الحزب فهو هو مجموعة الأفراد الذين يحملون نفس المعتقد السياسي والفكري ( ايدولوجيا ) في منطقة معينة ومتفقون على العمل سوية ضمن هيكل حزبي يتم الاتفاق عليه عند تأسيس الحزب .
اما الأيدولوجيا او كما يعرف بالمعتقد السياسي او الفكري فهي عبارة عن خلاصة منظمة من الافكار التي تجتمع لتشكيل رؤيا متماسكة وأسلوب للقياس الفكري للقضايا والمهمات المترتبة على فهم القضايا الخاصة بالجو العام اوبالحياة اليومية ، وهي ترتبط برؤى فلسفية سياسية بالشكل المتعارف عليه .
ولدى البحث في الوطن العربي حيث ان هناك 13 دولة عربية مصرح بها للعمل الحزبي وهي مقسمة حسب التصنيف الايدولوجي بالشكل التالي :
- القومية : حيث ان مؤسسي القومية العربية يتمثلون في الكواكبي والارسوزي ودروزة وساطع الحصري وميشيل عفلق
- الاشتراكية أواليسارية ومؤسس هذا الفكر هو كارل ماركس
- الاسلامية : وابرز مؤسسيه هو حسن البنا كمؤسس لجماعة الاخوان المسلمين
- الليبرالية والاقليمية والاجتماعية والطائفية : وهذا التصنيف يعتبر تصنيفا مائعا للايدلوجيات التي تكون مرنة وبحيث تعتبر الايدولوجيا الموضوعة للحزب بحيث تحمل الصفات الحميدة مثل العدل والمساواة والحق والخ للوصول الى هدف محدد معين وغالبا هو سلطوي .
وعند إستطلاع وقراءة النتيجة التي إستخلصها معظم المفكرين والجمهور نجد انهم قد اتفقوا على تعميم الفشل على الظاهرة الحزبية في الوطن العربي في نفس الوقت الذي لا يمكن تعميم فشل جيمع الايدولوجيات التي تحملها هذه الاحزاب ، حيث نجد انه يمكننا وبكل سهولة تعميم الفشل على جميع التجارب الحزبية العربية من حيث تطبيق الايدلوجيات والنتائج الملموسة على ارض الواقع .
وفي قراءة لتاريخ قصير للاحزاب التي قد مرت او اثرت او استقرت في الوطن العربي يمكن ومن خلال دراسة تجاربها ونتائجها على الصعيد الجماهيري نجد ان تحديد بعض ظواهر ومسببات الفشل في العمل الحزبي قد يكون موضحا بالاسباب الرئيسية التالية :
1- فشل الايدولوجيا نفسها مثل الايدولوجيا الماركسية حيث انهارت في مصنعها وأثبتت فشلا ذريعا في كل معاقلها وادت الى تخلف الدول التي مارست السلطة وفق هذه الايدولوجيا والامثلة كثيرة عربيا وعالميا .
2- فشل تطبيق الايدولوجيا وهذا ينطبق على الأحزاب الاسلامية التي استأثرت بعقيدة ناجحة بكل المقاييس واستخدمتها لانشاء الأحزاب الاسلامية ، وهنا لابد من الاخذ بأراء المفكرين اسلاميين حيث اكد معظمهم بأنه لا يجوز العمل على تأسيس حزب مبني على أيدولوجيا إسلامية حيث ان الاسلام بمفهومه هو أشمل من أيدولوجيا ولا يجب مصادرة و تحجيم الفكر الاسلامي في جماعة او حزب او تنظيم بل من المأمول ان يكون هو دستور كامل ومسار حياة يغني عن الحياة الحزبية من خلال المنظور القراني والسنة النبوية الشريفة ، بالتالي يدفعنا القول بأن فشل الاحزاب الاسلامية هو بوجودها أساسا .
3- تغول المصالح السلطوية على أعضاء الحزب مثل معظم الأحزاب الحاكمة في الوطن العربي حيث أن الأحزاب التي تبدء بالديموقراطية عند إنشائها تنتهي بأكبر ديكتاتورية وتصبح الانتخابات الرئاسية مجرد إجراء شكلي لا طعم ولا لون له .
4- تعدد الاحزاب ذات نفس الايدولوجيا وتكاثرها لأجل المصالح الخاصة بالغالب ، ففي حين ان الحكومات العالمية التي شكلت الاسس في الدولة على اساس الاحزاب كانت قد عملت بنظام الحزبين مثل امريكا ( الجمهوريين والديموقراطيين ) وبريطانيا ( العمل والمحافظين ) نجد ان في الاردن لوحده هناك 17 حزب مرخص .
5- فساد الايدولوجيا او عدم وجودها العملي أساسا ، بحيث يتم تجميع الايدولوجيا وتركيبها لتخدم مصالح خاصة مؤقته كما يحدث خلال الانتخابات البرلمانية في بعض الدول التي تعتمد نظام البرلمان الصوري حيث يتم العمل على إنشاء تجمعات داعمة لتيار مصالحي ذو اسس عشائرية او مناطقية او مصالح اقتصادية معينة ، وبانتهاء المصالح الشخصية للمؤسسين تنتهي الايدلوجيا وتطبيقاتها ومثالياتها .
6- الايدولوجيا الطائفية واستخدام التسهيل الحزبي لاغراض طائفية كما في احزاب لبنان والعراق حيث قامت هذه الاحزاب باكبر المذابح والهيمنة على الساحة الداخلية .
بالنهاية نحن أمام حالة من الضياع الفكري العربي حيث أن الجمهور العربي قد أيقن بأن مسارات السياسة العربية قد ارتكبت خطأ كبيرا بتقليد الحالة الغربية من حيث البحث عن أيدولوجيات وأحزاب في حين أن هويتنا الاسلامية وعروبتنا كمتلازمة واحدة لا تحتاج الى نخب لاستثمارها وتسويقها بل يجب العمل على السير بها وحسب الشخصية الاسلامية العروبية المختلطة بالتراث والحضارة الغنية بأسس التدبر والفكر العلمي .
حيث أدى الفشل الكبير لهذه الأحزاب الى انهاك طموحات الجمهور العربي والاعتقاد بأن سبب الهزائم والانحطاط العلمي وتحولنا لمجتمع مستهلك فقط للفكر ... يعود لفشل الأيدلوجيات أو التراث الاسلامي والعربي نفسه ، كما أدى ذلك الى تشتت واحجام المفكرين عن التعاطي مع قضية التراجع العلمي والتقوقع العالمي والهزائم المتتالية لنا بطريقتها الفلسفية الصحيحة وذلك لمحاولتهم القيام بتقويم ودارسة الحالة الحزبية وكيفية النهوض بها والاعتقاد بان الديموقراطية هي احدى نتائج اباحة الحزبية.
في حين أن الديموقراطية هي نتاج طبيعي لأي منظومة تقوم على احترام الفكر الانساني وتعمل لصالحه دون الربط الحتمي بوجود فكر مستأجر او مستورد بحيث يعمق المفهوم الديموقراطي ويربطه بالحرية المطلقة للتحزب طالما كان هناك منهج كامل وتراث اسلامي عروبي قادر على إيفاء كامل الاحتياجات الفكرية والذهنية للفرد دون محاولة ادخاله في اشكاليات وتناقضات مع دينه وعروبته وبحيث يمكن تجميع وتبادل الخطط القادرة على احياء هذا الفكر وتنشيطه وتحديث طرائقه دون تسليم فكري لايدولوجيات طارئة او مؤقتة او مرحلية .
جرير خلف