نستطيع العودة الآن إلى موضوع سؤال الرياضيات (فرضية خطأ السؤال) من دون خشية من التشويش على الوزارة وامتحانات التوجيهي وقد انتهت أمس.
هل حسم الوزير الأمر حقا؟! نفهم المأزق الذي داهم الوزير في مطلع ولايته، ونفهم أن التسليم بوجود خلل في السؤال سيضعه أمام خيارات محيّرة للعلاج، فمصالح الطلبة تتضارب إزاء كل خيار، لكن الوزير سيجد نفسه أمام مأزق أكبر وأخطر إذا حسم الأمر بالانحياز لوجهة نظر من وضع السؤال ومسؤولين آخرين، لأن القضية لن تنتهي ولأن الطلبة وأهاليهم وأساتذة معترضين سوف يستأنفون القضية، وقضيتهم بسيطة للغاية، يستطيعون العودة بالسؤال إلى أي مرجع علمي مستقل، فهذا سؤال رياضيات وليس انشاء عربيا، واذا كان اي مرجع محلي سيتحرج في إبداء الرأي فيمكن العودة إلى أي دكتور رياضيات في أي جامعة معتبرة، والحكومة ستكون ملزمة ببحث الموضوع والاستعانة بمراجع مستقلّة.
وكنّا قد قلنا سلفا إن الخطأ ممكن إنسانيا خصوصا وأن استاذا واحدا يضع السؤال من دون مراجعة من آخرين حتّى لا يتعرض للتسريب وتضيع المسؤولية، فلا جناح أن يحدث كصدفة نادرة وجود خلل ولا أحد يريد وضع أحد تحت السكين، لكن خيار المكابرة والمعاندة سيحول الأمر إلى قضية سياسية وكسر عظم وانحيازات على حساب الحقيقة العلمية. وبكل مودّة وتضامن نقترح على معالي الوزير قبول استئناف البحث في الموضوع، وقد كان أكبر خطأ مشاركة واضعي السؤال ومديري الامتحان في النقاش لحسم الرأي، ونحن استمعنا إلى اساتذة ليس لهم اي مصلحة سوى القناعة الضميرية وقد اقتنعنا بصحة اعتراضاتهم على السؤال.
وحسب هؤلاء فالسؤال ليس من المستوى الأصعب الذي يحتاج الى مهارات إضافية في التحليل والتركيب بل هو تطبيقي مباشر والعقدة التي نشأت فيه ناجمة عن خطأ في تقديم شرط أحد معطيات الاقتران (كان يجب تحديده بطريقة مختلفة) مما يترتب عليه بالنتيجة احتمالات غير صحيحة. لكن حسب الحلّ النموذجي للوزارة كما نشرته مواقع الكترونية فالنتيجة غير الصحيحة يمكن إهمالها في ضوء أنها تعطي للاقتران الثاني نتيجة غير مقبولة (سالبة) فيبقى ان يتجه الطالب للخيار الصحيح بينما يثبت أساتذة رياضيات أن هذا ادّعاء خاطئ ايضا حيث يأخذ الاقتران الثاني نتيجة موجبة.
ليست مهمة الوزير ان يقرر في هذا الخلاف ويحسم الرأي في سلامة السؤال. ونقترح عليه ونحن نعرف علميته وموضوعيته أن يعطي لنفسه وللقضية فضيلة الشكّ!! فمن الخطير للغاية علميا وتربويا وتاريخيا أن يحدث قبول بالخطأ، نقترح عليه إبقاء القضية مفتوحة من أجل البت بها من مرجعية علمية مستقلّة، فيقطع الطريق على الانزلاق أكثر داخل جهاز الوزارة في مسار خاطئ من المكابرة والإنكار، وأساليب من نوع معالجة الخطأ بخطيئة.