جميعنا يعلم أن الحياة البشرية لا تخلوا من دخول العديد من الإختراقات السلوكية العابرة التي تخلخل سكونها وهدوئها ، وما أن تهدأ لتعاود كرتها من جديد بأساليب جديدة أكثر إيلاماً .. ناهيك عن الكثير من الظروف والمواقف والمنغصات المؤلمة التي دائماً ما توقظ مضاجعنا وتغزو هدوء حياتنا الاجتماعية ، وليست على مستوى الأفراد فحسب ، بل طالت هدوء الوطن واستقراره الاجتماعي ، وتفاوتت هذه الظروف ما بين ظروف \" طارئة \" والتي تزول بزوال أسبابها ، وأخرى \" قاهرة \" والتي لا بد من أن تترك أثاراً مؤلمة وعميقة ، تحتاج إلى مزيداً من قوة التحمل ومواجهةً للصعاب ، والإتسام بقليلاً من الصبر ، الذي يمكننا من تجاوز هذه الظروف والعواقب التي خلفتها .. على الرغم من أنها بالتالي ورغم آثارها ألمؤلمة وصعوبة تجاوزها بيسر وسهولة ، تصبح في عداد الذكريات الخالدة التي انطوت في عالم النسيان ..!!
ولكن .. لقد ازدادت في الآونة الأخيرة و\" بأساليب مختلفة \" أعمال إيذاء وإجرام بصورة لم نعهدها سابقاً على الساحة الأردنية من شأنها إيقاظ ظمائرنا قليلاً ، وتفتح لنا أبواب التفكر ملياً بما يدور ، ونضع هذه الأعمال تحت عدسة مجهر الحياة ، ومعرفة أسبابها ومسبباتها ، والدوافع الأساسية التي أدت إلى حدوثها وتفاوتها بين محاولات قتل وانتحار ، وقتل مقصود وغير مقصود ومتعمد وغير متعمد ، وتصفيات ثأرية بين المقيمين على ثرى الأردن ، وأخرى تفاوتت بين اختلاس وفساد ونصب واحتيال وسرقات وهتك عرض ، ولم تكتفي بهذا الحد ، بل طال الأذى والقتل فيما بين أفراد الأسرة والعائلة الواحدة ، ليزيد من وضعنا أكثر معصيةً وأعظم ايلاماً على النفس البشرية ..!!
أحياناً نُمَنْي النفس أن هذه المأسي ما هيّ إلاّ عبارة عن ظروف \" قاهرة \" أدت إلى حدوثها ، نتيجة العديد من العوامل الإجتماعية والاقتصادية التي عصفت على حياتنا مؤخراً وأحدثت شرخاً بين بعضاً من طبقات المجتمع ، وعكست مؤشراتها الاقتصادية لتقلبها رأساً على عقب ، فأطاحت بالطبقة العليا إلى المرتبة السفلى ، ونهضت بالسفلى إلى المرتبة العليا ، مما زاد في توسع الفجوة بين الفكر الذي كان يمثل دور \" الإقطاع ورأس المال \" ثم أصبح في عداد الطبقة العاملة والكادحة ، والفكر الذي كان يمثل دور \" الطبقة العاملة والكادحة \" واصبح في مصاف الطبقات الاقطاعية والرأسمالية ، وهذا التباين بين الفكرين \" المتكابرين \" جعل من الإنسجام في التعامل فيما بين هاتين الطبقتين وكأنه شيء من ضرب الخيال .. وكبريائهم أبا التعامل مع الأمر الواقع الذي طرأ على حياتهم صعوداً أو نزولاً ، أو الاقتراب من الآخر الذي يقول في قريرة نفسه \" وين كنت وين صرت \" تفاخراً أو استهزاءً بالذات والآخر..!!
لقد باتت المشاهدات عبر الفضائيات والمواقع الاخبارية التي تنقل الأحداث وبصورة 24/24 ساعة ، و تعدد الأحداث الاجرامية باساليبها ونواياها المختلفة بهذه الصورة الدامية ، تخرج عن إطار الظروف الطارئة أو \" القاهرة \" التي تزول بزوال السبب ، بل بات مؤشرها يصعد متسارعاً نحوّ مفهوم \" الظاهرة \" الجرمية في المجتمع التي لا تزول إلاّ بزوال الروح البشرية ، مما يستدعي إلى وقفة تفكر فيما يجري ، والتدخل الحكومي السريع وإزالة الأسباب القاهرة التي تقع على كاهل المواطن إثر وضعه الاقتصادي السيء ، وحفظ ماء الوجه عربياً ودولياً ، وإضاءة الضوء الأحمر بصورة ناصعة وغير ضبابية أمام هذا المؤشر وايقاف سيره عند هذا الحدّ من الألم المتصاعد ، على أمل تصحيح مساره نحوّ حياة أقل بؤساً وفتكاً بأرواح البشر ..!! akoursalem@yahoo.com م . سالم أحمد عكور