اقسم بالله العظيم ان أكون مخلصاً للملك والوطن وان أؤدي أعمالي بأمانة وشرف وأن أحافظ على سر المهنة وأن أحترم القوانين والأنظمة المتعلقة بها).
هذا هو القسم وهذا الحال الذي وصلنا إليه، فمن يصدق بأن طبيب أقسم هذا اليمين وتسول له نفسه بإستغلال خلق الناس وإحتياجهم للعلاج السريع، فأين مخافة الله وأين القسم واليمين؟!.
قد يستغرب القارئ العزيز ويستهجن هذا العمل المشين ببلد مثل الأردن له عاداته وتقاليده وديننا الحنيف ومرجعياتنا.
فقصتي هي: بأني فتاة محافظة وأعمل بمكان محترم منذ سنين بعد تخرجي من الجامعة وما تعلمته بحياتي هو الاحترام والأخلاق المثلى من صميم عائلتي المحافظة.
قبل ثلاثة أشهر تعرضت لوعكة صحية ألمت بي وأثقلني المرض وجعل مني طريحة الفراش لأسابيع ومن أثناء زيارة صديقاتي المتكررة لي، قاموا بإعطائي اسم طبيب متمرس بالطب وله سمعة طبية طيبة وهكذا اعتقدت من شدة إصرارهم فانصعت لنصحهم وأخذت القرار بالذهاب الى هذا الطبيب الذي كنت متوقعه منه بأنه طبيب وإنسان وهذه هي مهنة الطب الانسانية.
فأخذت موعداً للكشف عن الحالة المرضية التي ألمت بي وكنت أنتظر لدقائق وجاء دوري، ودخلت بكل وقار وتفأجات بداية بأنه يريد المصافحة وأخذت الامر بحسن النية رغم أني لم أرتاح لطريقة المصافحه ومن ثم طلب مني النوم على السرير للفحص السريري المعتاد عليه.
فوضع السماعة بالمكان المخصص ويده الأخرى تملصت ليدي الأخرى بسلاسة وللآسف (بتحسيس) باللغة العامية ولغة الحفرتلية، فما كان مني سوى الامتعاض وأحمر وجهي وتغير لون وجهي ليصبح كقوس قزح وحال أنتهاء الفحص السريري المفتعل، قبلها كان يسألني ويقول بلغة غريبة عجيبة (هذا الجمال يشعر بالمرض وهذا القوام الممشوق يشكو الالم...مستحيل! وأخذ يسألني قبل كتابة الوصفة الطبية عن عملي وعمري ومن أي عائلة ومكان سكني وهواياتي ولو تجاوبت معه أكثر لطلب الخروج معي أو قام باستدعائي لإحدى النوادي الليلية.
فهل يحق للطبيب كل هذه الأسئلة أو الحركشة الطبية؟!!
وخوفاً على سمعتي وخلقي تقبلت كل هذا بإمتعاض فلحظتها إرتفع ضغط دمي وتسارعت نبضات قلبي من شدة غضبي، وهذا حال لا يتوجب السكوت عنه.
فكانت آخر كلماته يتوجب عليك عمل فحص مختبر بإمكانك إحضاره بعد أسبوع إن رغبت بالقدوم مرة أخرى ومع أني متأكد بعدم حضورك للعيادة مرة أخرى وذلك لقناعته الداخلية بأنني مختلفة عن غيري، وشعر بانني أردد بداخلي: فو الله لو قالوا لي أني غداً سأموت ويتوجب علي مراجعتك لما فعلت!!! ودون أن يسمعني، كان جوابه لي: يجب أن تخرجي من هذا البرج العاجي.....!!!!
وغادرت العياده بخيبة امل كبرى من الحالة التي وصلت إليها هذه المهنة الشريفة، فقد أصبحت نسبة لا بأس بها من الأطباء تتاجر بأعراض المرضى والطامه الكبرى إن شعرت بأعراض بسيطة وأردت مراجعة الطبيب، سوف تدخل بدوامة وحقل تجارب وفحصوصات مخبرية لا اول ولا آخر لها!!!! وكل ما في الامر إسهال!!!
وفي اليوم الثاني ذهبت لعملي كالمعتاد لأظهر رغبتي بالعمل لأني تغيبت كثيرا وما أن حضرت صديقاتي لإلقاء التحية والاطمئنان على صحتي، خاطبتهم بملامة: هل هذا الطبيب الذي وصفتموه لي بالخلق والمهنية! فكانت وجوههم تتلون، تصفر وتحمر فأفادوني بالتالي:
أنت لم تشاهدي شيئا من التحرشات، فنحن صادفنا الأسوأ، فكان يتطاول أكثر بكل مرة لتصل الأمور إلى السلام الحار وأمور أخرى فنحن تحت أيديه وقناعتنا بأنه طبيب بالبداية ليصل الحال إلى المزح المفرط وهذا أسلوبه الحقير الرخيص مع مرضاه.
فكنت مستغربة أكثر منهم ومن صمتهم والسماح له بالتمادي أكثر معهم، فقالوا لي لو أخبرنا عائلاتنا لقاموا بقتله على فعلته وتمنعنا الذهاب إلى عيادته مؤخراً.
وعندما تقرأ بالصحف بأن نسبة التحرش الجنسي وصل إلى نسبة 14% وربما أكثر بالأردن فهذه نسبة عاليه ومؤشر خطير بأن ينزلق الإنسان لهذه التحرشات بأعراض البشر فهل يقبل هذا على زوجته أو أخته؟؟؟
إذا لماذا يرضاها لأناس أشراف ومن عائلات نذرت أنفسها للمحافظة على شرفها وكرامتها.
فقد أصبحت الفتاة في زمننا هذا معرضة لكثير من هذه التحرشات ، ليس فقط من الطبيب بل أيضاً من قبل مدرائها وأرباب عملها، فهذا هو الاستغلال بأم عينه بأن نستغل ضعف وحاجة الناس لأطماعنا ونزواتنا ومراهقتنا فأصبح البعض متصابي ويعمل أشياء لا يعملها المراهقين.
فإذا كان الطبيب الذي أقسم يمين شرف المهنة، يتصرف هكذا فكيف يتصرف الآخرون!!
تتعرض النساء حالياً لأسوأ استغلال فهل تقبل الفتاه كل هذا للمحافظة على اللقمة المغمسة بالذل وإغتصاب عفتها، أم تبقى جليسة المنزل لحين وجود وظيفة حكومية أو مكان يحترم عفتها ويصون لها كرامتها، فأين المفر؟؟؟!!! فالفتاة هذه الأيام تعيش بين فكين، فالبحر من ورائها والعدو من أمامها.
وصدقاً لا تخرج الفتاة للعمل لولا عوزها وفقرها ومن منا ليس بحاجة للعمل هذه الأيام ؟؟؟
فأشارت دراسة حول أبعاد النوع الاجتماعي (الجندر) بأن أكثر من 14%من النساء العاملات يترضن للتحرش الجنسي لفظي بأماكن عملهم و 7% من العاملات يتعرضن للتحرش الجسدي من مكان العمل ويوجد حالات كثيرة غير معلن عنها يتعرضن لترويض وتهديد من رب العمل ويفضلن عدد كبير من العاملات اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي سواء جسدي أو نفسي بأن ترأسهم امرأة وليس رجلا.
من شدة الخوف من التعرض للفواحش والتحرشات التي تذهب الدين والدنيا والخلق والمثل العليا.
احرصوا على الأخلاقيات التي هي رصيدنا وإرثنا المتبقي، فلا بقاء لشعب بدون خلق ولا دوام ولا تقدم بدون المحافظة على أعراض الناس.
فمتى فسدت أخلاقنا سقطنا كما سقطوا، فالأخلاق هي التي ترفع قدر المجتمعات والأمم.
فقال الجاحظ بالأخلاق:لا مروءة لكذوب ولا روع لسيء الخلق.
وقال أحمد شوقي أمير الشعراء:إنما الأمم الأخلاق ما بقيت،فان هم ذهبت أخلاقهم.
كفانا تملق وكفانا التخفي بصورة الحمل الوديع ونحن بداخلنا نخفي ثعلباً ماكراً.
والله ولي التوفيق
هاشم برجاق
19-9-2010