أخيّتي لبنى .. بمناسبة رحيل الشهر الفضيل وفضل أيامه و لياليه لمن أحياها .. وحلول العيد على مَنْ بقيّ في دنياها ، وشأبيب رحمة على من رحل لأخراها .. إنني أبعث إليك ب \" عبراتٍ \" أبت الاستسلام لمجراها ، وآهاتٍ لم يعي أحدٌ فحواها ، ومشاعر غضبٍ للثرى الذي واراها ، وبؤسٍ لمن كان لأخيتي مناجاها ، وافتتن لذاته ولم ينظر لمحياها ..!!
آآآهٍ يا لبنى .. لقد استعجلت الرحيل عنا ، ولم يطب لك حتى الوداع الأخير ونحن بذات الألم أصبنا ، أو الإنتظار لنرحل سوياً عن هذه الدنيا التي لها سئمنا .. وآثرت استباقي إلى الخلود الأبدي لأننا للحياة بين البشر ما وعدنا ، ، وتركت أخاك بهموم الوحدة التي بها كنا قد غرقنا ، فمن يؤنس وحدتي وما كان الأنس أبداً يرافقنا ..!!
آآآه أخيّة .. سئمت العيش بعد أن غادرت الروح والمرض أعياني .. وبات الجسم نحيلاً لا يقوى على مكابدة آلامي .. وألقاني المرض بين أيدٍ لا تعرف للرحمة مكاني .. ولا رأفةً بكائنٍ لم يعي العيش إلاّ بين أربعةً من الجدراني .. وذكرياتٍ ما خلت من طيفك وألعابك وابتسامتك التي أبداً ما فارقت أحلامي .. أراها هنا وهناك تارةً ، وأخرى أراها من أمامي .. توقض مضجعي وتجدد عليّ أحزاني .. لتعاود العبرة تذكرني بما سلف من أيامي .. و وحشتي التي أبداً لم تنساني .. وكأن للبشرية زمانٌ وأنا ليّ زماني .. !!
أتذكرين يا أخيّتي لبنى .. أتذكرين أيامنا وآمالنا التي كانت عنوان حياتنا ، عشناها سوياً في مركزنا الذي لقبوه ب \" مركز الأمل \" والأمل فيه كان ولا زال مفقود ، بعد أن فقدنا لمن نحن لأصلابهم وأرحامهم نسبنا موؤود .. وإنسانية رمتنا في عالم الّلا وجود .. يؤثرونها لذاتهم وينسون الرب المعبود .. كل شئ في الحياة لهم ليس له حدود .. ونحن كأصفار جاورت الأرقام من يسارها وكأنهم ينتظرون اليوم الموعود .. وأصبحنا كزائدة دودية يستأصلوننا من الوجود ..!!
فلقد أخذوا على عاتقهم يا لبنى .. أن يتنفسوا الشهيق النقي ، ويتركونا نتنفس زفيرهم النتن .. ومن نحن يا لبنى لنرقى إلى إنسانيتهم التي بيعت منذ الأزل ..؟؟ فنحن لسنا ببشر يا لبنى ، نحن هؤلاء الذين خجلوا من خلقنا ، بعد أن فقدنا رشدنا وعقلنا منذ ولادتنا ، ولقبونا \" بالمعوقين \" ، ونسيّ هؤلاء يا لبنى أننا نحن ألأسوياء في آخرتنا وهم \" المتخلفين \" عنها ، ونحن الأقوياء وهم الضعفاء .. فلنا الله يا لبنى .. وتراب الّلحد أرحم علينا من جدران الحياة .. !!
وفي الختام يا أخيتي لبنى .. الخلود الأبدي عيدنا و منتهانا .. وجنان النعيم رزقنا ومأوانا .. فأللهم يارب السموات والأرض إنك عفوٌّ تحب العفوّ فاعفوا عن أمي وأبي ، وأختي وأخي ، ومن كان له يداً بما أصابنا وأحسنتَ في خَلْقه أن تحسن في خُلُقه ..!!
*ملاحظة : لبنى ابنة 15 عاماً ، ووائل ابن 11 عاماً كانا يقيمان \" يرحمهما الله \" في مركز الأمل \"\" للمعوقين \"\" التابع لوزارة التنمية الإجتماعية في الرصيفة ، وتوفيا بالتهاب رئوي حاد لم يفصل بينهما سوى أربعة أيام حيث شيع جثمان الطفل وائل إلى مثواه الأخير يوم السبت الموافق 2010/9/4 و المرحومة لبنى قبل أيام قلية من وفاة المرحوم وائل نتيجة تقصير وإهمال من المقيمين على المركز ..!!
akoursalem@yahoo.com م . سالم أحمد عكور