دولـة صـالـح الـقـلاب المستقلة
الجزء الاول
مجنونة وسلموها دحنونة
أكثر من نصف عام مضى على تعيين إدراة جديدة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون , وسط آمال زائفة بإحداث نقلة شاملة فيها أوإستعادة المُشاهد المحلي الذي هجر الشاشة الحكومية إلى غير رجعة,وفي ظل التخبط لمعرفة الاسباب وراء هذا التدهور الكامل في كافة مستويات العمل التلفزي والاذاعي, وجب تدخل دولة الرئيس الرفاعي الذي عمل بنصيحة أحد مستشاريه الفطاحلة , وتخلص من المدير العام السابق لمؤسسة الأذاعة والتلفزيون جريرمرقة ,لأسباب لم تتحدث عنها الصحافة مُسبقاً ,ولعل من أبرزها والاعتراف الشخصي هو كره الرفاعي لمرقة شخصية , لإعتقاده بأن الأخير كان محسوبا على رئيس الوزراء الاسبق عدنان بدران ، وكذلك حقد المستشار السياسي نفسه على مرقة , الذي أوقف برنامجه التلفزيوني نهاية العام الماضي , وراح مرقة بشربة كلها مرقة بلا ملح .
كل الظروف ساهمت في تسليم المؤسسة على طبق من ذهب لـ صالح القلاب , من هو صالح القلاب بإختصار, الوزير الأسبق والمُنشق والمُستشار السابق لزعيم حركة فتح ياسرعرفات رحمه الله، ويُشير تسلسل الاحداث ومعلومات (أعيانية من العيار الثقيل ) إلى أنه كانت هناك حاجة ملحة لإسقاط أحد أعضاء مجلس الاعيان تمهيدا لتغيير قائد الجيش (خالد الصرايرة) وتعيينه عضواً في المجلس ,فوقع الاختيار على القلاب ، فتم شحنه إلى التلفزيون مع وسام ترضية, ومع قدوم الحكومة الرفاعية 2010 برزت حادثة خوست التي إستشهد فيها ضابط مخابرات أُردني, فحدث سجال محلي حول مشروعية العمليات الأمنية في الخارج قادهُ أربعون مُعارضاً من خلال بيان ثارت أصداؤه في وسائل الاعلام ، فجاءت فرصة القلاب للظهور في برنامج ستون دقيقة على شاشة التلفزيون الاردني وممارسة هواية الردح السياسي ذاتها التي كان يمارسها ضد الدولة الاردنية عندما كان منشقا لصالح منظمة التحرير الفلسطينية , وهي لغة للامانة يجيدها بل هو فعلا فيها استاااااز.
جاء القلاب إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون مُحملا بالأحقاد التي كونتها ثماني سنوات من التجاهل والإنكار, وبقائه خارج دائرة الضوء بعد أدائه المخيب كوزير للأعلام ، وبعد إستغناء قناة العربية الفضائية عن خدماته كمستشار، وإعتماده على مقالتيّ جريدة الرأي وجريدة الشرق الاوسط, طبعا ولا ننسى صلته الوثيقة بحركة فتح المستمرة، وشبكة علاقات شملت رئيس الوزراء الاسبق زيد الرفاعي ومنه إلى سمير الرفاعي الرئيس الحالي الذي عين نجل القلاب في شركة دبي كابيتال , الذي عين نجل القلاب في دبي كابيتال ( تكرار الجملة مقصود بخبث ) .
بدأ القلاب إدارته للمؤسسة ضمن أهداف عدة أبرزها :التخلص من نحو نصف عدد الموظفين ، بيع أراضي تابعة للمؤسسة ، التخلص من مدراء الدوائر وإستبدالهم بمجموعة جديدة موثوقة بالنسبة له شخصيا ، تطوير البرامج والنشرات الاخبارية لتضاهي نشرات الجزيرة والعربية ،والسعي إلى تحقيق استقلالية الموسسة, وسرعان ما تلاشت اهداف القلاب واحلامة حين تبين له ان الزفّه انتهت وبقي العريس في وجه زوجته القبيحة, وتركته الحكومة ليواجه مصيره أمام الميزانية الخانقة وإلتزاماتها الصارمة من رواتب موظفين ونفقات تشغيلية أخرى وميزانية برامج التلفزيون وبرامج الإذاعة وغيرها ، فاكتشف القلاب انه لن يستطيع الاستمرار في إجراء إتصالات دولية عبر ألاقمار الإصطناعية خلال نشرات الاخبار بالوتيرة التي بدأ بها في الاسابيع الاولى من إدارته بسبب شح الميزانية ولن يتمكن من شراء البرامج أيضا ولن يتمكن من زيادة رواتب او إستقدام مذيعين محترفين من الخارج بأُجور مرتفعة, وبصفته متسرعا وإنفعاليا في قراراته كما وصفوه اقرب الناس إليه , حاول القلاب التخلص من مئات الموظفين للتخفيف من أثر الرواتب على الميزانية , كما أوشك على تضمين الدائرة التجارية (بيعها) لشركة خاصة ، وقام بدراسة لتقييم أثمان أراضي المؤسسة ، وإبتدع فكرة للاستثمار في بناء وتاجير مكاتب للوكالات وأجنحة فندقية داخل حرم المؤسسة ثم عثر على فكرة لبيع وتضمين مرافق تلفزيونية لمستثمر خليجي عبر مؤسسة الضمان الاجتماعي وكلها أفكار لم تصل إلى حيز التنفيذ كونها غير واقعية , وغير مرتبطة بأية رسالة إعلامية أو ذات أثر على المردود الإعلامي الأردني الرسمي .
ولا شك بان الصحافة الالكترونية التي كانت بالمرصاد كعداتها, نجحت بإزالة تلك الملفات الواحد تلو الاخر, كأوراق التوت عن إدارة القلاب ، الامر الذي حمى موظفي المؤسسة وأراضيها وحمى الدائرة التجارية (المورد المالي الوحيد) من البيع ، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد ، إذ قام بالتخلص من مدير الدائرة التجارية وليد السناوي, الذي وقف في وجه مشروع البيع , ورفع قضية و كسبها لإسترداد حقوقه قبل أن يعين القلاب بلال برماوي, الذي مكث خمسة اشهر وأخرج فورا بسبب مشكلات مالية أثبتت إدارته لها فشله وعدم توافر المؤهلات الكافية لديه , وعلى نفس الوتيرة إستمر المسلسل القلابي الإنتقامي من مدراء الدوائر للتخلص من عقدة الفشل لديه بتحميلهم المسؤولية وإزالتهم على أنهم هم السبب في عدم النجاح ، فقام بإنهاء عقد المدير المالي محمود قطيشات بشكل مباغت بعد إسبوع واحد من تأكيده لمدير الموازنة العامة بأن القطيشات كفاءة تحتاجها المؤسسة, حتى أنه رفض إنتداب القطيشات للعمل في الموازنة العامة ، ما أدى إلى تفويت الفرصة على القطيشات بالمنصب الجديد وقطع رزقه دون تقاعد وتركه لمواجهة إلتزاماته المالية , فله الله وحده , اذ يعيل اثنين من ابنائه في الجامعات المحلية ، فرفع القطيشات قضية ضد المؤسسة لا زالت منظورة في القضاء, ويستمر المسلسل القلابي للإنقلابات الشخصية فيحيل مدير الموارد البشرية السابق محمد ابو عاقوله وبشكل فجائي الى التقاعد, ويأمر بإنهاء خدماته دون مُبرر وإستبداله بمدير جديد تازة, رغم كفاءة أبوعاقوله المشهود لها وخبرته الطويلة, ثم قام بإنهاء خدمات مديرة دائرة المعلومات (الكمبيوتر) , قبل إنتهاء عقدها وإلغاء الدائرة كلياً وإتباع مهامها لمديرالهندسة ,علما بأن القلاب حول السيدة هالة زريقات مديرة التلفزيون السابقة إلى وظيفة مُستشار, وعين فراس نصير الذي لا يملك ربع خبرتها في هذا المنصب ( أشتم رائحة كابيتال هنا ), وسبق ذلك كله بالتخلص من مدير مركز الاخبار فراس المجالي الذي انتقل للعمل مستشارا لرئيس الوزراء , المهم ابعاده عن المؤسسة بأي شكل من الاشكال .
هذه القرارات الفردية كانت سبيل القلاب للسيطرة على المؤسسة لغاياته وأهدافه الشخصية ( نعم ليس وحده فله شركاء ورب الكعبة ولكن لنا الظاهر بما نعرف )، فبعد أن عين مستشارا تنفيذيا وسعى إلى ترشيحه كمدير عام للمؤسسة إنقلب القلاب على المعني (غسان عبيدات ), الذي بدوره شتم رئيس مجلس الإدارة وقذف مجموعة أوراق في وجهه ، الأمر الذي ترك أثرا في نفس القلاب وأتعبه نفسيا بعد إستقالة عبيدات ( الحزين المسكين ), وبعد تلك التطورات بدأ القلاب بمساعي حثيثة لتعيين فراس نصير مديرا عاما للمؤسسة للتخلص من الثغرة القانونية لبقائه (أي القلاب) مديرا بالوكالة مدة تزيد عن ستة شهور, والتخلص من إلحاح نصير المستمر بالمطالبة برفع راتبه الشهري من 3000 دينار إلى 5000 دينار ( بس ) ، ولعلمه أن إستقالة نصير ستكون رصاصة الرحمة لإدارته ودليلا على فشله في الإدارة, وبدوره بدأ نصير العمل والتصرف ضمن هذا الإدراك ، فذهب يُوسع من مساحة المبادرة والتصرف بتلقائية ، وبدأت الكثير من السلبيات تظهر على شكل تجاوزات مالية ومحاباة, ونسونات (النسبة الى النساء بس النية عاطلة ), وجهوية وتصفية حسابات ، وبدى القلاب الذي تمسك بفردية القرار مضطرا لغض الطرف عنها, حتى بدأت الروائح تفوح بين أرجاء المؤسسة وتتسرب للصحافة بخاصة مع دورة برامج شهر رمضان المبارك ومسابقاته, ولعل المتمعن في تسلسل الأحداث في السلوك الإداري والشخصي لصالح القلاب سيكتشف مدى الفردية وسيطرة الـ (أنا) في كافة تصرفاته ، وإتخاذه الموقع الحكومي مطية لتلميع صورته والقفز حينا والتسلق حينا آخر لتحقيق طموحاته ومصالحه الشخصية ، هذا إذا اخذنا بعين الاعتبار توظيف كاميرات التلفزيون لصالح علاقاته مع مؤسسات المجتمع المدني والعشائر من خلال تغطية المناسبات والانشطة المحلية .
والمثير في الامر ان صالح القلاب يتعامل مع مؤسسة الاذاعة والتلفزيون كما يتعامل التاجر مقطوع الخلف مع محل بقالته ، فإذا نودي للصلاة أغلق المحل لحين عودته من الصلاة, وإذا مرض أو سافر توقف البيع والشراء لحين عودته الميمونة ، وهو ما حدث بالتحديد عندما بقي بريد مؤسسة الإذاعة والتلفزيون مُجمدا لنحو ثلاثة أسابيع أثناء غياب راس الهرم في إجازة سافر فيها للعاصمة البريطانية لغايات العلاج كما يدعي ( شفاه الله على كل حال ) , وفي تلك الفترة قيل و(بإيعاز منه) :أن القلاب يُعاني من مرض خطير يحتاج إلى إجراء عملية جراحية ، ليتبين فيما بعد ان الامر ليس بتلك الخطورة وما هي إلا محاولة يائسة لاستدرارعطف الموظفين ولتلطيف صورته أمام الناس والمجتمع عقب الحملة القوية التي شنها الموظفون والصحافيون ضده لإيقاف خطته الرامية للاستغناء عن مئات الموظفين, والتي كشفت جانبا لا باس به من تاريخه الحافل, ليكون عنوانه : بين الأعيان والإعلام طريق مظلمة , إنارتها سوداة قاتمة .
نهاية الجزء الاول
حازم عواد المجالي
ملاحظة: الجزء الثاني بعد العيد ان شاء الله , وكل عام وانتم بخير