زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا تفلح عبقريات نظريات»الجباية» في رفد الخزينة الأردنية بما يكفي لتقلص عجزها المالي والانطباع الذي وصل إليه سياسيون كبار بعد الإطلاع على الأرقام التي نشرها الكاتب الإقتصادي الأبرز والمقرب من السلطة الدكتور فهد الفانك يشير إلى ان سيناريو «تبليع» الرأي العام فكرة «زيادة المديونية « بمعدل ملياري دولار إضافية بدلاً من تثبيتها أو تخفيضها بدأ يبرز للواجهة.
وفقا للفانك بدأت حكومة الرئيس عبدالله النسور وفي «عامها الأخير» تفاوض لاستدانة ملياري دولار إضافية، الأمر الذي يعني عملياً بان المديونية التي اقتربت من 25 مليار دولار تتجاوز كل التوقعات في زيادتها وأن الحكومة بالنتيجة أخفقت في تقليصها أو حتى تثبيتها عند حدود الارتفاع الذي وصفه مرات عدة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي أمام «القدس العربي» بأنه «مقلق للغاية».
داخل غرف القرار المغلقة لا يظهر كبار اللاعبين ميلاً لإنتقاد حكومة النسور التي اجتهدت بكل ما لديها لكن بدون فائدة لكن القلق يتزايد والبراغماتيين من الساسة يحاولون تسويق خيار المجازفة بزيادة المديونية كخيار إضطراري حتى تستمر الدولة الأردنية بدفع الرواتب وتقديم خدماتها وسط إقليم مضطرب سياسياً وأمنياً على ان تعالج مشكلات المديونية لاحقاً.
معنى التطوع من قبل الأقلام الخبيرة المقربة من السلطة والمحسوبة عليها للحديث عن قراءات تتوقع نمواً في المديونية وبصورة مقلقة وحساسة ينطوي على دلالات سياسية مؤثرة أهمها وأبرزها الإخفاق في استثمار وتوظيف الدور السياسي الإقليمي والأمني وبمعدلات إخفاق واضحة الملامح يعتقد خبراء ان سببها عدم وجود مطبخ سياسي حقيقي يدير الأمور تنفيذياً والاعتماد على طاقم يخلو من طبقة «رجال الدولة».
بلغة اخرى ابسط تدشين تسريبات زيادة المديونية المتوقع مع نهاية عام 2016 يؤشر إلى ان الإتصالات التحالفية والعلاقات مع السعودية اولاً ومع أعضاء النادي الخليجي ثانياً بقيت ورغم كل المناورات في السياق ضمن مستوى»عدم الإنتاجية» حيث تقتصر المساعدات السعودية حصرياً على جانب «لفظي وسياسي» تدفع سياسيين كباراً من وزن المخضرم طاهر المصري للاستفسار عن أسباب تخلي «الأشقاء العرب» عن الأردن في ظرف حساس.
الواضح اليوم ان كل الأدوار التي لعبت في المجال الحيوي للملف السوري سواء عندما تعلق الأمر بالعوم على أنغام إسقاط النظام في بداية الربيع السوري أو عندما تعلق باستقبال موجات من اللاجئين..هذه الأدوار لم تنعكس إطلاقاً على الميزانية المالية للدولة الأردنية ولم تساهم ـ رغم كثرة الوعود- بخفض المديونية الخارجية.
والأوضح ان غالبية الحصة التي حصل عليها الأردن من «المنحة الخليجية» والتي تصل إلى ثلاثة مليارات و750 مليون دولار لم تقدم بدورها مساهمة فعالة في تخفيض المديونية أو حتى تنشيط النمو الإقتصادي لأنها حسب الخبراء استعملت في مشاريع خدماتية متسرعة تحتاج لميزانية خاصة لصيانتها وإدامتها مستقبلاً ولتحريك قطاع المقاولات فقط.
معنى ذلك أن المنحة الخليجية ايضاً «خارج التغطية» عندما يتعلق الأمر بتنشيط النمو الإقتصادي وبالتالي زيادة موارد الخزينة وصرف النظر عن الإستدانة مجدداً من الخارج.
المساعدة الإستثمارية التي قررها ايضا المجتمع الدولي على خلفية اللجوء السوري في مؤتمر لندن هي الأخرى خارج الخدمة الآن بسبب مفاوضات معقدة جداً بلا نهاية مع الدول المانحة حيث تكرس الإنطباع مجدداً بان رموز السلطة يبالغون أمام الرأي العام في توقع العوائد الإستثمارية والتوظيفية لدور المملكة الدولي والإقليمي لكن بدون معادل موضوعي حقيقي على الأرض.
بعض كبار الساسة وفي الملف الاقتصادي عبروا عن قلق غير مسبوق فسمير الرفاعي تحدث عن الحاجة الملحة لمعالجات وطنية وجريئة والمفكر السياسي عدنان أبو عودة أثار الجدل عندما تحدث عن سفينة اقتصادية «قد تغرق» منتقداً آليات التخطيط الاقتصادي. بالتوازي يسأل طاهر المصري علناً في مقالات منشورة ونقاشات مسيسة «ماذا نحن فاعلون؟» ويلمس سياسي كثير التحرك والتفاعل إجتماعياً ونخبوياً من وزن الدكتور ممدوح العبادي ترسيم سؤال القلق على غالبية الوجوه وهم يسألونه: ماذا بعد؟
القدس العربي