نهب واغتصاب فلسطين بدأ منذ إنشاء المستعمرة الأولى على أرضها في عام 1878. ومن تلك النقطة الصغيرة في الأرض الطاهرة بدأ السرطان الصهيوني يأكل الحرث والزرع والأرض بكل وسيلة ممكنة وغير ممكنة حتى وبعد مائة وثلاثين عاماً أصبح يمتلك معظم الأرض ويحدث هذا كله تحت سمع وبصر أهل فلسطين والشعوب العربية من حولهم وبقية المليار ومائتي الف مسلم... سرطان غريب من نوعه يختلف في التعامل معه جميع من حوله.
الحكام العرب تعاملوا معه عندما حط رحاله تعاملاًً متخاذلا بشكل مباشر أو غير مباشر... الشعوب العربية المغلوبة على أمرها حاولت قدر ما تستطيع، ففلسطين لم تكن حتى وقت قريب قد تم اقتطاعها من الجسم العربي وتقديمها كقضية تهم أبناء فلسطين فقط.... وشعب فلسطين الأعزل تم تشريده في أصقاع الأرض وتقسيم كعكته بين كثيرين كان لزعاماته جزء منها....
منذ مائة عام وقضية فلسطين تشغل الأخبار في العالم ، تعلوا تارة وتخبو تارة أخرى.... ولكن ثوابتها لا تتغير مع تغير السنوات .....
- - أرض تتآكل يوميا من يهود الأرض وتتناقص المساحة التي يعيش فيها أبناء الأرض الأصليين
- - شهداء يسقطون بشكل شبه يومي من شعب فلسطين تزداد أعدادهم أحيانا وتقل أياماً أخرى، ولكنه من المستهجن أن ينقضي يوم واحد بدون قتل حتى ولو كان فلسطينيا واحدا .
- - قيادات فلسطينية تتصارع على قيادة الشعب والأستئثار بالقضية من أجل مصالحها الخاصة فقط وتقوم بمساعدة الكيان الصهيوني بطرق مباشرة وغير مباشرة من أجل السلطة والمال بحيث أصبحت حساباتهم أو حسابات عائلاتهم في جميع البنوك.بالملايين، والفلسطينيون في معظمهم لا يجدون قوت يومهم .
- - قيادات عربية تتاجر باسم فلسطين من أجل مراكزها وكراسي حكمها .
- - قوة إسرائيل تزداد يوما بعد يوم وهيمنتها على المنطقة تصبح واقعا أليماً لا مفر منه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
ومن جديد بدأت فصول المسرحية الجديدة التي رأينا فيها رئيس دولة فلسطين يتجاذب أطراف الحديث مع اليميني المتطرف نتنياهو ويتضاحكان على طرائف يدلي بها النتن في حضرة الأمريكان ورئيس فلسطين - ميت من الضحك – وستستمر هذه المسرحية بعض الوقت ونحن ندرك تماماً أنه لن يكون هناك أي نتيجة لهذه المهازل سوى قضاء بعض الوقت في السفر والمتعة - وربربة – الحسابات، ومن جهة أخرى إلهاء الشعب المسكين بقرب الحل السحري الذي سيعيد لهم الأرض وما تبقى من العرض – إن كان قد بقي شيء - .
والباعث على التأكيد باستحالة الحل هو أن الوضع الحالي لقضية فلسطين هو الوضع المثالي لجميع الأطراف ، ولهذا فلا أحد يرغب في تغيير الوضع الحالي .
فالسلطة الفلسطينية التي يسيطر عليها الفاسدون هم أكثر الناس إستفادة من الوضع الحالي الذي يحكمون فيه وينهبون بدون أي مسؤلية. وحماس التي تحمي الصهاينة من غزة هي أيضاً تحكم في شبه دولة إسلامية لم تكن تستطع أن تمارس سلطاتها وأيدلوجيتها بدون هذا الشريط الذي تخشى أن تفقده فتحمي نفسها بحماية إسرائيل... والدول العربية جميعها مرتاحة البال ، إسرائيل مبسوطة منها وتسيطر على مقدرات شعوبها وتمارس لعبة الديمقراطية الغربية بشغف.... أما إسرائيل فهي اللاعب الأول في المنطقة ، فرضت ما تريد والجميع ينصاع لها وهي تقسم الأرزاق بينهم ....فلماذا يتغير هذا الوضع الجيد لجميع الأطراف ما عدا الشعب!!!!! ومن هو الشعب الذي سيهتم له أحد؟؟؟ فالشعوب العربية وبمن فيهم الفلسطينيون لم يهتم لهم أحد في الماضي ولن يهتم لهم أحد في المستقبل .
نحن نعلم أن المتفاوضون في القدس وشرم الشيخ كاذبون ...ولا أظن أن هناك قضايا تطرح أصلا ، فهم إما يلعبون الورق ، أو تجدهم يتحدثون عن مشاريع جديدة يستفيدون من ورائها ، أما القضايا التي يعلنون أنها قضايا مصيرية يجري التفاوض حولها فهي قضايا رفع رواتبهم وزيادة استثماراتهم فهي القضايا المصيرية الوحيدة التي يعرفها المفاوضون العرب وعلى رأسهم المفاوض الفلسطيني .
نحن الآن في أشد درجات الأنحطاط الأخلاقي ، وقد تم بيع فلسطين بما فيها من أرض وسكان منذ عشرات السنين. والمطلب الوحيد لنا هو أن لا يظنوا أننا حتى الآن بهذه البلاهة التي نصدق فيها أن يهودا – بعنا لهم وطنا – سيعيدونه لنا من أجل سواد عيوننا ، أم أننا نسينا قصة شايلوك.- تاجر البندقية -....
د معن سعيد