عمّان تلك المدينة الممتدة التي لا تشبهها عاصمة في العالم, حيث جبالها المثيرة للابتسامة كلما مررت بها, وشوارعها المتعرجة بفعل الطبيعة, كانت تسمى "مدينة السبعة جبال", كم أصبح عددها الآن؟ سأحاول عدّها لاحقاً. المكان يتغير فيها باستمرار, جبال وأحياء وشوارع جديدة, ولهذا التوسع متطلبات تتعلق بكل ما يخطر بالبال, ومن هذه المتطلبات أن نجد أسماء نمنحها لهذه الجبال والأحياء والشوارع حتى لا ينتهي بنا المآل إلى أن نضحك من أنفسنا وعلى أنفسنا.
عزيزي القارئ, عزيزي العمّاني الذي ناهز الأربعين أو أكثر, هل تتذكر كيف كانت مناطق عمّان وشوارعها الرئيسة؟ تتكنى بأسماء دور السينما الموجودة فيها شارع الرينبو, شارع الخيام, طلعة بسمان, شارع البترا, وزهران, ودوار مكسيم ( كان بار وليس سينما! ). وشارع الجاردنز ( ملهى ومنتجع و!!! ), ثم حدث أن سلّمنا الله من تلك الأسماء، وأصبحت شوارعنا أكثر وطنية وأسمى أسماءً.
لا يكفي هذا, فبعض أسماء ضواحينا وأحيائنا الآن تثير الاستغراب إن أنعمنا النظر فيها, بعضها والله إن حكّمنا ضمائرنا فإننا سنقرر تغييرها كونها بلا معنى. أو أن من يعرف معناها قد توفاه الله قبل أن يُفهمنا إياها, أو أن الأسماء كانت تصلح لمناطق مقفرة, لكن الوضع تغيّر, وها قد أصبحت جزءا من العاصمة واكتظت بالبنيان والأنشطة الحضارية والسكانية, هذا يلزمنا أن نبادر إلى تغيير تلك الأسماء, لا ضير في ذلك ولا عيب, بل العيب والضير أن نبقى مستمرين في تثبيت الأسماء وجعلها مألوفة, لا لشيء إلا أننا ألفينا على ذلك الآباء والأجداد (أعرف الكثير الذين غيّروا أسماء عائلاتهم واستبدلوا بأسمائها أسماء جديدة لها معنى بدل القديمة التي كانت تحمل انطباعاً غير محبب أو معنى منفرا)
إليكم بعض الأمثلة على أسماء بعض مناطقنا التي تستدعى الاستبدال: طبربور, أم تينة, الجوفة, وادي صقرة, عبدون, أبو نصير, طاب كراع, أم أذينة, الصويفية, أبو علندا, أم السماق, خلدا, تلاع العلي, اللويبدة, اليادودة, خريبة السوق, جاوة, دابوق, شفا بدران, الشميساني, مرج الحمام, المريخ, أبو السوس, عرجان, القويسمة,,,,,
وفي المقابل, هذه أسماء أحياء عمّانية تحمل معنى مفهوم: الرابية, ضاحية الرشيد, الرونق, التاج, الأشرفية, النزهة, راس العين, المنارة, البيادر,,,
وبالنسبة إلى أسماء الشوارع, فهذا موضوع آخر يستحق التدقيق؛ كلنا يفهم وعلى قناعة أن أسماء شوارع عمّان تتزين بأسماء الصحابة, وتتشرف بأسماء الشهداء, ويحق لها أن تحمل أسماء الأمراء, لكن والله هناك أسماء ما هي لصحابة ولا لشهداء ولا لأمراء..., أسماء أشخاص مثلنا مثلهم, لا يكبرون عنا بولاء ولا انتماء ولا إنجاز ولا إعجاز, فلماذا هم وليس نحن؟ لن أتوغل في هذه الجزئية حتى لا أثير الحنق, وسأكتفي بتوصية بسيطة وهي أن نضع معيارا لتسمية الشوارع بأسماء الشخصيات ( غير الصحابة والشهداء والأمراء) بحيث يكون هذا الشخص ذا لمسات وطنية واضحة وإنجازات جلية, وأن يكون قد عُرف عنه بالاستقامة والصلاح, فلم يعاقر خمراً ولم يهتك ستراً, نزيهاً, كريماً, محسناً...., هذه معايير تليق بشوارع عمّاننا الحبيبة, ومَن ظن أن هذه مواصفات خيالية, فليراجعني وسأزوده بأسماء عشرين معلماً درّسني يمتلك هذه المواصفات.
م. جمال أحمد راتب