عملت في إحدى المستشفيات الخاصة في الأردن لسبع سنوات, وكان في ما تعلمت أن المآل الذي يئول إليه كل شخص كان قد تحدد في فترة مصيرية اسمها الثانوية العامة. عام واحد فرزَ مصير الناس, فأصبح هذا طبيباً, وهذا فنياً, وذاك موظفاً, أو مهندساً, أو أو أو أو عامل تدبير منزلي غلبااان. كل واحد من أصحابنا ارتبط مصيره ومستقبله في ما أتيح له من دراسة, أمر والله مثير.
أحاول أن أنقل هذه المعادلة إلى ابني, أحاول أن أحقنها في عقله لعله ينتبه ويتنبه, أملاً بأن لا يجربها بنفسه على نفسه, فالكيّسُ من اتعظ بغيره, والجاهل من اتعظ بنفسه.
كان جزء من طبيعة عملي أن أتجول وأتدخل في المستويات الوظيفية المختلفة ذلك المستشفى (الذي يمكن أن يكون عينة ممثلة لبقية القطاعات الحياتية حكومية أو خاصة), كنت أحاول أن أكسب الجميع وأتودد إليهم جميعاً بلا استثناء حتى أوظف وأجير هذا الود إن استدعى الأمر, فالعلاقة الشخصية أقوى تأثيراً من السلطة والسطوة الإدارية. كان البعض ينفث لي بعض امتعاظه من الفوارق في الرواتب والامتيازات بينه وبين المستوى الوظيفي الأعلى منه, وكان جوابي الذي أكرره على الدوام: الله يسهل على والدتك التي " حفي " لسانها وهي تقول لك : "ولك ادرس يا ولد", الله يرضى عنك دع الكرة "الطابة" جانباً, ركز "يمه", ملحق على التلفزيون, ,,,. أنت يا صديقي تدفع ثمن صبيانيتك في الوقت الذي انتبه غيرك واجتاز العام المصيري, تفوق وزحفت, فاحصد ما زرعت.
أمنيتي من أولياء الأمور أن يتجولوا مع أبنائهم - قبل فترة كافية - في مرافق المؤسسات الكبرى وبخاصة الخاصة, ويجعلوهم يشاهدون بأعينهم ما صنعه الاجتهاد وتحمل المسئولية في البعض, وما صنعه الإهمال والكسل في البعض الآخر, لعل الأبناء يتعظون.
م. جمال أحمد راتب