أقام مركز حماية وحرية الصحفيين وشبكة الإعلام المجتمعي ورشة في أحد فنادق الخمس نجوم في البحر الميت تحت عنوان "الإعلام والانتخابات" برعاية الهيئة المستقلة للانتخابات وبدعم لافت من الوكالة الأمريكية للإنماء. وعلى الرغم من عدم قدرتي على فهم معنى كلمة "رعاية" التي قامت بها الهيئة المستقلة للانتخابات، إلا أن ما استوقفني حجم الدعم الأمريكي لهكذا ورشة، بحيث يتم إقامتها في فندق خمس نجوم وفي منطقة البحر الميت مع مبيت لأكثر من 80 إعلامي ومختص أردنيين.
قبل ثلاثة أعوام، أقام المركز الوطني لحقوق الإنسان بعيد الانتخابات النيابية ورشة حول هذه الانتخابات، في أحد فنادق الخمس نجوم في عمان. ولفتني حينها تواجد مندوب مؤسسة فريدرتش ناومن –المؤسسة الراعية للورشة على ما أتذكر- على المنصة الرئيسية. فبدأت مداخلتي بإبداء الاستغراب من أن تكون ورشة تتعلق بالشأن الداخلي الأردني برعاية مؤسسة غربية، ونوهت إلى أن المركز الوطني لديه قاعة مجهزة لإقامة ورشات ومؤتمرات ما يجعل إقامة هذه الورشة في فندق والحصول على دعم مالي من جهة غربية لتغطية نفقاتها أمراً يثير الدهشة.
دولة تعاني من مديونية تجاوزت ال35 مليار دولار تشكل 90% من ناتجها المحلي، تقوم جهات أجنبية بالإنفاق بهذا البذخ على ورش عمل ومؤتمرات سسياسية وإعلامية وغيرها، تفرض علينا السؤال الطبيعي: لماذا هذا الكرم الغربي وهل الغرب حريص على تجربتنا الديمقراطية؟!
في ورشة "البحر الميت"، الصدمة مضاعفة ثلاث مرات، فإضافة إلى إقامة الورشة برعاية غربية، فإن هذه الرعاية الغربية كانت أمريكية بالتحديد (USAID) ومخصصة للإعلاميين. استفزني كثيراً أن أرى البوستر الضخم خلف المتحدثين وقد امتلأ بشعارات ال (USAID). ومن حقي أن أتساءل: ماذا كان يضير المؤسسات التي أقامت الورشة لو أنهم نظموها بشكل مستقل وبدعم محلي –هذا إذا كانت هكذا ورش تحتاج لميزانيات مالية ضخمة-؟!
ورشة عمل "البحر الميت" لم ولن تكون الورشة أو المؤتمر الوحيد الذي ينظم للإعلاميين أو حتى للسياسيين من قبل السيد الأمريكي، ولكنها فرصة لنقرع الجرس ونحذر من تمادي العم سام وبجاحته التي وصلت حد نشر السفارة الأمريكية على الفيسبوك منشوراً تذّكر فيه الأردنيين أنه لولا الدعم الأمريكي لوزارة الصحة والمستشفيات الحكومية، لارتفعت نسبة "الأطفال المعوقين" في الأردن. وللحديث بقية.