إن هذه الدولة العريقة صاحبة أقدم حضارات العالم، استطاعت أن تثبت أنها قادرة على احتلال الصدارة في العديد من المجالات، فخلال ستين عاما من الكفاح والاستكشاف والتجارب، أصبحت الصين تملك المقومات التي تؤهلها لكي تنافس أكبر وأقوى الدول، وأصبحت قادرة على دخول العصر من أبوابه الواسعة والتأقلم مع التطورات التي يشهدها العالم ومواكبتها، لأن نظامها عرف مبكرا كيف يصلح نفسه من الداخل، وكيف يتكيف مع التطورات التي يشهدها العالم، وعرف أنه لا مستقبل له من دون قاعدة اقتصادية قوية ومتينة، مع عوامل أخرى من بينها الحس الوطني الذي يجمع بين الصينيين. في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، انتقلت الصين إلى عهد جديد أسس له دنغ شياو بينغ الذي يمكن وصفه بباني الصين الحديثة. اعتمد دنغ مبدأ البحث عن الحقيقة انطلاقا من الواقع ودعا بكل بساطة إلى تحديث الصين عن طريق تجارب مختلفة ومتنوعة، والعودة عن أي تجربة متى تبين أنها خاطئة. وركز على محاربة الفقر خصوصا، واستطاع في غضون أعوام قليلة إخراج نحو أربعمائة مليون صيني من حالة الفقر، وتخلت الصين عن عقدة نقل تجارب الآخرين وحتى تقليدهم، خصوصا تجارب الدول الناجحة صغيرة كانت أم كبيرة. ورفعت مستوى التعليم كي يتمكن طلابها من مواكبة الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم، واستمرت في سياسة الحد من النمو السكاني التي ساعدت في القضاء علي الفقر والتخلف. ولذلك لم تجد الصين صعوبة في التحول إلى مصدر للتكنولوجيا الحديثة، بل منتج لها. والآن في عام 2009 أصبحت الصين من الناحية الاقتصادية أكبر اقتصاد حقق نموا في التاريخ المنظور خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية، حيث حقق بشكل سنوي نموا 8-9 % وأصبح إجمالي الناتج المحلي للصين يزيد على أربعة آلاف مليار دولار أمريكي، فيما وصل الاحتياطي الدولي إلى أكثر من تريليوني دولار أمريكي، وبلغ حجم التجارة الخارجية 2560 مليار دولار أمريكي. واستطاعت الحكومة الصينية خلال هذه السنوات أن تضاعف دخول الأفراد أربع مرات، كما تحتفظ بثاني أكبر احتياطي عالمي من العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الأمريكي. أما الناحية التجارية، فقد أصبحت البضائع الصينية تشكل قلقا للدول الصناعية الكبرى بسبب أسعارها المنافسة وأصبحت سوقا كبيرة منفتحة على العالم.
منقول عن دراسه قيمه أعدها الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونيه بجمورية مصر العربيه بحيث تعتبر التجربه الأقتصاديه الصينيه مثالا يحتذى في التعامل مع أدوات الأقتصاد والفكر الأقتصادي وفن التعامل مع الأرقام وتثبيت مبدأ الأداره في الأهداف وسهولة التراجع عن الأخطاء في سبيل تحقيق تنميه اقتصاديه شامله تترك أثرا ايجابيا مباشرا على المواطن لعل هذا المثال يكون قدوه لعالمنا العربي الذي يتمتع بجميع اسباب وعوامل الأقتصاد الناجح من حيث توفر الأيدي العامله والمواد الأوليه والأسواق الأستهلاكيه والكم الهائل من توفر المعلومات من خلال منظومة الأنترنت ولكن للأسف ينقصه عامل واحد وهو رئيسي وهو قياده حكيمة تستطيع ان توحد جميع هذه الأمكانيات وتوجيهها الى المسار الصحيح حتى نتمكن بعد ذلك من اعادة وضع الأنسان العربي على خريطة العالم قبل ان يفوته القطار .
وليد المزرعاوي
wmezrawi@hotmail.com