في كل يوم تطالعنا الأخبار بأنباء الحوادث المروعة والتي يتعرض لها أبناء الوطن الغالي ، بين حوادث سير ودهس تزهق أرواح زهراتنا من أطفال وشباب في عز العطاء ومواطنين من كبار السن . وبين حوادث الإصابات بالألعاب الخطرة كالمسدسات والمفرقعات والألعاب النارية ، وأطفالٌ يُفقَدون من منازل ذَويهم أو يختفون من قربها .
وفي كل خبر نجد أن السرعة في القيادة وعدم الانتباه وقلة التركيز والمتابعة هي العامل الأكبر والأول والمسؤول عن هذه الحوادث . وإن كنت أقول - وبالصوت العالي - إنّ الحسّ بالمسؤولية من قبل الجميع هو الأساس وعليه يجب أن نركز في حربنا ضد الحوادث بأنواعها .
لم يكن العيد عيداً عند كثير من الأسر التي فقدت أبناءها أيام العيد في هذه الحوادث ، فكم طال انتظار أمّ لعودة ابنها من دوامه ليقضي معها ومع أسرته إجازة العيد ، ولكن شاء المولى أن يكون القدر أسرع إليه ، فانتزعه من بينهم بحادث دهس ، فقضى هذا السائق الأرعن على بهجة عيدهم لسنواتٍ قادمةٍ حيث سيذكرونه في كل عيد قادم !!
وكان ركاب الحافلة بشوقٍ بالغ ليصلوا إلى منازلهم ليفرّحوا أبناءَهم بما اشتروه لهم من ملابس وألعاب ، ولكــن
( طيران ) السائق بالحافلة ليسابق رزقه – الذي لم يكن ليصيبه إلا ما كتبه الله له – قد يتّم أُسراً من آبائها أو أمهاتها ، وجعل بعضهم يرفلون بثياب المستشفيات تحت أربطةٍ وجبس يعالج ما تكسّر من عظامهم ، فكانت زيارات الأهل لهم بين المرضى والأطباء والأدعية بالشفاء!!
أطفالٌ صغار يغريهم ما يشاهدون من بريق المفرقعات ومسدساتٍ طال التحذير منها وألعابٍ ناريّة صدرت بمنعها عدة قرارات ، ولكن لا يزال الاستهتار من قبل فئة غير مسؤولة واضحاً وينتهك براءة أطفالنا وطفولتهم من أجل ربحٍ - مغموس بدماءٍ وعيون ٍوأعضاءٍ مبتورة - لأطفال كان هدفهم إيجاد بعض الفرح !!
في ليلة العيد شهدت عائلتي في أحد أسواق عمان المكتظة وجود أحد باعة المفرقعات والتي كان يحفظها ضمن صندوق كرتوني صغير يجلس أمامه ، وفجأة بدأت الانفجارات تتوالى نتيجة اشتعال إحدى المفرقعات الصغيرة داخل الصندوق مما أدى لانفجارها جميعاً تباعاً، وابتعاد معظم المتسوقين عن المكان مرعوبين قبل أن يفهموا ما حدث !!
إلى متى نكتفي بالوقوف والمتابعة من بعيد لهذه المشاهد ؟؟ إلى متى نقف مكتوفي الأيدي عاجزين عن حماية أحبتنا وإخوتنا وأبناء وطننا نتيجة استهتار فئات لا يهمها إلا الربح – حتى لو كان ربحاً حراماً – لأن المتاجرة فيما يضرّ الناس حرام ، تماماً كبيع الخمور والسجائر والمخدرات ، وخاصةً إذا كانت الفئة المستهدفة هي الأطفال والذين لا يقدّرون خطورة هذه الأمور!!
وبالنسبة لتجاوزات السرعة ، قد نقرّر تطبيق ما يطبّقه القانون السويسري على مخالفي السرعة ، حيث تجاوزت قيمة مخالفة السّرعة لأحدهم - حسب ما قرأتُ في موقع إخباريّ - ( المليون دولار ) لأن القانون السويسري يأخذ بعين الاعتبار ثروة المخالف والسرعة التي كان يقود بها سيارته في الحسبان عند تقدير حجم الغرامة. وبالتالي قد نجد مصدراً لرفد خزينة الدولة حسب حجم المخالفات ، ربما توجع بعضَهم جيوبُهم إن لم توجعهم ضمائرُهم !!
أدعو جميع الأهالي أن يقوموا بتوعية أبنائهم إلى مخاطر هذه الألعاب ويراقبوا ابتعادهم عن أماكن تواجدهم فيها قد يكون مؤذياً لهم ، وأدعو الجميع أن يحكّموا ضمائرهم ويحافظوا على أبناء وطنهم ، فهذا هو دليل الوطنية الأكبر ، فأنت لا تربح بخسارة أهلك وناسك ، والمسلم لا يؤذي الآخرين وإلا فإنّه ليس مسلماً ، فقد قال عليه السلام : \" لا ضرر ولا ضرار \" وإن طبقنا ما جاء في كتاب الله تعالى بحق المستهترين بأبنائنا لوجدنا أنهم قد يقفون لحظة ويفكروا . فقد قال تعالى : \" العينُ بالعين والسنّ بالسنّ والجروح قِصاص \" .
أمنياتي للجميع بالخير والسلامة.
nasamat_n@yahoo.com