زاد الاردن الاخباري -
أن للوالدين مقاماً وشأناً يعجز الإنسان عن إدراكهما فهما اللذان يربيان ويسهران ويتعبان ويضحيان من أجل أولادهما ، ينشئونهم ويربونهم ويعلمونهم ويزوجونهم.
وكما يقول المثل"قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر". اي ان تعب الاهل سرعان ما يذهب سدى في بعض الاحيان وليس دائما. يحدث ان يهجر الابن بيت اهله بمجرد ان يتزوج وينسى امه او اباه ويتركهما بحجة الانشغال بعالمه الجديد. وتبدو الامور عادية ان بقيت في الاطار العام. بينما لا تكون كذلك ان تحولت الى جفاء ونكران وعقوق.
هل تحتل الزوجة مكان الام ؟ وكيف يمكن التوازن بين رغبات الزوجة وحقوق الام؟
ام فيصل 74 عامآ والدة تقول ان الابناء سريعآ ما يتغيرون بعد الزواج في الوقت الحالي. ففي الوقت الماضي كان زواج الابن متعة كبيرة لكل ام. فكان يعيش هو وزوجته وسط اهله ويتقاسم همومه وسروره وكل اموره الحياتية وتصبح زوجة الابن وكانها ابنة لهم تساعدهم ويساعدونها. اما الان فسرعان ما يتجاهل الابن أهله ووالدته ويتحول الاهتمام الكامل الى زوجته وبيته لذلك معظم الامهات يلقين اللوم على زوجات ابنائهن ويشعرن ان ولدهن تغير عليهن واصبح يفضل زوجته ويفضل تنفيذ ما تمليه عليه زوجته من قرارات على قرارات والدته .
الخوف من فقدانه
تتولد حساسية عند الام بعد زواج ابنها خوفآ من ان ابنها قد اخذ منها وان الابن سوف يحترم زوجته ويودها اكثر من والدته هكذا وصفت ام حسين 57 عامآ والدة شعورها عندما تزوج ابنها .
مبينة ان ابنها الوحيد لها قبل الزواج كان لا يستطيع تناول الطعام من دونها ولكن الان اصبحت لا تراه الا في الاسبوع مرة واحدة وعندما تحادثه في الموضوع يرد عليها قائلآ ان مشاغل الحياة وقضاء بعض الوقت مع زوجته يجعل يومه ينتهي من دون ان يشعر. وتقول ان الحب النقي بين الابناء والامهات لا يغيره شيئا مهما كثرت مشاغل الحياة ولكن عندما اشعر ان ابني الذي افنيت حياتي له جاء من يأخذه مني اتمنى لو انني لم أزوجه في يوم من الايام .
مشيرة انه على الرغم من هذا الواقع الحياتي فهي راضية ولا تريد لابنها سوى ان يكون سعيدآ حتى وان كان ذلك يتحقق ببعده عنها .
وتعتقد روان محمد 27 عامآ ( زوجة ) ان بعد الابن عن والدته لا يعني ان الابن يفضل زوجته على اهله ولكن عندما كان الابن قبل الزواج لم يكن عليه مسؤوليات مطلوبة منه على العكس من بعد الزواج حيث يصبح لديه بيت واطفال وواجبات عليه القيام بها. لذلك تشعر الام ان ابنها قد بعد عنها واصبح يفضل زوجته عليها وترى روان انه يجب ان لا يوضع اللوم على الزوجة لتغيير سلوك الابن على والدته مؤكدة ان هذا الامر طبيعي وهو قصة كل بيت بعد زواج ابنائهم .
ومن جهة اخرى تجد سميرة 33 عامآ زوجة ان هذا الامر من الطبيعي جدا أن يحدث لانه ينتقل الى مرحلة جديدة في الحياة ويبدأ يلتفت الى وضع بيته والاستقرار . وهناك أسباب كثيرة لذلك ، ومنها انه سوف يتقاسم كل شيء مع شخص آخر يشاركه حياته ولا تعتقد سميرة أن الزوجة لها دور في تغيير الزوج ولا ان الزوج يتغير في تصرفاته كرهآ في اهله او والدته بل ان ظروف الحياة هي وراء كل ذلك .
وتذكر سميرة ان الفتاة ايضآ تتغير مع اهلها نظرآ للحياة الجديدة التي تنتقل اليها .
لم يتوقع ذلك
حسان احمد 30 عامآ متزوج من جهته ، لم يكن يفكر في أن تغييراً ما سيطرأ على علاقته بأهله بعد زواجه ، إلا أنه يقول: "لقد فوجئت بأنّ الأحوال تغيّرت تلقائيآ ما إن تزوجت. فبعد أن كنت أعول أهلي ، وأساعد في مصروف البيت ، تغيّرت خططي وتحوّلت إلى منزلي الذي أسسته لأعول زوجتي وابني . يقول"لم أعد أخرج مع أهلي للاستمتاع في نزهات أو رحلات ، ولا أرافقهم أيضاً في زياراتهم الإجتماعية ، ذلك أني اصبحت أفعل ذلك مع أسرتي الصغيرة. ويشير إلى أن "حياة العازب من الطبيعي أن تختلف عن حياة المتزوج ، وبالتالي تتأثر عاداته قبل الزواج مع أهله عن ما بعده ، لكنّه يصر على القول: "مازلت ابنهم الغالي ، ومازالوا الأعز على قلبي. ولقد أدركت حين رزقت بإبني ، كم تعذبوا في تربيتي وكم ضحوا لأجلي".
رأي الشرع
الدكتور ناصر جميل أستاذ علم اصول الدين والفقه يقول ان الأفضلية عند المسلم تكون للأم حتى ولو كان متزوجا استنادا لما جاء في الحديث الشريف أن رجلا قال للنبي محمد صلى الله عليه وسلم :"من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك ... ، إلا أن الزوجة تتقدم على الأم في شيء واحد وهو النفقة إذا كان الزوج لا يستطيع أن ينفق على زوجته وأمه معا لفقره ففي هذه الحالة تقدم وتفضل الزوجة على الأم ، وعلى المسلم أن يعطي كل ذي حق حقه ، وأن ينصر المظلوم ، فلو ظلمت أمه زوجته كفَّ ظلمها بالحسن وأنصف بينهما ولا يقهر والدته فعليه حقها ان يقوم به على اكمل وجه .
رأي علم الاجتماع
يقول وائل محمد دكتور علم اجتماع ان ماهية الزواج في لغة الاجتماع ، أن الزواج يمثل خطوة من خطوات دورة الحياة ، كونه من شعائر المرور إليها. وهو يقوم على مجموعة تغيرات تتناسب مع هذه الشعائر الخاصة ، وإلا بقيت حياة الابن امتداداً متواصلاً عادياً. الزواج هو حالة تصاحبها مجموعة تحوّلات اجتماعية ونفسية وقانونية . يضيف د. وائل وذلك ليثبت الإنسان أنّه بدأ يمثّل هذه المكانة الإجتماعية الجديدة ، ينتقل إلى بيت جديد ، ويصبح له عنوان سكن جديد ، ويصبح مسؤولاً عن زوجة وأولاد. كما تتولّد عنده مجموعة علاقات إجتماعية جديدة نتيجة المصاهرة ، ويكون هو أو هي في الوسط ، وبالتأكيد ، يكون لهذه العلاقة الجديدة صلة بأهله ولو انها في حقيقتها ، تخصه هو وحده بصفة مباشرة. تحولات ما بعد الزواج ، تتطلب في رأي الدكتور وائل الكثير من الجهد والوقت والكلفة الإجتماعية والنفسية ، لكي تتحقق بشكل مقبول ، إذا لم نقل بشكل مثالي. فبين أسرة الانتساب وأسرة الإنجاب نكتشف أنه مع الوقت ، عن قصد أو عن غير قصد ، تخف العلاقة تدريجياً كلما كبرت العائلة.
الدستور