It"s beautiful but …?! " "
أنها جميلة ولكن !
حمزة عبدالمطلب المحيسن
لا تستهجن أو تستغرب عزيزي القارئ إن بدات مقالتي هذه بعبارة مكتوبة باللغة الإنجليزية بل ما ينبغي علينا إستهجانه هو ما تعنيه هذه العبارة بمدلولها المترجم على أرض الواقع من إهمال أو إمعان في إساءة البعض لشخصيتنا الوطنية المعروفة بتميزها في نظافة قوام روحها خلقا" وسلوكا" المنبثقة من وحي شريعة الإسلام وإبداعهم في تدمير وإستزاف ما أنعم به علينا من نعم في الطبيعة الخلابة التي تمتد من أقصى شمال الأردن برا" إلى أقصى جنوبه بحرا"....
فعندما يصادفك سائحا" أجنبيا" يدفعك الفضول بان تبادر بسؤاله عن رأيه في الأردن وعما زاره من أماكن سياحية سواءا" أكانت مواقع أثرية أو طبيعية ستجده وبكل عفوية يجيبك باننا شعب طيب ومضياف وان الأردن بالنسبة إليه يعتبر من الدول المتقدمة في المنطقة مستمرا في سرده إلى ان يصل لرأيه في مواقعنا السياحية ليبدأ بالتمتمة والإجابة بإستحياء إنها جميلة جدا ولكنها تستحق مزيدا" من الإهتمام فيما يتعلق بالنظافة وبعدم إلقاء المخلفات فيها وبخاصة من الزوار المواطنين ! يا إلهي ..! تصور أن السياح يقطعون مسافات طويلة من بلدانهم البعيدة لمشاهدة أماكننا السياحية المختلفة وينفقون مبالغ باهظة ليصطدموا بواقع النفايات التي شوهت ما هو في مخيلتهم من انها اماكن رائعة تستحق هذا العناء من السفر والسخاء في الإنفاق .
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ مدى الخجل الذي قد تتعرض إليه عندما يبدي لك هذا الشخص ملاحظة تتعلق بسلوكيات من المفروض إنها من البديهيات التي تربينا على محاربتها منذ نشاتنا المبكرة في البيت والمدرسة بل إن الأمر يتعدى وجهة نظر السائح إلى صورة قد تنقل عنا إلى العالم اجمع ، فالأمر جدا" محزن ومؤلم عندما نلمس ذلك أيضا" كمواطنيين في ذهابنا إلى الاماكن الطبيعية للترويح عن أنفسنا لتشاهد بأم عينيك انها وعلى الرغم من وجود الحاويات الخاصة بالنفايات فيها تجد هذه النفايات تنتشر بأكوامها متناثرة هنا وهناك ولكنها وللأسف خارج الحاويات تنبعث منها الروائح الكريهة وتجمع حولها مختلف انواع الحشرات ...
كثيرا ما نسهب في الحديث عن السياحة وجمالها في تركيا وسوريا ومصر وغيرها من البلدان العربية ورخص أسعارها مقارنة بسعر السياحة عندنا ولكننا نتجنب الحديث عن مدى إلتزام من يزورها منا في إحترام قوانينها وانظمتها والخاصة بحماية البيئة ونستمتع أكثر في إطناب الحديث عن المخالفات التي تفرضها سنغافورة مثلا" على مخالفة رمي النفايات في الأماكن العامة وينال ذلك بالغ إعجابنا ويا لسرعتنا في تناسي ذلك حينما نحل في شاطئ عام أو حديقة عامة أو أي مكان عام للترويح عن أنفسنا في بلدنا ، فننسى سنغافورة وتركيا وسوريا فلا ضير إن رمينا مخلفاتنا في أماكننا العامة فهنالك عامل وطن سيجمعها من خلفنا إلى أن تصبح مكرهة صحية أو مكاره ولنبدا بشتم الحكومة والمعنيين بالسياحة ولا نحاسب أنفسنا قبل محاسبة غيرنا ....
في بلدنا- ولله الحمد- العديد من المؤسسات والجهات والتشريعات التي تعنى بحماية البيئة ولكنها إلى الآن ما زالت غير قادرة على كبح جماح هذه الظاهرة والتي بنظري باتت تتطلب الردع بتفعيل تطبيق التشريعات التي تحاسب وتخالف المعتدين والعابثين في جمال وسحر الطبيعة فبلدنا أجمل من غيرها من البلدان ولكنها تستحق منا الإحترام بسلوكنا الواعي والمسؤول وأقلها الإلتزام بالمحافظة على نظافتها ونظافة الأماكن الطبيعية والسياحية العامة لتبقى جميلة على الدوام فالحفاظ عليها يعنينا ليس فقط من أجل وجهة نظر سائح أو غريب زائر بل لإننا وفي حال إستمرار هذه الظاهرة سنفقد قطعا" كل أماكننا الطبيعية – لا قدر الله- بالموت البطيء .