ربما طرح البعض في الأيام الأخيرة فكرة تأجيل الانتخابات ، خاصة بعد لقاء رئيس الوزراء مع قيادات الاخوان المسلمين ورفضهم – حسب ما تسرب للصحف – لخوض الانتخابات المقبلة..
وربما كان تأجيل الانتخابات هو رغبة شعبية أبعد من كون وجود رغبة للبعض للخوض فيها ام لا. فقرار الاسلاميون هو قرار ينبع من تحليلاتهم للوضع الداخلي في حزبهم والأمور الاقليمية حولهم ، وكذلك آراء بقية الاحزاب الأردنية تستمد آراءها بناء على دراسات حزبية واقليمية، وقلة من الحزبيين من يفكر في خوض أو مقاطعة الانتخابات بناء على الوضع الداخلي للوطن ومصلحة ابنائه فقط. وربما ولهذا كان هذا التباعد بين المواطنين ومجلسهم، بل وشعورهم ان هذا المجلس لا يمثلهم باي حال من الاحوال.
فمن المعلوم جيداً ان الشرط الاول لدخول مجلس النواب هو كونك قادراً على تمويل حملة انتخابية تصل في متوسط تكاليفها الى مائة الف دينار. ومن الطبيعي أنك لن تقوم بصرف هذا المبلغ – واستثماره - في الانتخابات الا إذا كان مردود هذا الاستثمار جيداً.. وربما قال البعض ان هذا ما يحدث في جميع الدول الغربية التي نقلدها في النظام الإنتخابي واللعبة الديمقراطية ، فتكاليف الحملات الانتخابية مرتفع ، ، وهذا صحيح بالطبع ، الا ان نظام الدول الغربية يقوم على ان يتكفل الحزب بدفع تكاليف الحملة الانتخابية للنائب ولا يتكلفها هو ليحاول استردادها بطرق غير شرعية مستقبلاً. كما انه ليس هناك في برامجهم مناسف ودعوات خاصة للناخبين من أجل استقطابهم ، وكذلك والأهم فالقانون في النهاية يحمي المواطن البسيط من أن تمتد يد النائب لتأخذ منه حقه وتعطيه لغيره.
وكانت تجربة المواطنين مع مجالس النواب المتلاحقة أنها مجالس واسطات وانتفاعات فقط ، ووظيفة النائب كانت دائما أبعد ما تكون عن وظيفة نائب الوطن.. وترى جل همه هو ماذا سيفعل من اجل اعادة انتخابه في المرة القادمة. وهذا من السهل التأكد منه بدراسة أعداد المرشحين للدورة البرلمانية التالية. فتجد ان معظم اعضاء مجلس النواب في دورة ما يترشحون للدورة التي تليها ، فلو كان عملهم في المجلس متعباً ومرهقا لهؤلاء النواب في دراسة مشاكل وطنهم ومراقبة حكوماتهم - كما كان يجب ان يكون - لما قاموا بترشيح انفسهم من جديد، ولكنهم لا يجدون في المجلس سوى التنعيم والترغيب والشهرة والمصلحة فيترشحوا من جديد او يحاولوا توريث مقعدهم لأولادهم .....
لن يكون قرار تأجيل الانتخابات أو إجرائها في موعدها ذو أهمية بالنسبة لمعظم المواطنين ، والنسبة الفعلية لإقبال الناس على التصويت ستظهر للحكومة مدى أهمية المجلس بالنسبة للمواطن ، والمواطن انتظر وينتظر من الحكومة دائما أن تكون أرأف حالا به حتى وهي تفرض الضرائب عليه يمنة ويسرة ، فهي دائما تفعل ما تريد ، أكان المجلس موجودا أم لا !!!
لم يكن مجلس النواب في الاردن حتى الان في مستوى تطلعات المواطنين وآمالهم ، وليس من المتوقع ان يكون المجلس القادم في مستوى احلامهم ...ولكنها ايام تمر ومجالس تأتي وتذهب.. والجميع ينتظر ان تصحوا ضمائر وتتهذب أخلاق أمم ما عادت كما كانت منذ قرون...
د معن سعيد
Awsat55@hotmail.com