في المؤتمر الدولي الثالث للسياحة الذي عقد في رحاب جامعة اليرموك بعنوان: "السياحة التراثية والهوية الوطنية" ظهرت أهمية البحث في موضوع الهوية الوطنية لاسيما في ظل صراع الهويات الذي أججه اللهيب العربي في دول الجوار، وغلبة الهويات الفرعية على الهوية الوطنية الجامعة، فالعناية بقطاع السياحة التراثية هو إحدى أدوات تعزيز هويتنا الوطنية التي نعتز بها.
تعدّ السياحة التراثية وسيلة مهمة لمعرفة الأماكن التي تعكس الإبداع الجمعي لمجتمع من المجتمعات، والتعرف على حياته بجوانبها المختلفة الثقافية والتاريخية والطبيعية، وهي
أيضا مصدر مهم من مصادر الدخل القومي حيث أظهرت الدراسات أن سياح التراث يبقون لفترة أطول في المكان؛ مما يجعلهم ينفقون أكثر، بالإضافة إلى أن تكاليفها أقل؛ فهي فرصة لعدد كبير من المرتادين.
من هنا، فإن السياحة التراثية تعتبر ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وهي فرصة استثمارية في المحافظات التي تحتضن مواقع أثرية وسياحية متنوعة لاسيما تلك التي تعكس غنى المنتج السياحي الأردني وتميزه.
إن ما يمتلكه الأردن من إرث ثقافي يمكن أن يقف إلى جانب السياحة العلاجية والتعليمية وغيرهما من أنواع السياحة الأخرى؛ لرفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة، والتقليل من بؤر البطالة والفقر، ولتحقيق أفضل عائد منها لا بد من تسويقها بصورة جدّية ومتواصلة عن طرق الاشتراك في المعارض الدولية المتخصصة، وتوزيع المنشورات الإعلامية في الأماكن التي تضمن إيصالها إلى المهتمين بها، وتثقيف أفراد المجتمع المحلي بأهمية السياحة التراثية، وإشراكه في الترويج لها، وتدريبه على تسويقها بواسطة تعامله مع السائحين بطريقة حضارية؛ لإظهار الوجه الإيجابي للمجتمع الأردني، ولا بد أيضا من عمل القرى التراثية التي تحقق للزائر المعرفة والاطلاع، والتسوق من المنتوجات المحلية التي بدورها يمكن أن تحقق مزيدا من الجذب السياحي لتراثنا من قبل سائحين جدد، وعمل المطابخ الشعبية لتقديم الطعام الشعبي الذي يرغب به كثير من زوار الأردن، إضافة إلى تقديم وسائل الراحة والترفيه، وتوفير الأمن السياحي.
لا بدّ من تضافر الجهود لتعزيز الشراكة بين جميع المؤسسات الوطنية والخاصة من جهة، والمؤسسات الأكاديمية من جهة أخرى، وهو ما تقوم به جامعة اليرموك من إجراء البحوث والدراسات، ووضع الخطط التعليمية المناسبة لدعم السياحة وتنشيطها، وعقد المؤتمرات المتخصصة لتبادل الخبرات، وإتاحة الفرصة للمشاركين للاطلاع على المواقع السياحية المتنوعة في الأردن، إضافة إلى مساهمة جامعة اليرموك في رفد القطاع السياحي بمزيد من الكوادر العلمية المؤهلة، وهو أمر بات ضروريا في باب مواءمة مخرجات التعليم الأردني وحاجات السوق سواء في قطاع السياحة أو غيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.