في ظل التباطؤ الاقتصادي وحالة عدم اليقين التي تسود اوساط المستثمرين تنخفض اسعار الاسهم وتتراجع عمليات الانتاج وتكون التدفقات الاستثمارية في ادنى مستوياتها والتحرك الاقتصادي يكون لمن يملك السيولة.
الضمان الاجتماعي اليوم يحتل مكانا بارزا على خارطة الاستثمار المحلية, وطالما وجهت انتقادات - في السابق - لقراراته الاستثمارية التي اعتبرت حينها لا جدوى منها وانها مرتبطة بقرار حكومي معين او بمصلحة فئة من رجال الاعمال, مما اهدر موارد مالية كثيرة على الضمان في السابق.
الضمان الاجتماعي ليس معني فقط بالتقاعدات والتأمينات كما يعتقد البعض, وانما هو مؤسسة مالية لها دور ريادي في تنمية بيئة الاعمال الاردنية وتعزيز الاستقرار المالي والمساهمة في رفد الاقتصاد الوطني بشراكات استثمارية تعود بالنفع على المناخ الاستثماري وتساهم بالمزيد من التدفقات الاستثمارية العربية والاجنبية.
من غير المقبول ان يقوم الضمان باتباع اسلوب تقليدي في العملية الاستثمارية, ومن غير المقبول الدخول في مشاريع تتساقط عليه "بالبراشوت", لكن المطلوب ان ينخرط الضمان في المشاريع التي تدلل دراسات الجدوى التي يُعدها هو لا غيره بأنها ذات قيمة مضافة عالية على الاقتصاد, والمقصود ان تكون معنية برفع الصادرات وخلق فرص للاردنيين وتعزيز عمليات التأهيل للكفاءات الوطنية وتعتمد قدر الامكان على مدخلات الانتاج المحلية.
اليوم يشعر مسؤولو الضمان بأن المسؤولية كبيرة عليهم تجاه تنمية الاقتصاد والمساهمة في تحفيزه, والآراء كثيرة منها ما هو منطقي وآخر غير واقعي, لكن الاهم من كل ذلك ان يكون القرار الاستثماري للضمان هو وليد رغبة داخلية مبنية على دراسات علمية وميدانية عن اي مشروع مستهدف.
الفرصة كبيرة اليوم لان يعيد الضمان التوازن للعملية الاقتصادية وان يعمل على تنويع محفظته الاستثمارية التي تتركز اساسا على سهمي بنكين محليين اضافة الى المحفظة العقارية التي اساسها اصلا عمليات شراء كان الضمان قد قام بها اوائل عقد الثمانينيات.
الواقع الاقتصادي الراهن يحتاج الى دراسة معمقة من قبل كادر الضمان لتحديد خارطة استثمار له في العقد الجديد والتي ستكون ركيزة اساسية للتنمية في المستقبل.
المحافظة على اموال الضمان لا تتم بالتقوقع عليها, فهذا مؤشر على الضعف الاداري في ادارة العملية الاستثمارية, لكن كما قلنا في السابق القرار الاستثماري يجب ان يكون عائدا عليه بعد اجراء الدراسات اللازمة, وحماية اموال الضمان تتم بتنميتها وهذا لا يحدث الا باستثمار تلك الاموال في جميع القطاعات بلا استثناء لكن بالشكل الصحيح لا عن طريق إملاءات تفرض على ادارة الضمان من هنا او هناك.
الكثير يُخوّفون الضمان اليوم من انه اذا قام باستثمار ما فانه يقوم بمساعدة شركات متعثرة تحتاج الى معونة, والحقيقة ان هذا كلام غير صحيح, فالضمان مُتاح اليوم له ان يدخل شريكا استراتيجيا فاعلا في الشركات الكبرى التي أثقلت تداعيات الازمة العالمية على انشطتها وتحتاج الى سيولة للعودة الى سابق عهدها, وعلينا ان نفرق في النهاية بين شركات لا تجد منتجاتها سوقا وتعاني من فساد في ادارتها ولا أمل من قيامها للانتاج من جديد وبين شركات كبرى تمتلك مقومات الانطلاق وكل ما هي بحاجة اليه بعض التمويل, لكن, القرار في النهاية متروك للضمان الذي يعي اليوم حجم المسؤولية الكبرى تجاه الاقتصاد الوطني, فلا تبقى محفظة الضمان أسيرة اسهم معينة محفوفة بالمخاطر وتترك الفرص الاستثمارية لقناصي الفرص, ثم يطلب من الضمان ان يستثمر في مشاريع لا علاقة لها بدوره واهدافه الاساسية.0