أصبح المال عند البعض الشاغل الوحيد للدنيا من الكبار والصغار ليلا نهارا فأصبح المال الكلمة السحرية والسرية والملفتة وتأسر القلب وتخطف الأبصار.
المال وبكل بساطة أصبح الحلم الجميل والمرتقب من بني البشر.
أهل بالمال ما يستدعي كل هذا الاهتمام المبالغ منا ؟؟؟
المال لا يستطيع شراء السعادة ولا الحب وتوصل الباحثون بأن المال يجلب السعادة لبعض الوقت.
ولكن تبقى القناعة هي السعادة الحقيقية والسعادة هي التي تجلب المال والصحة فلا يمكن للمال جلب الصحة.
ويبقى مفهوم الصراع المادي من أجل أن يجلب الإنسان السعادة لأسرته قائمة منذ الأزل بمقاييس مختلفة من شخص لآخر.
على سبيل المثال يصارع الإنسان الدنيا بحثا عن المال ويجلب هذا المال بالتأكيد بكده وجهده ومثابرته وعلمه وثقافته وبشقائه واجتهاده.
ويأتي يوم وللأسف ينفقه لاسترجاع ما تبقى من الصحة ولو لأيام قليلة.
فلم يجلب المال السعادة (لأرسطو أوناسيس) صاحب أكبر ثروة بذلك الزمان وصاحب الجزر والأساطيل والتجارة ولم يجلب المال والثروة المتبقية لأغنى حفيدة في العالم فوجودها منتحرة على إحدى الشواطئ الروسية متوفاة بعد عدة أزواج لم يستطيعوا حتى إسعادها ولو لسنوات قليلة ...عجبا لغرور المال وعجبا لهذه الدنيا ومغرياتها.
فكان (أرسطو اوناسيس) يمتلك من المال ما لم يمتلكه رجل بذلك الزمان وقبل وفاته طلب من أطبائه بأن يأخذوا من المال ما شاءوا لجلب القليل من الصحة ولو لأيام معدودات.
فلم ولن يستطيع أحد جلب ما تبقى من الصحة المستهلكة لأزمان خلت
ولو يعلم الإنسان أن المال لا يجلب السعادة ولا يجلب الحب لكان الآن أكثر استمتاع في حياته.
بدل الصراع المضني الذي يعيش فيه من أجل زيادة المال لديه وبالمناسبة في بعض الأحيان نجلب ونخزن المال لغيرنا اذا وجد المال لنتمتع به ولا نبخل على أنفسنا التي سنسأل عنها وعن هذه النعمة.
ولا أنكر أهمية المال وبه تتم السعادة وبه نسعد الآخرين أيضا. قال تعالى:
{ المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا }
صدق الله العظيم.
لننظر الى هذا الموضوع بحس إنساني عالي وموضوعي وهي فلسفة لا أكثر.
ما هي مقاييس السعادة وما هي السعادة فلو دخلنا أجساد بعضنا البعض وعلمنا كل إنسان ما يكن من الألم وأحزان لما حسدنا بعضنا بعضا وبقينا راضين سعيدين فالحظوظ بهذه الدنيا متساوية فلا وجود للمال مع الصحة فالدنيا مسرح ونحن فقط نؤدي الأدوار فلا يغريك فلان ولا علنتان فلو دخلت لقلبه لوجدته حزينا أسيرا لبعض الشهوات والنزوات وهكذا نحن فالبشر جميعا خلقوا من ضعف.
فالناس جميعا باختلاف أجناسها وأعراقها وأطيافها ومعتقداتها وطبقاتها وحتى أفراد الأسرة الواحدة.
فكل فرد منهم له مفهومه الخاص عن السعادة وكيفية الوصول الى تلك الغاية.
فهناك من تكون سعادته في العلم والثقافة وهناك أيضا تكمن سعادته في التزود بعلوم الدين
وهناك من تكمن سعادته بجلب المال أو السلطة أو النساء وهناك من يرى سعادته برسم الابتسامة على وجوه أشقياء الأرض وهناك أناس يبنون سعادتهم على تعاسة غيرهم.
فالسعادة كلمة نسبية ومسلوبة في بعض الأحيان فكثرة المال وقلة المال لا تعني مزيدا من السعادة
وقال الله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان في كبد.
يبقى السؤال هل المال حقا يسعدنا وبدونه نكون أتعس الخلق ؟؟؟
نعم قد يكون غاية السعاة عند البعض وكما ذكرت سابقا وغاية التعاسة عند البعض الآخر.
ولن أدعي المثالية فالمال بلا شك مهم جدا خاصة في وقتنا الحالي قد يحقق المال شكل من أشكال السعادة وهي سعادة وقتية ويبقى يقيني التام أن الرضا والقناعة مفتاح السعادة الدائمة.
فالبعض يرى بالبيت والسيارة وزوجة جميلة سعادته المثالية.
فالسعادة في الدنيا منقوصة وغير مكتملة .
فالسعادة عند البعض حصولهم على الأشياء بعيدة المنال وعند حصولهم عليها سبحان الله يبحث عن الأصعب وهذه هي الدنيا نموت ونحيا ولا نكتفي بشيء معين وهذا هو الإنسان وهذه عادة فطرية عند الجميع ولا يملأ عيوننا سوى التراب.
أما المال بالنسبة لنا في هذا الوقت الصعب له أهمية أكثر من كبيرة.
فنحن ماضون كالفراشات والمال بالنسبة لنا كالنور الحارق لا ننفك فنحترق منه حبا فيه.
نعرف أهمية المال ونقدره ونسعى دوما للحصول عليه ونرفض أن نعترف بسلبياته وان كتبنا عكس ذلك نكون غير واقعيين وغير عقلانيين فلكل شيء في هذه الدنيا له ايجابياته وسلبياته.
ويبقى الإنسان هو من يحدد اتجاهاته وكيف ينفق ماله.
فالمال في أغلب الأحيان يغير النفوس وقد يعلم الناس البخل ولذة الاحتفاظ به
ومن شأن المال أيضا أن يغذي بأنفسنا الطمع في النساء وفي الجنون أحيانا وفي حب الذات والملذات وقد يكون المال سببا مقنعا في بعض الأحيان للقتل والسرقة عند بعض الناس طبعا.
فحب المال غريب عجيب يفرق أحيانا بين الأخ وأخيه والأب وبنيه وبعض الأحيان تموت الناس من شدة طمعها بهذا المال وبعض الناس تموت من قلته.
وأنهي كلامي بقول الله تعالى:
وتحبون المال حبا جما سورة الفجر.
والله من وراء القصد.
هاشم برجاق
6-9-2010