في مقال سابق قمت بمقارنة مفهوم وحجم المالي السياسي بين الاحزاب والاخوان والمواطن العادي ، وكانت مطالبة الاخوان برفع اليد عن جمعية المركز الاسلامي من ضمن مفهوم المال السياسي بعلاقة الاخوان مع الحكومة ، وهم الان يطالبون بذلك حتى ولو كانت هذه المطالبة على استحياء ولكنها في النهاية طلب سواء علنا أو من خلال كواليس القرار السياسي الحكومي أو الاخواني ، ان حركة الاخوان المسلمين بقيت تعمل في العلن وبدون قيود لأكثر من ستون عاما وبقيت مقراتها في العلن وأرمات مكاتبها معلقة على الجدران الخارجية للمباني ، واستطاعت هذه الحركة أن ترسخ وجودها من خلال المشاريع الخاصة بها مستغلة خلال السنوات السابقة الفراغ السياسي والخدماتي الاجتماعي للحكومة و لبقية الاحزاب الاردنية للدرجة التي اصبحت عنده هذه الحركة كأخطبوب يصعب تقطيع اوصاله وهذه ليست دعوة لذلك وانما محاولة لشرح الواقع ، ولعل الملفت في الامر أن امتداد اذرع هذا الاخطبوب وصلت الى القطاع النسائي من خلال جمعيات خيرية ما انزل الله بها من سلطان وتجدها تسير على قاعدة المولاةللجماعة واعتبار الاخرين خارجون عن الاجماع ، ويظهر المال السياسي هنا في حجم المال الموزع كتبرعات وصدقات وحسنات من خلال هذه النسوة والطريقة التي يحكم بها على ان هذه الاسرة دون غيرها تستسحق ذلك التبرع أم لا ، وهنا اعيد كلامي السابق وهو انني فقط اسلط الضوء على ان الحياة الديمقراطية تتطلب مشاركة فاعلة لجميع اطياف المجتمع وهذه مشاركة تكون بهدف وحيد واوحد وهو الخروج بمجتمع متعدد الاراء والمبادىء ويسمح به للراي الاخر بالخروج ، وهذا الشيء مفقود في الوسط النسائي الاخواني بل نجد انه يأخذ اتجاه متطرفا على مستوى العلاقات النسائية ، اذ تجد الحكم الشرعي أو الديني يصدر من صغار الاخوانيات ويصبح قاعدة تسير عليها امهاتنا الأميات ويتم ذلك من خلال إبراز الحجم العقابي في الاخرة في حالة مخالفة مثل هذا الطرح ، ولعل ابرز ما يمثل هذه الحالة هو عند حديثك مع احدى هذه النساء وخاصة اذ ما كانت قريبة لك وتم فتح الباب للحديث عن شؤون الدين والدنيا ، وهذا القطاع الساكن والمختفي من الاخوان هو المحرك الرئيسي لفلسفة المال السياسي على اساس ان المرأة لها دورها الفعال في التاثير على مفهوم الاسرة للديمقراطية وبالتالي على ورقة صندوق الاقتراع ، من خلال استغلال جزء خفي من المجتمع بعيد عن يد التيارات السياسية الاخرى وهو قطاع الارامل والمساكين والاسر العفيفة وما يشابه ذلك من مسميات يطلقونها الاخوان ، اذا هو مال سياسي بما للكلمة من معنى ولكنه مغطى بنفس روحاني ديني اختلط به الامر على صاحب القرار الرسمي ولم يعد يستطيع أن يقرر إذ ما منع مثل هذا الشيء يعتبر مخالف للشرع أم ان بقاءه يعتبر تجاوزا لقانون محاربة المال السياسي ، وهذا يتطلب وقفة جريئه من جميع الاطراف لأن الحياة الديمقراطية لاتعيش داخل كواليس ونشاطات نسائية تحت مسمى الدين بل تتطلب وجود قواعد حزبية تسير على اسس برامجية تقدم للمجتمع بدون أن تفصل هذا المجتمع كما تريد ولا تسير على قاعدة من ليس معنا هو ضدنا وخارج عن الاجماع ؟