اصطلح عليه بما يسمى \" الفصام العقلي \" أو المصطلح العامي \" انفصام الشخصية \" .. هي حالة مرضية تصيب الإنسان إثر ضغوطات حياتية تؤثر على الدماغ البشري ، فلا يستطيع تحملها ، لتنشأ بذلك تلك الشخصية التي تتقلب في السلوك ، مابين الحالة الإرادية و الحالة ألّلاإرادية أو من الشعور إلى الّلاشعور .. فتجدها أحياناً تتحدث شرقاً ، وأخرى غرباً .. وليس بالضرورة أنها تعني التقلب بين الوجهين المتناقضين \" الخير والشر \" .. !!
و يتفاضل مرضى \" الفصام اللا إرادي \" عن غيرهم من الناس ، بأنهم يتمتعون بنقاء سريرتهم ، لا يعرفون للكره طريق ، ولا للتعالي مكاناً ، بل يتلذذون في انتقاء المفردات الجميلة في الحديث مع مجالسيهم ، ما يعكس صفاء مكنونهم ونقاء سريرتهم ، وقلوبهم وجلة بحب الناس والتقرب منهم رغم العزلة التي تسيطر على معيشتهم أحياناً لتفادي نظرة المجتمع الغير متوازنة في رؤية الأشياء والحكم عليها من منظور يفتقر للحدود الدنيا من الانسانية ، أو الإيمان بقدرة رب العالمين على رفع هذا المرض عنهم ليبلوَّهم به .. وأن ما أصابهم ليس بعدوى سريعة الانتقال بين الناس قد يصابون بها ، بل أنهم يحتاجون إلى نوعٍ خاص من التعامل الإنساني ، والأخذ بأيديهم للخروج من عزلتهم وتغذيتهم بالأمل والطمأنينة المرجوة ، والابتعاد عن جبروت ما أصيبوا به ..!!
أما في عصرنا الحالي ، لم يعد \" انفصام الشخصية \" حالة مرضية بعد أن تحول فيه السلوك الانساني من السلوك \" اللا إرادي \" إلى السلوك \" الإرادي \" تحت مفهوم \" الفتنة بين الناس \" أو ما أطلق على متقمصيها \" بذوي الوجهين \" الذين نادراً ما نجد مؤشر أفعالهم يتجه نحو الخير المتأصل في قيمنا وأخلاقنا ، بل على الأغلب يهوي نحوّ الأعمال الخارجة على مبادئ العقائد السماوية أو المفاهيم الإنسانية ..!!
وكأن العلاقات الإنسانية بين الناس أو حتى بين المجتمعات ، أصبحت قائمة على المصالح المكتسبة من هذه العلاقات .. فلم يستثنوا أحداً من مكرهم ، فتجد مكرهم وفتنتهم يتسللان في جسد الوفاق بين المجتمعات ، فالعديد من الدول بعد أن كان الوئام في أحسن درجاته ، تحوّل إثر الفتن المدسوسة إلى عداوة قد ينشأ عنها تجاوزات تخلخل النظام الأمني لهذه الدول فيما بينها .. أو بين الناس في المجتمع الواحد ، حتى أن الصلة ما بين الأرحام لم تسلم من شرور أفعالهم ، والإستقرار الآمن لكثير من الأسر ، حولوه من آمن إلى آسن ، فتارة بين الزوج وزوجته ، يفسدون عليهم حياتهم الأسرية التي كانوا يتغنون بها هم وأطفالهم ، ويوصلوهم لمراحل متقدمة من النزاع الأسري الذي ينتهي بنهاية مؤلمة بتشتت وضياع أفرادها .
وفي أخرى لم تتوانى هذه الفئة الحاقدة التي تتقمص الوجهين ، وبأساليبها اللا إنسانية من تدمير العلاقات الأخوية القائمة بين أبناء الأب الواحد \" الأخوة \" ، أو العلاقات الحميمية بين الأصدقاء وإنهاء ثمرة هذه الصداقة النقية التي استمرت عقود من الزمن ، بعد أن فرغت أفئدتهم من التعامل الإنساني بنقاء .. فبذروا حقدهم ومكرهم بين المجتمعات المستقرة والآمنة ، وبين أبناء المجتمع الواحد ، وأخرجوهم عن قيمهم الأصيلة وأخلاقهم النبيلة .. وأكسبوهم الإجرام بكل أشكاله وتلاوينه ، حصاد ما بذروا من مكرٍ وحقد ، معتقدين أن بذارهم العفن هذا قد يجدي نفعاً أو يؤثر على الجذر المتأصل في ثرى هذا الوطن ، و لم يعوا بعد أن ثرى هذا الوطن ، ليس سهلاً كما يظنون وأن الله سبحانه وتعالى قادر على محقهم والفتك بهم ، وأن حصادهم سينقلب على رؤوسهم .. كما أنهم يعتقدون أن رجال هذا الوطن قد أصطبغت قلوبهم بالخوف والجبن ، ولا يعلمون هؤلاء الحاقدين أن كرامة رجال الوطن ، هي كرامة الوطن وعزته ، وأن المجد للأمة باقٍ .. ببقاء القلوب التي تغرس المحبة والأخاء بين أبناءها ، وترعاها لتكون ثمارها ناضجة في عشق هذا الوطن .. وأن هؤلاء الحاقدين كيفما تلونت وجوههم .. ستبقى سلوكياتهم وأفعالهم أكبر دليل على نواياهم البغيضة بحق الوطن ، بعد أن تغاضوا عن مفاهيمهم الانسانية واندثرت وأصبحت في عداد الأموات ، وقيمهم العقائدية آثروا عليها قيمهم اللا أخلاقية .. واشتروا ما لا يشترى ، وباعوا ما لا يباع ..!! akoursalem@yahoo.com م . سالم أحمد عكور