يخرج علينا هيكل كل يوم بافتراءات وأكاذيب عن الأردن وقياداته محاولاً إثباتها بمستندات مزورة وملفقة لا نعرف مدى مصداقيتها وأساس صحتها بشكل دوري ومتكرر وكأنما يملك هذا الشخص أجندة قذرة يريد بها النيل من دور الأردن وتاريخه ومواقفه المشرفة في خدمة القضية الفلسطينية ومساهمته الكبيرة في توحيد الصف العربي وتقويته قياساً بحجمه وقوته وتاريخه في ذلك الوقت.
من يسمع هذه الافتراءات والأكاذيب عن الدور الأردني و عن تخاذل جيشه يظن للوهلة الأولى أنه يتحدث عن دولة كبرى تملك جيوشاً جرارة خذلت العرب وباعت فلسطين وليس عن دولة ناشئة فتية عمرها لا يتجاوز الخمسين عاماً بالكاد تتحسس خطاها قدمت كل ما تستطيع و رغم كل الصعاب ما لم تقدمه الكثير من الدول العربية، و في زمن تخاذلت واستسلمت فيه دولاً عربية تملك من الجيوش والعتاد و التاريخ السياسي والسكان أضعاف أضعاف ما نملك.
ولكن ما يبعث الحزن و الخزي في أنفسنا ليست هذه الأكاذيب لأنها آتية من دجال غريب يسترزق بنفاقه و كذبه ، بل هو اختباء واختفاء من يسمون أنفسهم أهرام البلد ورجالها وأصحاب التاريخ الحافل بالمواقف والانجازات من رؤساء وزارات سابقين ومؤرخين ورجالات دولة وأساتذة جامعات و سياسيين منهم من عاصر وخبر تلك الفترة ومنهم من تمكن بحكم تبوئه لمناصب حساسة من الاطلاع على ملفات ووثائق لم تسنح الفرصة لغيرهم بالاطلاع عليها، هؤلاء الذين من المفترض أن يكونوا أرشيفاً وتاريخاً موثقاً بحكم قربهم من مصادر القرار وخبرتهم السياسية وبحكم ما تولوه من مواقع تحتم عليهم بأن يكونوا على إلمام تام ودراية كاملة بتاريخ وأرشيف بلدهم الذي أكلوا من خيراته وتنعموا بأمواله وغرفوا من معينه ودرسوا هم وأولادهم على حسابه وحصلوا على ما لم يحصل عليه أحد غيرهم من عامة الشعب و فقرائه مما يحملهم مسؤولية أدبية و تاريخية أمام بلدهم وشعبهم لتفنيد هذه الأكاذيب و دحضها و إثبات فشلها في تشويه سمعة الأردن جيشاً وشعباً وقيادة وعدم ترك الساحة أمامه خالية يصول ويجول بها مشهراً بنا وبتاريخنا و ببلدنا، فكلنا نرى ونسمع كيف أن بعض السياسيين و الإعلاميين والمفكرين من الأشقاء العرب يخرجون علينا من الفضائيات يدافعون وينكرون تهماً تمس بلدانهم و تاريخهم حتى لو كانت حقيقية ومثبتة بدافع الغيرة والانتماء، فنحن هنا لا نتحدث عن أشخاص بل عن وطن و تاريخ ينقش في عقول الأطفال والطلاب في وقت أصبح فيه منع وصول المعلومة لأي مواطن و ممارسة التعتيم الإعلامي ضرب من الخيال ومن سابع المستحيلات، وأصبح فيه كلام ( البيادر) الذي كان يدافع و يجادل به مسؤولينا على الفضائيات غير مقبول ولا مسموح، فأي دفاع يجب أن يستند لإثباتات وشهادات و يطرح بصورة مقنعة و جريئة تفوح منه رائحة الدهاء السياسي ليقنع من يشاهده و يسمعه بوجهة نظره و يلجم خصمه، وهذه من أبجديات العمل السياسي التي يجب أن يتقنها أي سياسي ومسؤول. وللأسف وجدنا من متابعتنا للبرامج الحوارية على الفضائيات العربية و التي يكون أحد مسؤولينا السابقين طرفا فيها بأن معظم مسؤولينا لا يتقنون هذه الأبجديات بحكم قلة خبراتهم العملية و فقر بيئتهم و خلفيتهم السياسية ،فأغلبهم ليس له خلفية حزبية أو نقابية أو نيابية ولا حتى شعبية , أوتي ببعضهم من بيئات اقتصادية و صناعية ، ومنهم من يمتلك خلفية عسكرية و البقية الباقية سقطوا من السماء أو ورثوها عن أبائهم و أجدادهم عن جد وليس لديهم خلفية بأي شي إلا خلفيتهم العائلية ومصالحهم المتبادلة و علاقاتهم الأسرية .
عتبنا عليهم كبير وأسفنا على صمتهم عميق وحزننا على بلد أعطت ولم تبخل على من خذلوها و آثروا السبات والاختباء، لما لا يخرجوا من كانوا على شاشاتنا يغردون وفي سرد الأحاديث يتفننون وفي إحصاء انجازاتهم يتغنون وفي تسكير أفواه و حناجر معارضيهم يبدعون وفي استعراض عضلاتهم وقوتهم يتنافسون ويتسابقون، أم إن أحاديثهم للاستهلاك الداخلي موجهة نحو شعبهم الذي عشق بلده فعلى صوتهم وتنمر علينا وخفت وبح في مواجهة من يسبوننا ليل نهار من خارج الأسوار.
فيقوا من سباتكم واخرجوا من كهوفكم يا من أكلتم وشربتم وشيدتم القصور وابتعثتم أولادكم ودفعتم فواتير خادماتكم وسفراتكم من مال الوطن ، انهضوا ودافعوا عن هذه البلد فليس من المعقول أن تدافع عنه أجيال ناشئة وانتم صامتون ، وليس من المعقول أن يبقى وطننا كاليتيم لا يجد من يرفع الضيم عنه وينصفه !