طلب رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، الشباب الانتحاريين (الذين حاولوا الانتحار أول من أمس، بالقرب من دوار الداخلية) للقائه. وقد أنّبهم على هذا التفكير السلبي، وأكّد لهم أنّ الدولة لم ولن تتخلّى عن أبنائها الشباب، وأنّ الأمور في طور الانفراج.
حضر اللقاء وزير العمل، نضال قطامين، وساءله الرئيس غاضباً عن الأرقام الفلكية الوهمية التي يعلنها صباح مساء عن الحدّ من حجم البطالة وتشغيل الشباب، بينما ما يلمسه الناس هو عكس ذلك تماماً. وطلب د. النسور تقريراً علمياً من جهة حكومية عن الحجم الحقيقي لأرقام البطالة وفرص العمل التي تمّ توفيرها، ودور وزارة العمل في حماية قطاعات أساسية لصالح العمالة الأردنية.
بعد اللقاء، كانت وزيرة الثقافة بانتظار الرئيس، فسألها عن الشباب الخمسة، وعن غيرهم من آلاف الشباب الأردني الغارق في بحور المخدرات أو التطرف، إذ أصبح مسكوناً باليأس والإحباط جراء الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتساءل عن مدى إدراك وزارة الثقافة لذلك، ودورها في خدمة رسالة الدولة الثقافية والسياسية والإعلامية.
الرئيس همس لوزير الإعلام د. محمد المومني، أحد أبرز الوزراء المقرّبين منه، عن عدم رضاه عن أداء الإعلام الرسمي وعن مدى قدرة الدولة على صوغ الرسالة الإعلامية والوصول إلى الشريحة الواسعة من المجتمع، وطلب خطة متكاملة حقيقية لتأسيس نقطة تحول في الإعلام، ليكون منبراً وطنياً للجميع، تتاح من خلاله الفرصة للمعارضة والمثقفين ورجال الدين والوعاظ ليخاطبوا الشارع بطريقة حديثة جيدة، تتوافر على سقف عالٍ من الحرية الإعلامية والسياسية.
وبعد أن تناول الرئيس أمس غداءه، كان موعده مع عائلة الشهيد رائد زعيتر؛ إذ طلب لقاءهم ليؤكّد لهم أنّه لم ينس أبداً دماء ابنهم القاضي الشهيد، وأنّها في عنقه، ولن ينهي ولايته إلاّ ونتائج التحقيق المشترك قد ظهرت، وفُضحت إسرائيل على الملأ.
في المساء، وصلت رسالة (غير معلنة) من الرئيس إلى قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي، تؤكد لهم رغبة الحكومة في أن يشاركوا في الانتخابات النيابية المقبلة، مع ضمانات رفيعة وأكيدة بنزاهتها، وعدم تكرار ما حدث في العام 2007.
الرسالة تضمنت أيضا توضيحاً لأبعاد إغلاق مقرات جماعة الإخوان المسلمين، ومنحها للجمعية المرخصة، وأنّ ذلك يأتي فقط من باب "تطبيق القانون"، ودفع الجماعة نحو إصلاحات وطنية عميقة للخروج من نفق ما يسمى سرية الدعوة، ولفك الارتباط بالجماعة الأمّ في مصر، وللفصل بين العمل الدعوي والسياسي، ليستلهموا التجربة التونسية، وليصلوا إلى مرحلة متقدمة كحزب سياسي وطني معارض.
الرئيس أعاد التأكيد، في رسالته، على أنّ وجود المعارضة المنظمة القانونية المنضبطة، بخاصة إذا كانت إسلامية، هو ضرورة للدولة وللأمن الوطني، وأنّ البديل عن هذا النموذج هو "داعش" وأخواته، لذلك دعا الإسلاميين إلى مواقف فكرية وسياسية أكثر وضوحاً، وإلى تعاون مع الدولة ليملأوا مقعد المعارضة الشاغر في البرلمان المقبل.
في وقت متأخر من الليل، التقى الرئيس رؤساء الجامعات الحكومية، وأبدى امتعاضه وغضبه من التلكؤ في عملية إصلاح التعليم العالي، وأكّد لهم أنّ الدعم الحكومي للجامعات سيعود، ولن تقبل الحكومة بانهيار التعليم العالي. لكنّه -أي الرئيس- سيشكّل مجلساً لإنقاذ التعليم العالي من القيادات الأكاديمية المعروفة، مثل عدنان البخيت وكامل العجلوني ومحمد أبو قديس وعلي محافظة ووليد عبدالحي، وفهمي جدعان وغيرهم، ليضعوا خطة متكاملة، وتكون لهم صلاحيات إنقاذ التعليم وتطويره.
قبل أن يودّعه سأله وزير الإعلام د. محمد المومني، ما سرّ هذه الخطوات ومؤشراتها؟ فأجابه: "ثورة بيضاء؛ الإصلاح، وإلا سنغرق. إنّ محاولة خمسة شباب الانتحار لا يجب أن تمرّ هكذا".
انتبهتُ على طرقات الباب! حمودة يأتي بفنجان القهوة. أخرجني من أحلام اليقظة، لكنّه أوحى لي بفكرة هذا المقال!