب أن تكون هناك خطة سينمائية واضحة تسهل أمور القطاع الخاص وتشد من أزره وتوفر له المناخ المناسب من التشجيع والدعم بكافة أشكاله بعيداً عن التشنج والاحتقان والاحتقار والاستعلاء .. ممكن أن نتشاور ونخطط لمصلحة الطرفين في مناخ يسوده الاحترام والمحبة والتعاون والألفة
ما رأيك بالصداقة والوفاء هذه الأيام ؟
لا أجد في نفسي الكفاءة لأحكم على غالبية البشر بأنهم غير مخلصين وغير صالحين للصدقات النزيهة والوفاء والعرفان بالجميل لكن من خلال تجربتي الشخصية وتحليلي للأمور بوعي واستناره وجدت أنني وعلى مدار سنين طويلة من البحث والتنقيب لم أمسك إلا بقلة من الأصدقاء لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة يعتمد عليهم في وقت المحن والشدائد ؟
· الإنسان الواعي بنظرك ؟
هو الذي تختلف معه دون أن يكرهك .
· قول تأثرت به ؟
الهزيمة بالحق .. ليست كمن الانتصار بالباطل .
· يقال أن هناك في الوسط الفني بعض من يكن لك العداء والحسد والغيرة والحق ويحالون التعتيم عليك بشتى الوسائل فهل هذا صحيح ؟
نعم .. قد حاولوا في السابق وفي اللاحق بعض الحاسدين والحاقدين والمنافقين والكافرين وأصحاب النفوس السيئة والمريضة المعقدة تدميري وقتلي المعنوي وراهنوا على سقوطي في ساحة الفن الجميل .. لكني في كل مرة كنت أخيب ظنونهم .. لأنني كنت كطائر الفنيق أنتفض من تحت الرماد وأبعث إلى الحياة من جديد أكثر تجدداً وجمالاً .. صموداً وعزيمة أكثر تسامحاً وغفراناً .. عطاء وإبداعاً ونضوجاً .
· هنالك سؤال محير جداً يتردد على ألسنة كثير من الفنانين والسينمائيين والنقاد والصحافيين وجماهير واسعة من الناس لماذا لم يتم تكريمك حتى الآن في مهرجان دمشق السينمائي علماً بأنك النجمة الوحيدة التي حصيلتها 55 فيلمً بالإضافة لكونك نجمة الشباك بلا منازع علماً بأنه تم تكريم ممثلات رصيدهن السينمائي فلم واحد وفيلمين أو ثلاثة على أكثر تقدير فكيف تفسرين ذلك ؟
للأسف القيمين على شؤون السينما هم المتحكمين في مصير السينما والسينمائيين والصالات والجمهور ومهرجان دمشق السينمائي وتصنيف وتقييم المكرمين في المهرجان وحتى المدعوين ؟؟ تصنيف وتقييم نسف من جذوره كل قواعد ومقاييس وأعراف اختيار الفنانين المكرمين .
على ما يبدو لا بد للفنان لكي يتم تكريمه أن تربطه بهذه السلطة المتحكمة جسور وأنفاق بعد كل هذا الزخم الكبير من البطولات السينمائية وقبلها التلفزيونية " الجرح القديم " دولاب ..النسر .. أخماس بأسداس وغيرها الكثير.. كتابة القصة والسيناريو وحوار حوالي "24" فيلماً إنتاج وإخراج 5 أفلام آخرها أسرار النساء إنتاج 1977 .. لقب فنانة الشعب من الاتحاد السوفيتي ميدالية ذهبية من نقابة الفنانين بدمشق تقديراً لمسيرتي الفنية وعطاءاتي المميزة في مجال الفن نجاحات ساحقة في شباك التذاكر الذي يشهد لأفلامي التي مازالت تعرض كل شهر في الصالات حتى يومنا هذا وتلاقي الاقبال الواسع إضافة إلى البصمة الهامة التي رسمتها في تاريخ السينما السورية بشهادة الجماهير والنقاد والمؤرخين ؟
حاملة كل هذا التاريخ الفني والأدبي الكبير والمتميز والمتفرد في عالم السينما لم يتم تكريمها حتى الآن .. وهذا فخر وشرف كبير لي !!!
· الذكرى ماذا تعني لك ؟
الذكرى كالسكين ممكن أن تؤذي .
· هل عندك حنين للطفولة ؟
أحيانا أحن إلى ماض لن يرجع .. غير أنني قادرة على إنتاج البراءة والنقاء في داخلي دوماً وقادرة أيضاً على الإحساس بعذوبة الطفولة وأنا في سن النضوج ولم يعاندني الزمن .
· من خلال تجاربك وخبرتك في مجال الفن والكتابة ما هي النصيحة التي تقدمينها لجيل اليوم من الفنانين ؟
كثير من الاجتهاد والعمل والصبر .. وقليل من الإدعاء ..كثير من الصدق والواقعية والإبداع والبعد عن الغرور والتنظير والأحلام المستحيلة .
· البعض من يقول بأن قصصك السينمائية بشكل عام وقصة " راقصة على الجراح " و امرأة برسم البيع بشكل خاص ينقلان بشكل أو بأخر معاناة شخصية أو أن فيهما ملامح من سيرتك الذاتية ؟
ح ياة الفنانين الخاصة غالباً ما تمثل تشخيصاً لبعض الصفات الشائعة في الحياة العامة ..ورغم أنني لا أميل إلى تمجيد نفسي ولا الصراخ في سبيل استدرار العطف .. إلا أن ما قدمته وأقدمه من أعمال ليس من صنف أدب الاعتراف أو الدراما النفسية التي تعالج سيرة ذاتية إنه يمكن أن يندرج تحت تصنيف التحليل الذاتي لحدث واحداً أو جملة أحداث وأعترف أنني حين أحاول أن أكسب أعمالي " قيمة باقية " ومقدرة على الفعل والتأثير فإنني ألجأ إلى الخصوصيات ذلك أنني على قناعة بأن العموميات هي أول الأشياء القابلة لأن تتقلص وتتداعى .. وعلى هذا الأساس فالبطلة في أعمالي السينمائية هي دائما إمرأة جميلة شكلاً ومضموناً فطرت على قسط كبير من النقاء والبراءة في بيئات متخلفة تعاني بعض شرائحها الاجتماعية من الازدواجية ومن هنا ينشأ التناقض الذي يتفاقم إلى أن يجد الحل في الغالب ضد المرأة النموذج وليس في مصلحتها .
· ماذا تفعلين قبل النوم ؟
· قبل النوم أقوم بالدعاء وأطلب من الله سبحانه وتعالى أن يحقق لي الأمنيات التي لم تحقق وأستغفره وأطلب رحمته على كل الأشياء التي كان يجب أن أفكر فيها .. و" ما فكرت " ..وعلى كل الأشياء التي كان علي عملها .. ولم أفعل ..
· بعض الرجال الذئاب كيف تتعاملين معهم ؟
لدي كل المقدرة على ترويض هذا الصنف من الرجال بحيث لن يتمكنوا من أن أكون فريستهم وأنا لا أشعر بالفخر من هذا الانتصار وبالوقت نفسه لا أخجل منه .
· بيت الشعر له وقع في نفسك ؟
دع عنك لوحي فإن لومي إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها إن مسها حجر مسته ضراء
· غالبية النقاد والصحافيين وكل السينمائيين أجمعوا على أنك علامة فارقة في تاريخ السينما السورية ولك يعود الفضل لمعرفة الجمهور السوري على سينماه من خلال فيلم الفهد الذي وافقت على الظهور فيه بمشهد جريء جدا هو الذي جذب الجماهير وقتها لمشاهدته واكتشاف السينما السورية.. ماذا كان شعورك عند تنفيذ هذا المشهد؟
لقد أجبت على هذا السؤال في مقابلة تلفزيونية وبما أنك لم تشاهدها فلا ضير من أعيد نفس الجواب :
أثناء تصوير المشهد شعرت بنفسي انتحارية تفجر في نفسها لغماً .. وقتها قلت : لا بأس فليكن جسدي جسراً تعبر عليه السينما السورية في سبيل التقدم والانتشار وأنا لست آسفة ولا نادمة على ما أقدمت عليه ولا يتوقع أحد مني أن أتقدم بعريضة ألتمس فيها حكماً بالبراءة الشخصية وشهادة حسن سلوك .
· الحكمة التي تؤمنين بها ؟
أستعير بقول شابلن العظيم .. إذا كنت أنا والعالم على طرفي نقيض ، فعلى العالم أن يتغير.
وأخيراً :
شاء من شاء .. وأبى من أبي ستبقى نجمة الشاشة السورية إغراء القمر الساطع والنور المتوهج والياسمينة البيضاء والفواحة في سماء السينما السورية