للحظة.. تخرج عن مسار الزمن، وتعود إلى دفتر الذكريات.. تحس في هذه اللحظة أن قلبك توقف عن النبض، وأن دماغك صمت عن الضجيج، وإنمحت من ذاكرتك كل ارتباطات الحاضر.. وتطلعت الى الماضي الجميل.. الزمن الأجمل... عندما كان الجميع صادقاً بكلماته وإنفعالاته.. في هذه اللحظة الشاردة تتحجر عينيك في مآقيها، ويتوقف جسدك عن الإرتعاش، ويدب الصقيع في أوصالك... عندما ترى أن ورقة ملونة تلغي المعرفة، ورقة آخرى بلون آخر تدفع الإبن أن لا يدمع على فراق أبيه، والإبنه تلون فستانها يوم غياب أمها، تحس أنك خرجت من حسابات الحياة اليومية، ودخلت في قوائم جرد الزمن الحالي... تشعر أن جسدك يدور، ولكنه ثابت في مكانه، تماماً مثل طائر السنونو يدور في عنق زجاجة ضيقة...
ماذا يحدث خارج عالمك الآن ؟؟ إذا كنت تحس بمشاعر الموت أو الجنون حولك؟ فكيف تتساءل عن العالم الخارجي.. أي تلبد أصاب العباد على هذه الأرض ؟؟؟ آهم ميتين أحياء ... إذا كانوا كذلك فلن أتساءل ولا أهتم ... لا أدري ولا أستطيع أن اصف الحالة التي أراها... حتى التحية العادية أبناء الجلدة الواحدة أصبح لها ثمن... ترى متى يعود هؤلاء الموتى الأحياء الى أهلهم؟؟؟
وهل يحلو للمجنون أن يرى علامات الدهشة على وجوه الأخرين!!!!
... أيام أعياد.. وموج زاخر من الدهشة، والسخرية والشماتة، الأقرباء الحميمون يألمون... ويدّعون الشوق، والإشتيقاء.. ترى هل ايام السنة الكاملة شغلتكم وكنتم عاجزين عن السؤال ؟؟!!
مات فلان... وستموت فلانه.. وقائمة طويلة عريضة أعدت لتقبل لتقبل العزاء من عـلان .. وعــلانه.. فالموت لا شماتة فيه، ولا يستطيع أحد أن يبعد حد سيفه عن رقبة الآخر.. ولكن السؤال يبقى أين جمرات الحنان والحب؟؟ قبل العزاء.. أين الرائحة العطرة الفواحة للكلمة الطيبة ؟؟ إنهم يذرون الرماد في العيون... ويجعلون ذاتهم هي اللائحة اليومية لأشغالهم ، فهناك عناوين وعناوين لا يتوقفوا أمامها لإلقاء تحية المودة الخالصة...
إلى هؤلاء أقـول.. نرجوكم إرجعوا إلى حجركم .. ولا تصفوا أنفسكم بأنكم الأبرار الأتقياء، الطاهرين.. الأنقياء .. فالزمن الجميل .. ذهب ولن يعود بكم...
وكل عام وأنتم بخير
محاسن الإمام - رئيسة مرك الإعلاميات العربيات