ابراهيم شاهزاده
وَعدتُ في مقال سابق ان اتحدث عن الاردني من شتى المنابت والاصول وعن المنتمي حقا لوطنه الاردن. وابدأ بذاتي الذي اتهمني احدهم تهمة، افتخر بها، بانني \"اردني اكثر من اللازم\"، فانا من مواليد الزرقاء من اب بنجابي الاصل من شمال شبه القارة الهندية وام من الناصرة في فلسطين. نشأتُ في الزرقاء وترعرعت في عمان. ومثلما انا فخور بانتمائي الى وطني الاردن فإنني في الوقت ذاته مزهو بجذوري وباسم عائلتي الذي توارثته ابا عن جد واورثته لابنائي واحفادي . ازواج بناتي الثلاث فلسطيني وسوري وسلطي الاصول اردنيو المواطنة والانتماء. بعض انسبائي واصدقائي ومعارفي هم علي وهاشم وروبير وجوزيف ونارت وينال وارتين وكيفورك و إبناء البلبيسي و البخاري والشيشاني والايراني والداغستاني ٍوالكركي والمعاني والحلبي والحموي والبيروتي والصيداوي. وبعض رؤساء حكومات وطني ومنذ عهد الامارة وحتى يومنا هذا هم رشيد طليع ومظهر ارسلان وعبدالله سراج وابراهيم هاشم وتوفيق ابو الهدى وسعيد المفتي وهزاع المجالي وسليمان النابلسي وحسين فخري الخالدي ووصفي التل واحمد طوقان واحمد اللوزي ومضر بدران وطاهر المصري واحمد عبيدات وغيرهم. ونعتز نحن الاردنيين ونفخر بان يُظلنا جميعا سُلاّنُ آلِ البيت من الهاشميين الابرار الذين تنزلت ببيوتهم سور الكتاب والذين يعلنون امام الدنيا كلها بأن من يفرق بين مواطن وآخر من شتى المنابت والاصول هو عدوهم حتى يوم الدين. والمواطن المنتمي هو الذي يحب الوطن ويتفانى في خدمته ويدرك دوره الأخلاقي والوطني والقومي والحضاري والإنساني تجاهه ويبادر لممارسة هذا الدور فعلا لا قولا. والمواطن الحق هو من يذود عن حمى الوطن الذي هو حمى اولاده واحفاده من بعده ويقف بالمرصاد ضد من تسول له نفسه المساس بموئله كائنا من يكون سواء من الداخل او من الخارج.
والمواطنة ليست حكرا على عشيرة او قبيلة . والمواطن المنتمي ليس الذي يحمل جواز سفر الدولة فقط يتنقل بواسطته في عواصم ومدن العالم يشتم منها وطنه و يشهّر به او الذي يتخذ من الوطن جناحا او غرفةً في فندق . والمواطنة الحقة هي تلك المبنية على قيم التسامح والتعايش المشترك والاحترام المتبادل والحوار البناء الذي لا يفسد للود قضية وبالمقابل احترام الدولة لحقوق مواطنيها فلا يستغفل بعض كبار المتنفذين فيها هذه الحقوق . المواطنة الصحيحة هي عندما تحلو الأرض في أعين ساكنيها، فينعمون بخيراتها، وثمراتها، ويطمئنون إلى وجودهم عليها، َتنبتُ لهم فيها جذورٌ تشدهم إلى الأعماق، ويثمرون حباً وتعلقاً وغيرة. فالحب انتماء وبناء، ولا يمكن أن ينتمي الإنسان إلى شيء لا يحبه، كما أنه لا يمكن أن يحب دون أن يشعر بالانتماء إلى ما يحب. وكما قال الفيلسوف جان جاك روسو : لا يمكن للوطن أن يقوم بغير الحرية، والحرية بغير الفضيلة، والفضيلة بغير المواطن. ورحم الله الشاعر والاديب مصطفى صادق الرافعي إذ قال:
ومن يظلم الاوطان او ينسَ حقها تجئه فنونُ الحادثات باظلم
وما يرفع الاوطانَ الا رجالُها وهل يترقى الناسُ إلا بسّلم
ومن يتقلّب في النعيم شقي به إذا كان مَن اخاه غيرَ مُنعّم
ورحم الله حفيد علي بن ابي طالب رضي الله عنه الشريف قتاده بن ادريس الذي قال:
بلادى وأن هانت على عزيزة ولو أننى أعرى بها وأجوع
وربما حان الآوان لنغيّر معا شعار \"المواطن اغلى ما نملك\" الى \" الوطن اغلى ما نملكُ\" ..... كُلنا
IShahzadah@ATV.JO