أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الحكومة توافق على الإجراءات اللازمة لتصويب أوضاع العمالة السورية رئیس الأرکان الإيراني: الصهاینة تجاوزوا الخطوط الحمر الاردن .. اخضاع مستلزمات إنتاجية لضَّريبة بنسبة صفر الاردن .. تمديد العمل بتقديم الدَّعم النَّقدي للمخابز وتثبيت أسعار الخبز اعلام عبري: بايدن سيعلن وقف اطلاق النار في لبنان الليلة الطيّب مديراً عامَّاً لدائرة الأحوال الموافقة على اتفاقية لتمويل إنشاء 5 مدارس مهنيَّة منح مشاريع صّناعيَّة جديدة في الكرك والطَّفيلة حوافز استثماريَّة إضافيَّة التعليم العالي: تنوع المؤسسات التعليمية مصدر جذب للطلبة الوافدين وزير الشباب يؤكد أهمية الحركة الكشفية في تمكن وتزويد قدرات الشباب القيادية "صناعة الأردن": لا وجود لمصانع محلية مرخصة لإنتاج سائل السجائر الإلكترونية دائرة الجمارك : إقبال كبيرعلى الاستفادة من تخفيض الضريبة الخاصة بنسبة ٥٠% على السيارات الكهربائية العقيد عامر السرطاوي يجري عملية بعد 20 سنة وفدان من تونس وعُمان يطلعان على تقنيات إدارة المياه في الأردن الخيرية الهاشمية: تسيير قافلة جديدة لغزة الأربعاء سيناريوهات بعثة قوات اليونيفيل في لبنان منح دراسية للبكالوريوس والماجستير والدكتوراه ودراسات ما بعد الدكتوراه مقدمة من النمسا القتل العمد لقاتل ابنة شقيقه في محافظة البلقاء "تنمية المهارات" تبحث رفع كفاءة العاملين في القطاع السياحي الأمير علي: قصف الفلسطينيين وقتلهم عداء للسامية
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام رأيتُ فيما يرى النائم

رأيتُ فيما يرى النائم

12-09-2010 10:52 PM

رأيتُ فيما يرى النائم أنني جهزتُ أمتعتي استعداداً للسفر في مركبة فضائيةٍ نحو القمر ، حيث حصلتُ على إجازةٍ فريدةٍ لمدة شهرٍ قابلٍ للتّجديد ، في أحد المنتجعات القمرية الهادئة هناك ، ووجدتها فرصةً أن أترك بعض أعباءِ الحياةِ خلفي وأرتاح قليلاً ، فوضعتُ حقائبي في المركبة وجلستُ في المقعد الوثير وربطتُ الأحزمة وانطلقت بي المركبة نحو القمر !!

وبعد أن استقرّت أموري في المنتجع الجميل ، رأيتُ في السّماء كوكبَ الأرض ِالأزرقَ الجميل ، فأخذني الحنين إليه وبعض الفضول أن أرى كيف تسير أمور الناس فيه ، فطلبتُ من المساعد أن يأتيني بمنظار مكبِّر ، ولكنه نصحني ألا أفعل ، فتساءلت : \" لماذا ؟ \" فقال : \" صدّقيني سيّدتي لن تحبّي ما ستشاهدين !! \" ولكن فضولي غلبني ، فأطعته ، وأخذتُ المنظار المكبّر وقرّبته من عينيّ . كان منظاراً غريباً يقرّب الصّور حتى كـأنّـك تحياها ويُظهرها كما يشاء هو أن تراها.

دخلتُ في أحد الأزقة الفقيرة ، فرأيتُ أطفالاً شبه عُراةٍ يجتمعون قرب رجلٍ رثّ الملابس ، وهو يأخذ ما جمعوه من نقودٍ قليلة خلال بيعهم على الإشارات الضوئية ، وكان يبدو غير راضٍ بما جمعوه ويصرخ بهم ، فأزحتُ عدسةَ المنظار إلى شارعٍ آخر فإذا بي أرى رجلاً فقيراً بيده حقيبةٌ كبيرةٌ فارغةٌ قرب حاويةٍ يحاول إيجاد ما يأكله وأولاده ، فهربتُ بعيوني عنه لتقعَ على رجل مع أطفالهِ يطلبون منه شراء بعض الحلوى من أحد المحلاتِ وهم يلحّون عليه وهو يبحثُ في جيوبهِ الخاويةِ فلا يجد فيها ما يسدّ فضول تلك العيون الصغيرة المسمّرة على جيوبه ، فيدفعهم بحنانٍ من أمام المحل . أميلُ بمنظاري نحو شارعٍ آخرَ فأشاهدُ رجليْن أحدهما يرفع صوته في وجهِ الآخرِ والثاني تدورُ عيناه بحياءٍ وانكسارٍ لا يحارُ جواباً ومن إشاراتهما فهمتُ أنّ الرجل الغاضب هو مالكُ البيت والآخرُ قد أنهكته الإيجاراتُ المتراكمة فعجزَ عن السّدادِ كما عجز لسانه عن الكلام . وأرى صاحبَ مخبزٍ تطلبُهُ عجوزٌ جائعةٌ رغيفاً ، فينهرُها ويطردها دون أن يحرّك أحدٌ في المخبزِ ساكناً ، ثم شاهدتُ رجلاً يسرع بوالدتهِ المريضةِ إلى أقربِ مستشفى ، وبعد هنيهةٍ يخرج بها جثةً هامدةً لأنّ إدارة المستشفى رفضت إدخالها قبل أن يدفع مبلغ تأمين عنها وفوراً . ثم شاهدتُ شابةً تمسك بيدها ورقةً فيها احتياجاتُ المنزل ، وعندما وضعت بعضَ احتياجاتها وقرأتِ السعرَ ارتبكت ، وبدأت تعيد معظمَ ما أخذته واكتفتْ بأقلَّ ما يمكن ليناسبَ ميزانيّتها الضئيلة ، واختارت بضعَ حبّاتٍ من الخُضار التي بالكاد تكفي شخصاً واحداً فكيف ستكفي عائلةً ؟؟ وفي إحدى الغرفِ المظلمةِ رأيتُ أمّاً حزينةً مكبّة ًعلى تصغيرِ ملابس ابنها الأكبرِ لتناسبَ مقاسَ ابنها الأصغرِ شاكيةً همّها لربّها ، فيما اصطفت مجموعة من أهل الحيّ أمامَ ماسورة مياهٍ متهالكةٍ يملؤون منها الماءَ في أوعيةٍ مهترئةٍ تفتقد أدنى أنواع النظافة.

نزعتُ المنظار عن عينيّ بقوةٍ وأطلقتُ تنهيدةً حارّةً ، ثم أعدتُ النظر نحو أرضنا ( الجميلة ! ) ، فوجدتُ أنني في شارعٍ آخرَ ، فيه فيلا فخمةٌ من ثلاثةِ أدوارٍ ، تصطفّ أمامها ستة من السّيّاراتِ الفارهةِ ، وعندما عددتُ سكانَ الفيلا وجدتهم ثلاثةً فقط ، وأمامَ ساحتِهم توجدُ بركةُ سباحةٍ تسقي حيّاً بأكمله لمدةِ أسبوع كامل ! وعلى ناصيةِ الشارع في المطعم ذي النّجوم الخمسةِ كانت عائلةٌ ثريةٌ قد دعت أخرى لتناول ما لذّ وطاب من أصناف الطعام ، وامتدّت أمام الأفراد الستّة مائدةٌ تكفي لأكثرَ من عشرينَ شخصاً ، تمّ إلقاءُ أغلبها في الحاويات ، تماماً حيث كانَ الرجلُ ينقّبُ عمّا يأخذه كعشاءٍ له ولأطفالهِ . وفي ذاتِ المستشفى الذي ماتت فيه العجوزُ منذ برهة، تراكض الطاقمُ الطبّيّ بأكملهِ أمام ثريّ معروفٍ حدث أن جرحَ إصبعَهُ خلالَ فتح زجاجةِ نبيذٍ لضيوفهِ ، وكلٌّ منهم يتطاولُ حتى يراهُ الثريّ فيجزلُ لهم العطاء . فيما رأيتُ شابةً ممشوقةً تدخلُ إلى محلّ بيع ملابسَ نسائيةٍ فاخرةٍ فتنتقي مجموعةً كبيرةً دون قياس ودون أن تسأل عن ثمنها، بل نقدت البائعَ مبلغاً كبيراً من المال فركض وحمل لها الأكياسَ إلى سيارَتها ذاتِ المحركاتِ الحارقةِ للوقودِ !!

فروقاتٌ اجتماعيةٌ هائلةٌ جداً أراني إياها هذا المنظار ، فمن قمة الجوع إلى قمة البطر ، من قمة الرفاهية إلى قمة الحرمان ، من قمّة النفاق إلى قمة الإهمال ، وانظر ما تجد بينهما !!

أزحتُ المنظار عن عيني وقد أصابتني غُمّةٌ ما بعدها غمّةٌ ، ففاجأني المساعدُ قائلاً : \" ألم أقل لكِ سيدتي أنكِ لن تحبّي ما سترين ؟ \" هززتُ رأسي بأسىً وقلت : \" معك حقّ يا سيّدي \" فقال ببساطةٍ : \" لدينا مسكنٌ فارغٌ على كوكبِ المشتري ، وقد سبقكِ إلى هناك جميعُ مَنْ زاروا القمرَ وشاهدوا الأرضَ من هنا ، فهل تحبّين أن أجهّز حقائبكِ الآن ؟؟ \"
nasamat_n@yahoo.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع