يبدو واضحا من أنّ جماعة الإخوان المسلمين وهم الحزب الأكبر والمعارض أكثر على سطح
المعارضة السياسية الحزبية من أنهم اخذوا مبدأ المقاطعة خيارا لهم، ومازالوا مصرين
عليه،رغم تعهد رئيس الوزراء بتنفيذ مطالبهم ،بعد ان سمع كل ماهو عائق أمام
مشاركتهم، ولكن لأسباب كثيرة كان أبرزها هو عدم ارتياحهم لقانون الانتخاب الجديد
ولعدم ثقتهم من حكومة سمير الرفاعي بإدارة "ملف الانتخابات" رغم تصريحات الحكومة
وعلى لسان مستشارها السياسي الزميل سميح المعايطة بأنها ملتزمة بضمان نزاهة وسير
العملية الانتخابية لضمان خروج مجلس نيابي قوي يلبي الطموحات .
ولعل أنّ جماعة الإخوان كانوا قد أعلنوا المقاطعة إلا أنّ مرجعيات عليا تريد منهم
المشاركة لإضفاء المجلس بنكهة متنوعة وليكون مجلس من كافة أطياف المجتمع الأردني،
مما حدى الأمر بسمير الرفاعي الالتقاء بهم قبل حوالي أسبوع وإقناعهم للعدول عن
قرارهم والانضمام إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والمزمع عقدها في التاسع من
تشرين الثاني لهذا العام ورغم انضمام بعض الأحزاب لتبني قرار المقاطعة وانضمام
تكتلات داخل المجتمع تطلب المقاطعة او على الأقل تأجيل الانتخابات،وهو خيار مستبعد
ولا مجال حتى للتفكير فيه.
ملف تأجيل الانتخابات هو ملف شائك ومهما حاول البعض من طرحه فلا اعتقد بأنه سيتم
تأجيل الانتخابات لأكثر من ذلك مدة فلا دستوريا يتطابق التأجيل ولا رضى شعبيا يحبذ
بالتأجيل، ولا سيما بان الشعب بات بحاجة الى مجلس نواب يراقب كافة أعمال الحكومة في
ظل تخبطها الواضح في قراراتها وتعاملها ،عدا عن إصدار عدد من القوانين المؤقتة
التي أثارت استياء الرأي العام المحلي والدولي .
إذا علينا عدم السماح لمن يجرؤ على اشعال فتيلة تأجيل الانتخابات النيابية، فالحاجة
إلى وجود مجلس نيابي قوي وكفؤ بات كحاجتنا إلى الماء والكهرباء،وهي الفرصة الأكثر
استحسانا عند دائرة صنع القرار وذلك من اجل تقاسم الحمل والأعباء من على ظهر
الحكومة فلا خيار لنا للتأجيل كما تريده بعض الأحزاب المتخبطة وبعض حملة الأقلام
المسمومة بحبر العداء للحكومة.
وطالما أنّ وجود أحزاب معارضة داخل قبة البرلمان هي من أعظم صور الديمقراطية، إذا
لا منفعة من مقاطعة الانتخابات أو عدم المشاركة ،فحاجة المجلس من نواب ينضمون إلى
احزاب ونقابات وجمعيات هي كحاجتنا الى الدفىء في فصل الشتاء فمجلس مكون من شيوخ
عشائر ورؤساء وزارات ووزراء وسفراء واعيان سابقين وعدد لا بأس فيه من مناصب الدولة
المختلفة وطبقات المجتمع الأردني وبعض رؤوس المعارضة أفضل بكثير من أن يكون مجلس
لأصحاب نفوذ المال ورجال الأعمال وتجار الأصوات وعديمي الضمير والذمة .
ما تتطلبه المرحلة المقبلة من تكاتف أعضاء المجتمع من أجل إنجاح مسيرة الإصلاح
السياسي من خلال الخضوع لعملية قيصرية للاستحقاق الدستوري والعرس الديمقراطي قبل
نهاية هذا العام، فوجوب المشاركة الفعالة من قبل كافة أطياف المجتمع الأردني ومن
أحزاب ومنظمات وهيئات شبابية ونسائية ،حتى يظفي طابع التنوع على المجلس.
فعلينا ان نعي ما هي طبيعة المرحلة المقبلة من أزمات وحروب وصراعات داخلية وأخرى
خارجية، قبل أن نطالب بالتأجيل أو نتخذ قرار المقاطعة ليظهر "نواب البزنس" الذين لا
توجد "غصة الوطن" في حلوقهم فيبيعون الوطن ويبيعوننا، أهذا الخيار أفضل من أن يكون
المجلس مكون بعضه من نخبة من رجالات الدولة ونخبة أخرى من رجال السياسة والعسكريين
القدامى من رتب مختلفة ورجال لديهم ضمير الوطن والأمة!!؟
التفكير قبل البت في القرار من سمات المرء السوي والصالح فإذا الكل فينا فكر
بالمقاطعة فمن أين نستورد نوابا من "هنغاريا" أم من "هولندا" أم ننتج نوابا هم
أشقاؤنا وإخواننا يعرفون مصلحتهم ومصلحة الوطن.
كل من يحاول التشويش على "ملف الانتخابات" عبر المقاطعة، رغم أنّ المقاطعة تعبير
ديمقراطي،أو الحكم المسبق على فشل الحكومة في إدارة "ملف الانتخابات" قبل اجراؤها،
فهو آثم بحق وطنه إلا أنّ طبيعة المرحلة المقبلة تحتاج إلى إفراز نواب من كافة
أطياف وفئات المجتمع.
*rezegrak@yahoo.com