زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - يختصر مرجع دستوري وقانوني من طبقة رجال الدولة من وزن الدكتور محمد الحموري تلك المسافة الفاصلة والتي تزيد بين بعض النخب الخبيرة والإدارة الحالية في الأردن وهو يحذر في خاتمة مقال مفصل له من إعلان «الوداع» لدستور عام 1952 الذي تأسست بموجبه المملكة الأردنية الهاشمية الحديثة.
الدكتور الحموري وزير سابق وليس عضواً في أي فريق معارض أو مناكف واختار التقدم بمداخلة فقهية مفصلة متأخراً تأمل فيها من رجال الدولة الوزراء والأعيان والنواب عدم التسرع والإساءة للنظام والقصر الملكي والوطن بتمرير التعديلات الدستورية المطروحة حالياً لأنها برأيه الشخصي تبدل وتغير في شكل النظام البرلماني الملكي وتلغي العقد الاجتماعي المألوف بين الأردنيين ونظامهم.
وجهة نظر الحموري ان على الأردن «نعي زينة الدساتير» وهو المقرر لعام 1952 إذا مرت التعديلات الأخيرة المقترحة والمثيرة للجدل والتي مررتها الحكومة للبرلمان بدون حوار وطني أو توافقي أو تشاوري مما تسبب بنقاشات أكثر ما فيها حساسية انها إنتقلت وبسرعة وبسبب التسرع وعدم الشرح للشارع حيث نظمت وقفات احتجاجية في الأطراف تطالب بإلغاء التعديلات الدستورية.
الحموري وهو رجل يعتد به عندما يتعلق الأمر بالفقه الدستوري لم يكن وحيداً من طبقة الوزراء السابقين فوزير العدل الأسبق الدكتور إبراهيم العموش كتب باختصار على صفحته على فيسبوك ما يمكن وصفه بنصيحة مباشرة لرجال القرار والدولة قوامها ان هذه التعديلات الدستورية المقترحة مثل «أنبوبة الغاز».
العموش قال ما يلي: العبث بالدستور كالعبث بأسطوانة الغاز، أتمنى على جلالة الملك عدم المصادقة على التعديلات وإبقاء الأسطوانة مغلقة فذلك أدعى للسلامة شعبياً وسياسياً ودستورياً.
الإعتراضات تتقافز على التعديلات الدستورية وغالبية الصادر منها من سياسيين كبار تتعلق بالشكل أكثر من المضمون فالحكومة بدت وكأنها لم تحضر درسها جيداً برأي السياسي البارز ممدوح العبادي والتسارع غير مبرر من حيث الشكل ونصوص الدستور ينبغي أن ينظر لها كوحدة متكاملة.
جبهة العمل الإسلامي التابعة للإخوان المسلمين تصدرت الواجهة وهي تنظم ملتقيات وطنية تطالب بعدم المصادقة على التعديلات الدستورية المقترحة والتي تلغي النص المتعلق بمن يحمل جنسية أجنبية أو أخرى من تولي الوظيفة العامة في الأردن كما تتضمن صلاحيات «فردية» وحصرية للملك في تعيين رئيس الوزراء ورئيس واعضاء الأعيان ورئيس القضاء والمحكمة الدستورية ومدراء ثلاثة مؤسسات سيادية مهمة هي الجيش والمخابرات والدرك.
التجربة مماثلة تقريباً لما حصل في الملكية المغربية ومنطوق الإعتراضات لا يطال صلاحيات الملك بقدر ما يطال طريقة عرض المقترحات وحصول تعقيدات محتملة لاحقا خصوصاً وأن إضافة النصوص الجديدة مسألة لا تكفي بدون مراجعة مجمل نصوص الدستور كلها حتى يتم التوثق من عدم وجود تعاكسات بين النصوص.
حتى بعض أركان رجال الدولة الذين يؤيدون التعديلات الدستورية يحذرون من الوقوع في أخطاء خصوصاً وان الخطأ الإجرائي الأول برز مع الكتاب الرسمي الأول الذي أرسلته الحكومة بعد اجتماع صباحي طارئ الاثنين الماضي لمجلس الوزراء لرئاسة مجلس النواب والذي تضمن سلسلة مقترحات لتعديل الدستور خالية من النص المثير للجدل المتعلق بولاية «مزدوجي الجنسية».
عند استدراك حصول الخطأ تم تنظيم لقاء آخر وسريع لمجلس الوزراء لإضافة النص المتعلق بالجنسية المزدوجة بعدما تنبهت جهة ما لحصول خطأ فطلب من النواب عدم توزيع النص الأول وانتظار النص الثاني الذي أرسل بتوقيع الوزراء في اليوم نفسه لكن للمرة الثانية. حتى داخل مجلس الوزراء امتنع بعض أفراد الطاقم الوزاري عن المصادقة على وثيقة التعديلات الدستورية، هنا حصرياً تردد اسم ريما أبو حسان وزيرة التنمية الاجتماعية وأحمد زيادات وزير الشؤون القانونية مما يعني أن حكومة الرئيس عبدالله النسور نفسها لم تكن موحدة في النظر لمقترحات التعديل.
القدس العربي