دثني جداي -أطال الله في عمريهما- كثيرا عنها.... عمن سكنوها وواراهم ثراها.. عن أحرارها وفرسانها... شيبها وشبانها... عن جمالها وبساطتها... آبارها ومساكنها... عن بيوتها الحجرية المميزة... فكل حجر فيها يروي حكاية... وكل ذرة من ترابها تروي رواية.... صمد... تلك القرية الصامدة على قمة جبل جنوبي اربد... طبيعة تحاكي الجمال.
هي ذي صمد... قرية كانت عامرة بسكانها... آهلة بعوائلها... ممتدة فيها أشجار التين والزيتون... عاش فيها المسلمون والمسيحيون... برزت فيها الكثير من العوائل الاردنية الأصيلة كما الكثير من الشخصيات الفريدة
من المعالم المميزة لتلك القرية محطة الوقود القائمة فيها منذ أعوام طويلة... ومراوح توليد الطاقة التي يلحظها عن بعد أي زائر للقرية والتي تومئ إلى صمد بصمت.. ومحطة ماء كبيرة... صمد معروفة بكنائسها ومساجدها ومقالع الحجر... وبيوتها الحجرية الجميلة التي لا تزال قائمة « على شفا جرف هار» وغيرها من معالم القرية.
أما الآن هرمت المدينة بهجران أهلها - إلا مع صبيحة كل عيد لزيارة موتاهم هناك- وخارت قواها.. تلك القرية التي من الممكن أن تكون علما من أعلام المدينة... ومحطا لرحال السائحين... وملتقى للثقافات ومصدر الهام للشعراء ورواد الأدب... مدينة ذهبية نأسف على إهمالها !! وقد رحل عنها أهلها... كان الراحلون فرادى ثم صارت العوائل تخرج واحدة تلو الأخرى منهم طالبا المدينة وما فيها من ميزات... ومنهم من هجرها سعيا للرزق ومنهم من رحل طالبا العلم في محافظات الوطن...... وأخيرا ظلت المدينة كما هي « صامدة «... لكن يلفها الهدوء.. ويلحفها الحزن... يؤرقها الهجران... وتحفها الوحدة.
قبل أعوام.. تنبه البعض الى مكانة القرية ودرسوا ما يمكن بالفعل أن يقدم لها... وصاروا إلى تحديد مبلغ مادي لترميم المدينة وإعادة تأهيلها..لكن لم تكتمل فرحة المدينة ولا أهلها القدامى... حيث تم تحويل ذلك المبلغ إلى مكان آخر.. ولأغراض أخرى... «يعرفها البعض» !!... فظلت المدينة على حالها... وصارت بيوتها القديمة تفتح لأغراض تصوير بعض المشاهد لمسلسلات ذات طابع أردني قروي... ثم تعود المدينة الأثرية الرائعة لتلوذ بأسوار الوحدة والهجران...احيوا المدينة بترميمها... وكافئوا كل من خرج من بطنها وعاد إلى ثراها... وظل اسمه محفورا على جدرانها... كل من زرع زيتونة بين أحشائها.. اجعلوا من « صمد « مدينة أخرى... ردوا إليها روح الحياة الذي اغتلتموه فيها... انفضوا عنها القتار... اجعلوا منها أعجوبة... تـذهِل زائرها... وتؤلق ماضيها..!!!
Walaaa_90@yahoo.com
ولاء الروابدة