الحكومات التي تحترم نفسها، وتقدر الشعب الذي منحها الثقة؛ عليها أن تريح وتستريح إذا لم تستطع أن تلبي مطالب المواطن الأساسية بحصوله على سلع غذائية رخيصة الثمن، لا أن تعتمد عليه في كل شيء. أن تعمل على تخفيض المديونية التي تجاوزت الخط الأحمر، وأصبحت تنذر بخطر شديد على الدولة كلها.
كان يمكن للحكومة أن تحل (ولو جزئياً) مشكلة البطالة، بتحويل المنحة وقيمتها 17 مليون دولار، تلك التي استخدم جزء كبير منها لاستمطار السماء، مع أن خبراء الإستمطار أكدوا على أنه لا يمكن استمطار السماء دون وجود غيوم حقيقية تساعد في إنزال المطر بعد رش بلورات من الثلج الجاف، أو قذف أيود الفضة من الطائرات في تيارات هوائية صاعدة لمناطق وجود السحب، وكله بإرادة الله جل وعلا.
أن تعمل الحكومة على وقف الهدر في المال العام، وإخضاع التعيينات الى ديوان الخدمة المدنية.
على الحكومة أن تتراجع فوراً عن قرارها المتعلق بتعيينات أبناء وأقارب النواب في البرلمان والتي هزت صورة الحكومة والنواب، لأن الحكومة التي تنادي بإخضاع وظائف الدولة الى ديوان الخدمة المدنية عليها أن تلتزم أولاً، ولا تسمح لفئة دون غيرها بتجاوز القانون والنظام.
إن تعيين 109 وظائف في مجلس النواب بعيداً عن ديوان الخدمة المدنية؛ يجعل من صورة النواب، والحكومة، والديوان نفسه؛ ضبابية، وقاتمة، ويضع مصداقية أي انتخابات قادمة على المحك، إذ لا يوجد ما يشجع على ممارسة العملية الإنتخابية ما دام أن النواب يحصلون على امتيازات، ومكافئات، ووظائف، لا يمكن أن يحصل على مثلها المواطن العادي.
كيف يمكن لأي حكومة أردنية أن تمنع الهدر في المال العام والحكومة الحالية ساعدت من خلال صور كثيرة في الهدر، وعدم ضبط الإنفاق، وصرف رواتب فلكية لبعض المسئولين وكأننا نعيش في سويسرا، أو ألمانيا، أو اليابان.
أحدهم يحصل على 20 ألف دينار شهرياً، وامتيازات وظيفية هائلة، مثل السيارات ومعها كوبونات بنزين بمئات الدنانير، ورحلات راحة واستجمام على أكتاف الشعب، ومياومات بدل استجمام في أوروبا، وخزانة أموال الدولة تحت يديه يتصرف بها كيفما يشاء، والمواطن يحصل على 300 دينار شهرياً، يدفع منها أقساط شهرية، وأجرة بيت، وما تفرضه عليه الحكومة من مخالفات، ورسوم، وفواتير، تكسر ظهر الدابة، وتجعل منه شبح يمشي بلا أي هدف.
الحكومة تصرف على رواتب، وامتيازات كبار الموظفين ما يساوي ثلث موازنة الدولة، إذا علمنا أن موازنة الدولة كلها أكثر من ثمان مليارات بقليل، أي حوالي أحد عشر مليار دولار، وهناك عجز مالي أقل من مليار، فلو ضبطت الحكومة عملية الإنفاق، وخفضت رواتب كبار المسئولين لاختفى العجز المقدر بحوالي 700 مليون دينار، لكن من يسمع نداء المواطن إذا كان صوته مخنوق أو يخرج من داخل بئر الظلم والحرمان.
الأوضاع الاقتصادية العامة لا تبشر بخير، لأن المديونية وصلت الى أرقام تنذر بخطر كبير، وهنا أقصد؛ المديونية الخارجية التي تجاوزت الثلاثين مليار دولار، وخطر المديونية الخارجية أشد فتكاً من خطر المديونية المحلية، أما المديونية الداخلية فمصابة بعجز حوالي مليار دولار. والهدر ما زال مستمراً، وكأن الحكومة تسعى الى تدمير أعمدة البيت الأردني.
معدلات البطالة عالية، والأرقام لا تبشر بخير، والرواية الحكومية عن خفض نسب البطالة غير صحيحة ولا تمت للواقع الذي نعيش، لأن النمو الاقتصادي هزيل سيؤدي حتماً الى زيادة في معدلات البطالة، والاستمرار بهذا النهج سيجعل من البطالة خلال العامين المقبلين قنبلة موقوتة لا تلبث أن تنفجر لا قدر الله.
الحل يكمن في إعداد برنامج تُضبط فيه موازنة الدولة، وتخفض من خلاله الرواتب والامتيازات، والسفريات، وتعيينات كبار المسئولين، ووقف السيارات التي تستنزف أموال الدولة، العملية بصراحة تحتاج الى توفير 2 مليار دينار يمكنها أن تحل الكثير من مشاكل صندوق النقد الدولي، وبعض الدول الدائنة، وتجعل من الدولة تتنفس الصعداء، وإذا تكررت العملية في كل عام؛ يمكن لمشكلة البطالة أن تنتهي في العامين القادمين.
يجب أن يكون هناك فزعة وطنية يتحمل فيها المسئول المسئولية، كما تحملها وما زال يتحملها المواطن العادي، ومن العيب أن يبقى المواطن يدفع ضريبة علاج الوزير، وسفريات النائب، وامتيازات المدير أو الأمين العام، من العيب جداً أن لا يفكر أبناء الطبقة الصفراء في الوطن كما يفكر فيه الموظف البسيط، والمزارع، والبدوي في الصحراء.