قاع المدينه .. وما أدراك

لا اوحش الله منك يا رمضان فقد فارقتنا على عجل وكانت صحبتك خلال هذا الشهر اكثر من رائعه كما وعدنا بها رب العالمين حيث كانت الروحانيات هي المسيطره على سلوكنا بحيث يشعر الفرد انه مخلوق جديد قادم من الفضاء تتجدد في عروقه معاني وقيم رائعه يفتقدها خلال حراكه بقية العام .
فرصة رائعه اتيحت لي خلال هذا الشهر انا وثلاثه من الأصدقاء ان نلتقي يوميا بعد اتمام واجبات تفاصيل ايام رمضان الفضيله من صيام وتقرب الى الله الى تلبية دعوات الأفطار وتقديم واجب عزيمة الأهل وخصوصا الولايا على مبداء صلة الرحم حيث ان الرحم موصول بعرش الرحمن وكان اللقاء عاده يتم مباشره بعد نهاية مسلسل باب الحاره حيث ان هذا المسلسل هو الوحيد بين الزخم الهائل من المسلسلات وأعمال الدراما الذي كان يجذبنا الى متابعته على الرغم من تكرار فكرته خلال اجزائه الخمسه وذلك لما يحمله من معاني وقيم اجتماعيه رائعه ربما نفتقدها هذه الأيام .
قاع المدينه كان هدفا رئيسيا لنا معظم ليالي هذا الشهر وكانت مناسبه رائعه في تنشيط الذاكره لعقود من السنوات الخوالي واعادة استكشاف تفاصيل وسط البلد بدايه من مطعم هاشم ومطعم فؤاد الشهير بسندويشات الفلافل اللذيذه ومقهى السنترال الذي تم هدمه وبقي منه القليل من الذكريات الى حلويات حبيبه في دخلة البنك العربي حيث يحلو تناول الكنافه النابلسيه على الواقف وانت تسترق النظر على الكتب والمجلات المعروضه في كشك ابو علي ( كشك الثقافه ) الملاصق له الى بسطة بائع الفستق السوداني الشهير أبو احمد الذي فوجئنا بأنتقاله الى الى الرفيق الأعلى اثر حادث سير حيث استلم زمام البسطه ابنه احمد وكانت لفته جميله من امانة عمان حيث قامت بأعداد لوحة وبخط جميل وباللغتين العربيه والأنجليزيه تتحدث عن حياة ابو احمد وكيف هاجر من نيجيريا الى الديار الحجازيه وكيف استقر به المطاف في عمان , الى مركز امن المدينه المتواجد في مركز قاع المدينه والذي يشعرك مجرد النظر اليه والى رجال الأمن المتواجدين فيه بكثير من الراحه والأطمئنان وأنك تعيش في وطن الأمن والأمان الى مطعم السرور الذي تم تأسيسه عام 1948 عندما كانت تباع كيلو الشقف والكباب البلدي بأقل من شلن والشلن لمن لايعرف هو الخمسة قروش والذي كان لها شأنا كبيرا في غارب الزمان ؟؟؟ الى ساحة المسجد الحسيني الكبير الذي بناه وطوره جلالة الملك المؤسس في بداية القرن الماضي والذي كان يعتبر مركزا روحيا ومنارة علم حيث كان يجاوره الكثير من التجار وخصوصا تجار الجمله مثل سوق السكر وسوق البخاريه وأهم أستوديو تصوير وهو ( استوديو قرمز ) وهو عباره عن صندوق محمول على ثلاثة قواعد خشبيه بداخله كاميرا تعمل على مبدا انعكاس اشعة الشمس عن الوجه الى سطح الفلم المثبت داخل الصندوق المعتم وطبعا كانت عملية التقاط الصور تتم على الرصيف بحيث تكون الصور جاهزه خلال دقائق معدوده , الى شارع سقف السيل وسوق الخضار القديم حيث تتواجد هناك قلعه اثريه هامه اعتقد بأن آخر زياره لها من امانة عمان تمت قبل عشرات السنين حيث ان المنطقه معتمه ومهجوره ولا تشجع المواطن او السائح من الأقتراب اليها ولا ادري لماذا هذا الأهمال هل هو مقصود ؟؟؟ ام ان هناك اولويات لمناطق اخرى لأمانة عمان حيث ان الملاحظ ان انتشار القاذورات والقمامه في قاع المدينه شيء ملفت للنظر حيث تفاجاء بالكثير من اكوام الزباله منتشره هنا وهناك بطريقه مزعجه تعكر عليك روحانية المكان .
عموما رحلتنا مع هذا الشهر كانت اكثر من رائعه ورحلتنا مع قاع المدينه اعادتنا الى احضان مدينتنا الحبيبه عمان ولا اوحش الله منك يا رمضان وكل عام وهذا الشعب الطيب بألف خير .
وليد المزرعاوي
wmezrawi@hotmail.com