لا ينكر أحد أن منطقة الأزرق منكوبة تربوياً، وأنها تعاني الأمرين في بداية كل عام دراسي بسبب النقص الكبير في عدد المعلمين، وتحاول مديرية تربية الزرقاء الثانية جاهدة معالجة الأمر حسب طاقتها وصلاحياتها، ولكن الوضع يظل خارج السيطرة!!
تصنف الأزرق بأنها منطقة نائية طاردة للخبرات، تعاني من هزات تربوية وتعليمية طوال العام الدراسي، ولكنها في الفصل الأول أشد وتصل إلى درجة الزلزال أحياناً، إذا إن بعض المدارس يصل فيها النقص إلى 50% وبعضها قد يزيد عن ذلك، وتلجاً المديرية لتغطية النقص بالتعليم الإضافي الذي يبقى غير مستقر وخاصة في مدارس الذكور.
كما إن نسب النجاح في مدارس الأزرق متدنية، ولعل أهم الأسباب عدم توافر خبرات كافية عند المعلمين رغم أنهم يبذلون طاقتهم، ولكنهم في الأغلب الأعم من المعلمين الجدد الذين يعملون سنة أو سنتين ثم ينتقلون إلى مديريات أو مدارس أخرى، كما إن البيئة التعليمية غير المناسبة تعلب دوراً مهماً في تدني نسب النجاح، بالإضافة إلى قلة الوعي عند الطلبة وعدم متابعة الأهل بشكل مناسب. وهناك عوامل كثيرة أقل درجة مما ذكر آنفاً.
منطقة الأزرق ليست الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، فهناك مناطق أخرى مثل الأزرق وقد تكون أسوأ. وكل الحلول والمعالجات الآنية الجزئية، والفزعات لم تؤدي إلى أي تقدم يذكر في سبيل الحل الجذري للوضع التعليمي والتربوي المؤسف. والمطلوب البحث عن بدائل وحلول غير نمطية، حلول إبداعية، حلول تبتعد عن الدوران في الحلقات المفرغة، حلول تستهدف حل المشكلة من أساسها وفق رؤية خارجة عن المألوف وتستشرف المستقبل، مرتبطة بمصلحة الطلبة في مقدمة أولوياتها.
إن الحلول التي قد تساعد في حل المشكلة كثيرة، ومنها:
أولاً: إعطاء أولوية التعيين لأبناء منطقة الأزرق بغض النظر عن ترتيبهم في ديوان الخدمة المدنية، واعتبار منطقة الأزرق منطقة مغلقة وظيفياً، وخاصة للتخصصات التعليمية، وتعيين حملة الدبلوم للتدريس للمرحلة الأساسية.
ثانياً: منح كل من يتعين من خارج منطقة الأزرق علاوة خاصة لا تقل عن 100 دينار شهرياً، وتتزايد حسب بعد المنطقة جغرافياً، وتمنح زيادة سنوية خاصة مجزية لمن يستمر من المعلمين في الأزرق.
ثالثاً: صرف بدل مواصلات لكل المعلمين الذين يأتون من خارج الأزرق.
رابعاً: منح المعلمين من أبناء الأزرق علاوات خاصة لتثبيتهم في مدارس الأزرق.
خامساً: تحسين وضع السكن الوظيفي وتزويده بكافة المستلزمات.
سادساً: تخصيص سكن وظيفي عائلي للمعلمين من خارج الأزرق، وضرورة ضبطه ليخدم من يستحق.
سابعاً: تزويد مدارس الأزرق بكل ما يلزمها من أدوات ومختبرات وبنية تحتية وأبنية كافية، وإعطاء الأولوية لها مهما كانت الظروف.
ثامناً: صرف تغذية لجميع طلبة الأزرق ومعلميها.
تاسعاً: فتح مكتب ارتباط لمديرية التربية للمتابعة وإنجاز المعاملات المستعجلة.
عاشراً: قبول جميع طلبة الأزرق الناجحين في الثانوية العامة في الجامعات والكليات وعلى نفقة الدولة.
حادي عشر: صرف مياومات لكل موظف أو مسؤول تربوي يزور مدارس الأزرق، بشرط تقديم تقرير عن زيارته مدعم بالإثباتات والنماذج المعتمدة.
ثاني عشر: تشكيل مجلس تربية وتعليم من أهالي الأزرق لمتابعة المدارس والتعاون لحل مشاكلها.
ثالث عشر: إعطاء جائزة شهرية لأفضل معلم وأفضل معلمة وفق معايير متفق عليها.
أما الحل الجذري الذي أراه الأنسب والأفضل فهو أن تتبع جميع مدارس الأزرق إلى مديرية الثقافة العسكرية، لأنها الأقدر للتعامل مع ظروف مثل ظروف الأزرق، وبإمكانها توفير المعلمين وما تحتاجه المدارس والتغذية وغير ذلك. كما إنها الأقدر على المتابعة الإشرافية والإدارية. وهناك مناطق طبقت فيها هذه الفكرة وكانت ناجحة جداً، مثل الحسينية والقويرة وأذرح وغيرها.
وهذا الأمر إن تم، فإنه سيخدم طلبة الأزرق بشكل كبير جداً، وأقلها الانضباط واحترام الأنظمة والقوانين، وسينعكس ذلك على درجة التحصيل. كما أنه يشجع الطلبة على الانتظام، وسيجعل من الأهالي خير داعم ومتعاون مع المدارس، وستختفي مظاهر الفوضى والتسرب والتغيب.
إن منطقة الأزرق تستحق أن يعقد مؤتمر تربوي طارئ من أجلها وعلى أرضها، ليتم تشخيص الواقع وتدارس الحلول الممكنة، بحضور كافة الجهات المعنية وعلى رأسها وزير التربية والتعليم، وأن لا ينتهي المؤتمر إلا بحل نهائي للمشكلة، مهما كانت التكلفة.
كما إن من حق منطقة الأزرق أن تزار وتتابع من قبل المسؤولين في الوزارة، وخاصة مسؤولي الصف الأول، وأن تكون لهم زيارات مكثفة ودورية لمدارسها، والعمل على حل مشاكلها أولاً بأول.
الأزرق تستغيث يا وزير التربية والتعليم، الأزرق تستغيث يا أمناء الوزارة ومديري الإدارات، الأزرق تستغيث يا سامعين الصوت، الأزرق تستغيث يا أهل النخوة والنجدة والشهامة، الأزرق تستغيث يا جماعات وأحزاب ومصلحين وقادة رأي، الأزرق تستغيث أيها المرشحين لمجلس النواب، الأزرق تستغيث أيها الجامعات ومراكز البحث، الأزرق تستغيث ... فهل من مغيث؟؟!!
mosa2x@yahoo.com