عندما يحاول خمسة من الشبان الأردنيين او يهددوا او حتى يلوحوا تلويحا بالانتحار من أعلى عمارة قرب دوار الداخلية في عمان ، فهذا يعني أن هناك مشكلة شبابية مزمنة لا تحاول الحكومات حتى النظر اليها والأخذ بأسبابها والعمل ولو بحل جزء من تلك المشكلة .
محاولة الشبان الخمسة بالتأكيد لم تكن وليدة اللحظة ولا هي فزعة شبابية آنية ، ولا بد أنهم قد تباحثوا مطولا في هذا الشأن وبكيفية التنفيذ ، حتى ولو كانت مجرد لفت انتباه الحكومة والإعلام إليهم والى همومهم ، والى فئة الشباب الأردني بشكل عام ، العاطل عن العمل والعازف عن الزواج وبناء أسر أردنية جديدة ، والغير قادر على تأمين قوت يومه ، محاولة الشبان الخمسة ، كانت بالتأكيد الخيار الأفضل لهم بدل الانخراط والسير في دروب التطرف الفكري والعقائدي ، الذي لم يرتضوه لأنفسهم ولا لوطنهم ، وعلى الحكومة أن تكافئ هؤلاء الشبان الخمسة لاختيارهم الانتحار وسيلة للتعبير عن حالهم المعيشي الميؤوس ، حتى ولو كانت تلك مجرد رسالة أرادوا أن يوصلوها للحكومة ، لأنهم لم يفكروا باللجوء الى طرق ووسائل أخرى للتعبير عن عدم الرضى لواقع حالهم .
ان ما يعانيه الشباب الأردني بالتحديد من إحباط وتيه يقف خلف هذا التخبط الفكري الذي يقودهم في نهاية المطاف الى المغامرة بحياتهم ، أو على أقل تقدير تتساوى فيها عندهم الحياة بالموت ، كما أن انعدام الاستقرار النفسي نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي عاما بعد عام ، وضعف المداخيل المالية للشباب والأسر الأردنية وفقدان الثقة بالمستقبل ، يلعب دوراً محوريا خلف هذه الإفكار السلبية التي يعاني منها شبابنا ، ولا تتوقف أفكار الشباب في محاولات الانتحار فقط ، بل أن هناك الكثير من الانحرافات الاخلاقية التي قد يلجأ اليها بعض الشباب ، وما تلك الانحرافات ببعيدة عن نظرنا وسمعنا وجميعها ماثلة امامنا ، وقد آن الأوان للحكومة التي لا ترى ولا تسمع والقطاع الخاص المريض أن يكون لهم الدور الأبرز في كبح جماح الأفكار السوداوية لدى الشباب ، والتي ما كانت لتكون لو أن القطاعين يعملان معا وبالتوازي من اجل مصلحة عامة تنفع الوطن والمواطن .