لم يكن مستغرباً أن يتراجع النواب مساءً عن قرارهم "الصباحي" باستثناء "إسرائيل" من صندوق الاستثمار.
فالمجلس الذي أقسم أغلظ الأيمان بإسقاط حكومة النسور إذا لم تسحب السفير الأردني على خلفية استشهاد القاضي رائد زعيتر على يد الصهاينة، قرر أن يصوم ثلاثة أيام "كفارة يمين" بعد أن تراجع مساءً عن "أيمانه الصباحية".
كما أن قيام بعض النواب في الجلسة المسائية، بالاستماتة في الدفاع عن قرارهم بالتراجع عن استثناء "إسرائيل" من الصندوق، وتباهيهم بهذا الفعل برفع كلتا يديهم في إشارة إلى تفاخرهم بهذه الفعلة، بعد أن كانوا في الصباح الباكر يتسابقون على استقبال واحتضان وتقبيل الطفل أحمد الدوابشة الناجي الوحيد من المحرقة الصهيونية بحق عائلة الدوابشة. أقول إن قيام هؤلاء النواب بهكذا فعل متناقض لم يستوقفني كثيراً، فهذه سمة لن تجدها إلا في مجلس النواب السابع عشر.
ما استوقفني حقيقة هو ردة فعل المواطنين الأردنيين الذين تسابقوا على الوصول إلى الكيبورد وكتابة أقسى العبارات بحق النواب والقانون، واستخدام "المزاودة النضالية" للتعبير عن احتجاجهم. والتي انتهت بإطلاق "وسم" يرفض قرارات هذا المجلس وقانون صندوق الاستثمار.
لا مشكلة لدي في قصة النضال بالوسم والتغريد، وأعتبره جزءً هاماً من معركتنا نحو التغيير الديمقراطي. ولكن ما لاحظته هو أن البعض أصبح يجد في هذه الخطوات "الفيسبوكية والتويترية" الحل الأمثل والأنجع لمواجهة السياسات الحكومية..
شخصياً أرى أن الاكتفاء بأن يكون هذا الوسم أو التعليق أو "البوست" هو وسيلتنا الوحيدة للرفض والتغيير دون أن يصاحبه فعل حقيقي على الارض، يحمل أحد احتمالين: إما أنه محاولة للتنفيس عن الغضب الشعبي وبالتالي منع أية جهود حقيقية لمواجهة هذه السياسات الحكومية.
أما الاحتمال الثاني فهو أن يكون لدى هؤلاء خوف من تبعات لعب دور حقيقي على الأرض في التغيير واستسهال "النضال الكيبوردي".
الوسم والتغريد والبوست هي أدوات هامة وتساعد في عملية النضال على الارض، ولكنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلة عن النضال على الأرض وفي الشارع.