ما هي إلا بضع أسابيع ويبدأ العد التنازلي للانتخابات البرلمانية الأردنية 2010م والتي ستحدد مستقبل الحياة البرلمانية لأربع سنوات قادمة ..لتتوسد القواعد الدستورية بشكل ديمقراطي حر .. خصوصاً بعد أن أيقنا وبشكل فعلي أن أصواتنا ستجسد انتماءنا وولائنا .. بل وسيترتب عليها مسؤوليات جمة .. ليصعد من سيختارهم أبناء هذا النسيج الإجتماعي الأردني الواحد إلى سدة القرار .. بذلك نشهد أن منطق الناخب الأردني يتسم بثقافة الوعي والحس بالمسؤولية والديمقراطية الحقيقية.. فذلك هو جزء من العملية الديمقراطية الحقه .. ويبقى الجزء المكمل هو مراقبة وتقييم السادة النواب المنتخبين .
لذلك يجب أن تقوم ثقافة الناخب وبما لا يدع مجالاً للشك على مصلحة الأردن العليا .. و ممارسة الحق الدستوري والمطالبة بالحقوق التي هي مقابل القيام بالواجبات .. حيث يقوم الحق بالتساوي مع الواجب .. وما هو واجب على السلطة هي حقوق للشعب.. وما هو واجب على الشعب هو حقوق للسلطة .
إن المشاركة في عملية تشكيل للسلطة التشريعية والرقابية في المجتمع .. على أساس الاختيار .. إنما هو تعبير عن مشاركة المواطن المباشرة في الحياة العامة من الناحية القانونية والدستورية.. لأن التصويت هو حق من حقوق المواطن الأساسية في النظام الديمقراطي وليس واجبا.. لكن عزوف البعض عن القيام بهذا الحق.. يعني الانسحاب من الحياة العامة .. وعدم المشاركة في صناعة القرارات التي تصب في صالح الوطن و تتطلب مشاركة الجميع .. فالمجلس النيابي هو المظلة والمكان الأنسب لبحث القضايا الوطنية والعمل مع الحكومة على مواجهة التحديات والمشاركة في رسم السياسات واتخاذ القرارات التي تخدم المصلحة الوطنية ..
فالثقافة الديمقراطية تمكن الجميع من ممارسة حقوقهم بطريقة تجسد القيم الديمقراطية كالحوار وقبول الأخر والتسامح واحترام الرأي الأخر.. وما إلى ذلك .
إن الانتخابات النيابية المقبلة تعتبر حدثاً هاماً على صعيد ترسيخ الحقوق والنهج الديمقراطي القائم على مبادئ السيادة والتعددية.. حيث التزمت الدولة الأردنية بإجرائها في الوقت المحدد وبطريقة منظمة ومجدية للاستحقاق الانتخابي .
وبالرغم من أن للناخب حرية في الانتخاب أو الإحجام عنه دون أي إلزام أو عقوبة إلا أنه في حالة عدم ممارسة المواطن حقه الانتخابي لوجود مرشح لا يفضله .. فهو بإحجامه يساعد ذلك المرشح للفوز .. ولذا فمن الأهمية بمكان المشاركة بالتصويت ليتخذ الناخب قراراً بمن يجب أن يصل إلى عضوية مجلس النواب .. وضمن هذا السياق نجد أن الانتخاب والمشاركة الفعالة ينقل المواطن من الدعوية إلى المواطنة الكاملة .. فذلك واجب على كل مواطن .. أن يمارس هذا الحق .. ويدعو كل أفراد أسرته في المشاركة .. أو ليس هذا حق يفرض على الجميع القيام به ؟
أليس من المحير أن نبقى يوم الانتخابات قابعين في منازلنا وعلى شاشات التلفاز نرصد النتائج وكأننا لسنا من مواطني هذا البلد الذي يمنح الفرصة للجميع كي يمارسوا حقوقهم في ذلك ؟ أوليس من المحير أيضاً أن نذهب يوم الانتخابات إلى صناديق الاقتراع ولا نعرف من ننتخب .. أو لنجد الوجوه هي ذات الوجوه .. والشعارات هي ذات الشعارات ؟ من فضلكم أجيبوني !!! لذلك أعتقد جازماً أن المواطنة الحقه هي قيم وسلوك تكمن باختيار ممثل الشعب الأنسب بدل المناسب وننسى كل شيء سوى أن الذي ننتخبه أردني يحب تراب الأردن .. ويعشق خدمة الأردن .. ويلبي طموحات ناخبيه وآمالهم ..
لماذا نحتجب عن ممارسة حقنا المشروع ؟ بل ويجب أن ننتخب لكي نساهم بصعود من هم أخيار .. فعدم انتخابنا يعني السماح للوصوليين وأصحاب المصالح الشخصية والرؤى الضيقة بالاستمرار.
أما ما أريد قوله للسادة المرشحين : إن مواطننا الأردني هو الآن أكثر وعيا وإدراكا لما يدور حوله .. فهو يريد لأبنائه المستقبل الزاهر .. لبناء غد مشرق واضح المعالم .. فالكلام المعسول لا يداويه ولا الوعود تطيب خاطره .. فقط يأمل من ممثليه ونوابه المنتظرين تحقيق حـُلمه في الحياة الفضلى تجسيداً لمبادئ الثورة العربية الكبرى التي تربوا عليها ..وإيمانا عميقاً راسخا متجذرا أن لا سبيل إلى العيش الكريم إلا بالمكاشفة والشفافية والحوار لنبني الأردن الحديث ..بعيدا عن الإقليمية والفئوية .. والمنافع والمكاسب الخاصة .. بل ويجب أن يكون طموحنا واضح على أمل أن تتحقق الأهداف التي نصبوا إليها وفق رؤى مستقبلية حديثة يراها صاحب الجلالة باهتمام بالغ .. نهجها المصلحة الوطنية التي هي دوما فوق كل المصالح والاعتبارات .. لنحمي الوطن ونطوره ونحدثه .. وفق منهجيه يتم من خلالها تحقيق العدالة واحترام الكفاءة وسيادة القانون .. وترسيخ ثقافة الشراكة للجميع في تحمل المسؤولية .. كلٌ في موقعه .. بعيدا عن أيه أجندة مشبوهة .. فالتحديات أمامنا كبيرة والظروف تحتاج منا الوقفة .. فبعون الله سنكون قادرين على مواجهتها بكل جرأة وموضوعية وبهمة الرجال الأخيار من هذا النسيج الاجتماعي المتآلف والمتعاضد ليبقى الأردن دوماً.. قوي بأهله ورجالاته الغر الميامين .
علينا جميعا التفكير بايجابية واستقلال وحيادية قبل أن تنتخب .. و ننتخب لأننا نحب الأردن وأهله الخيرين .. ننتخب من نعرفه معرفة صريحة .. ونعرف من هو .. ننتخب القريب من احتياجاتنا ومشاكلنا.. ونعرف شكله وشاهدناه وعرفناه .. ومن تحدثنا معه ولمسنا منه تواضعاً وتجاوباً وحبا لقضايا بلده .. ولا ننتخب من سكن العلالي ولم نشاهده إلا عبر شاشات التلفزيون .. بل إن علينا أن ننتخب صاحب الفكر السليم والعقل المتفتح .. والشخصية القيادية الفذة التي تتصف بالوعي والخبرة والتجربة المشهودة .
ننتخب من نظن أنه الأصلح .. ولكن لنفكر قبل أن تنتخب .. فصوتنا مسؤولية ... فلنصوّت بكل حرية... وننتخب الخيرين والنزهاء وذوي السمعة الطيبة ولنكن شيئاً ولا نكن لاشيء .. وكما يقولون : بدلاً من أن تلعن الظلام لنشعل شمعة تنير دربنا ودرب الآخرين ...
من كل ما تقدم لابد انك عرفت من ستنتخب ... انتخب الأردن
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com
الموقع الخاص بالكاتب : http://sites.google.com/site/faisaltayeh/home