كما قرأنا جميعا فقد قام الكاتب غي باخور باطلاق بالون اختبار لكل من حماس والسلطة وذلك بتقديمه النصيحة للحكومة ( الاسرائيلية ) لكي لا تقوم بمجاراة تعنت السلطة في المفاوضات ، هذه النصيحة فسرت بأنها تحمل صفتين الاولى هي تهديد غير مباشر للسلطة اذا تعثرت المفاوضات او بالأحرى اذا لم تخضع السلطة الوطنية للشروط ( الاسرائيلية ) في المفاوضات ، والصفة الثانية هي الوعد لحماس بتسليمها الضفة بالطرق الجهنمية المشهور به الكيان المارق .
من تحليل مجرى الامور التي تتم على ارض الواقع ، يبدو ان هذا المقترح او النتيجة التي توصل اليها الكاتب فعلا أحتمال مطروح بشكل رسمي وسري كبديل عن متابعة التفاوض مع السلطة بحيث يتم التعامل مع منظومة حماس في الضفة الغربية وبنفس الاستراتيجية المعمول بها في قطاع غزة وفي جنوب لبنان ، حيث تم عزل ( المقاومين ) داخل كانتونات فكرية جغرافية وبحيث يمارسوا دور المقاوم على كل شيء باستثناء ( اسرائيل ) .
ومما يزيد احتمالية السيناريو السابق هو الأيحاءات الخارجة من المفاوضين ( الاسرائيلين ) والراعي الرسمي الامريكي بأن المفاوضات تجري بايجابية وهذا بنظر المفكرين المتمرسين في الاستراتيجية التفاوضية ( الاسرائيلية ) هومجرد خداع من نتنياهو واضح والمقصود منه تسريب خبر تنازلات من قبل السلطة لاعطاء الايعازات الماكرة وغير المباشرة لحماس لتقول كلمتها على الضفة ، وعلينا حينها بتوقع ان المفاوضات التي تجري فعلا على ارض الواقع يقصد منها اضاعة الوقت وتبرئة الذمة ( الاسرائيلية ) بالمحاولة مع السلطة ، وبالتالي تصبح وسيلة لتجريد السلطة من أسباب الأستقرار في الضفة الغربية وتحميلها نتيجة فشل المفاوضات .
ومن المفترض على السلطة تتوقع أن تكون العملية الأكثر أهمية (اسرائيليا ) هو عملية اقصاءها بعد انهاكها وصنع الخطوات التعجيزية لها حين التأكد من استحالة حدوث أي تنازلات مصيرية منها ، بالتالي سيكون البديل احلال حماس كما تم طرحه بالطريقة الايحائية والتمكينية من السلطة ، وهذا الأحتمال يعتبر وارد قياسا لأستراتيجية ( اسرائيل ) في اختيار العدو الجاهل لها في الطرف المباشروالمقابل .... كما في تجربة غزة و حزب الله حيث تملك ( اسرائيل ) كل الذرائع بأقصاءها ولجمها وتأديبها متى شاءت ودون اي عتب دولي فعال كما حدث مع كلاهما سابقا .
وبالرجوع الى الأحداث اليومية والتي تقوم على الساحة الفلسطينية قامت ( اسرائيل ) الامس بتصفية أحد قادة حماس في الضفة حيث أن الشهيد أحد القوى الفاعلة في حماس وذلك احماء للمرحلة المحتلمة وكذلك بهدف تقشير القيادة الحمساوية من بعض القيادات المتحمسة والتي تشعر( اسرائيل ) بخطرها المستقبلي ، وفي المقابل ستحرص ( اسرائيل ) على الابقاء مؤقتا على بعض القيادات الحمساوية الهامشية في الضفة والتي تشكل السلطة همها الأكبر لدفعها لاحقا لقيادة عمليه الانقلاب المطروح في الضفة .
ومما يساعد على التخوف من طرح هذا الكاتب هو أن حماس تملك شهية مفتوحة للسلطة حيث من المتوقع أن تقوم بمحاولة القفز على كراسي الحكم في الضفة الغربية حال ورود اية فرصة لذلك ، حيث ان هذه الرغبة مطروحة حمساويا قبل ان تكون ( اسرائيليا ) ويعزز هذا الخوف قيام حماس بتسويق زعامتها كطرف بديل عن السلطة دوليا وعربيا أكثر من مرة ، وأبدت استعدادها للجلوس مكان السلطة في المفاوضات وكان ذلك بشكل صريح في اكثر من مناسبة حيث اكدوا على قدرتهم بالقيام بدور الحكام الفعليين القادرين على السيطرة على الشعب الفلسطيني كما يحدث في غزة الان .
ويمكن التأكد من رغبة حماس لهذا السيناريو هو الرغبة التي ابداها المكتب السياسي لحماس من دمشق برغبة حماس لمشاركة الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية التي من المفترضة وذلك لاقتناص دور كبير في الحياة السياسية الاردنية ليكونوا العامل المكمّل لحماس في المرحلة اللاحقة من حيث الدعم اللوجستي والمادي والسياسي ، وهذا يفسر المناورات الاعلامية والحرص من قبل قبل الاخوان المسلمين على فرض شروط للانتخابات وبناء قاعدة رسمية وشعبية لهم .
ومما يعزز توفر الاحتمال الذي يقضي باستبدال السلطة بحماس وفق اسس جديدة الزيارة التي قام بها ميتشل الى سوريا الأسبوع الفائت ، وزيارة أحمد نجاد اليوم الى سوريا قد تكون في اطار التشاور بين الحلفاء على العملية السلمية المطروحة بين سوريا و ( اسرائيل ) والتي بالتأكيد سيزيد من فرص نجاحها احتساب حصة لحماس في التسوية الجبرية المفترضة ،
لذلك فأن من المتوقع من السلطة الفلسطينية أن تقوم بأخذ عين الأعتبار للمراوغة و الضغط المستمر والحرب النفسية على مفكريه وأصحاب القرار في منظومته ، كما أن عليها الموازنة بين المحافظة على الثوابت والحقوق المبدئية والمفصلية الفلسطينية وبين المحافظة على دور اللاعب الرئيسي والمعترف به عربيا ودوليا أمام مفاوض ماكر يعمل على كل الجهات
كما أن الوضع الضاغط من كل الزوايا يفرض على السلطة القيام بتغيير قواعد اللعبة وأدوات المقارعة المعروفة والمستهلكة والتفكير مليا بتطوير نظريات الخلاص المطروحة لتكون أكثر حدة وثباتا لكي لا تفقد السيطرة بحجم دورها المطلوب منها في مسار المفاوضات ، مما يعني التفكير في امتلاك أوراق ضغط جديدة والتخطيط لخيارات لبناء استراتيجية ذكية للعودة للعمل الفاعل بكل معانيه المباحة والممكنة وحسب خصوصية القضية الفلسطينية ، وكذلك يجب أن تأخذ بجدية التحفظات المتراكمة على اداء بعض قياداتها وممارستهم والتي تشكل احدى نقاط الضعف التي قد يستغلها لاعبي المرحلة الجدد المحتملين .
جرير خلف